هو دون الحافظ كـ "المحدث" مثلًا، وهو ممن له حق التكلم في العلل والوفيات والأسانيد كما قال السُّبكي، (١) ويؤيده أن أحدًا من العلماء لم يصرح بشرطية "الحافظ" في "التصحيح" كما زعم الشيخ، وكل ما اشترطوه في ذلك هو المعرفة والأهلية، وهو ما نقله الشيخ نفسه عن النووي رحمه الله أنه قال في "التصحيح":
"والأظهر عندي جوازه، لمن تمكن وقويت معرفته" ومثله قول السيوطي في رسالة "التنقيح في مسألة التصحيح":
"ذكر الشيخ ابن الصلاح أن باب التصحيح انسَدَّ في هذه الأزمان، وخالفه النووي وكل من جاء بعده من الحفاظ إلى الحافظ ابن حجر، فاعترضوا على ابن الصلاح في مقالته، وجوّزوا التصحيح وأنه لا ينقطع ذلك ولا يمتنع ممن له أهلية ذلك، ثم منهم من رد كلام ابن الصلاح بأنه لا سلف له فيما قاله, ومنهم من رده بأنه مبني على القول بجواز خلو العصر عن مجتهد، وهو قول ساقط مردود، ومنهم من رده بأن أهل الحديث في عصر ابن الصلاح ومن بعده لم يزالوا مستمرين على التصحيح، فصححوا أحاديث لم يتقدم إلى تصحيحها أحد كأبي الحسن بن القَطَّان والضياء المقدسي وابن الموَّاق والمنُذري والدِّميْاطي والمِزيَ والنقي السُّبكي وغيرهم، وأطال ابن حجر في نُكَته المناقشة مع ابن الصلاح في ذلك".
وقال الحافظ ابن كثير في "اختصار علوم الحديث"(ص ٢٩) ما خلاصته: "ويجوز للمتبحر في هذا الشأن الإقدام على الحكم بصحة كثير مما جاء في المسانيد والمعاجم والفوائد والأجزاء من الحديث وإن لم ينص على صحته حافظ قبله، موافقة للشيخ النووي وخلافًا للشيخ أبي عمر"(يعني ابن الصلاح). وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر. بقوله:
(١) انظر التدريب (ص ٦) ويؤيده قول ابن الجوزي فيه (ص ٩٩).