ولو شئنا فقال المراد بالمشيئة ما هي تابعة له، ومسببة عنه كأنه قال ولو لزمها لرفعناه الخ قال النحرير: لما كان ظاهر الآية مخالفا لمذهبه دالاً على وقوع الكائنات بمشيئة الله تعالى أخلد إلى التأويل بجعل مشيئة الله مجازاً عن سببها وهو لزوم العمل بالآيات بقرينة الاستدراك بما هو فعله المقابل للزوم الآيات وهو الإخلاد إلى الأرض والميل إلى الدليا لكنه ذهب عن أنّ هذا مصير إلى المجاز قبل أو أنه لجواز أن يكون، ولو شئنا على حقيقته وأخلد إلى الأرض مجازاً عن سببه الذي هو عدم مشيئة الرفع بل الإخلاد وإنما ترك التعويل على عكازته في مثل هذا المقام، وهو حمل المشيئة على مشيئة القسر والإلجاء لأنّ الاستدراك بقوله، ولكنه أخلد لا يلائمه لفوت المقابلة. قوله:(فأوقع موقعه أخلد إلى الأرض واتبع هواه مبالغة) فإنّ الإخلاد إلى الأرض كناية عن الإعراض عن الآيات والكناية أبلغ من التصريح، وقوله حب الدنيا رأس كل خطيئة أي أصل لها، ووقع لبعض الناس تصحيف حسن فيه وهو حب الدينار بمعناه المعروف أي كل خطيئة أي أصلها. قوله:(فصفته التي هي مثل في الخسة (قال أبو حيان: المثل مشترك بين الوصف وما يضرب والمراد هنا الوصف العجيب المستغرب، وأشار المصنف إلى أن استعماله في تلك الصفة لأنها يتمثل بها وقد مرّ تحقيقه في البقرة، وقوله وهو راجع لأخ! أحواله أو للصفة لكونها بمعنى الوصف. قوله:) واللهث إذ لاع اللسان) بالدال والعين المهملتين أي إخراجه متتابعأ مع نفس عال لشدة
خفقان القلب الناشئ عن ضعفه، والمثل كما مز الصفة لا الحال والقصة ليقطع بأنه من تشبيه المركب بالمركب بل الظاهر أنه تشبيه لصفته بصفة الكلب، أو لنفسه بنفس في غاية الخسة والذلة، وذكر اللهث في كل حال لاختصاصه به ولأنه حال مستبشعة مكروهة لكن قد يفهم من جعل الشرطية حالاً من الكلب قيداً في التشبيه به أنّ التشبيه مركب، وكذا قول المصنف رحمه الله التمثيل قد يشير إليه. قوله:(والشرطية في موضع الحال الخ) قد مرّ على السفاقسيّ أن الشرطية تقع حالاً مطلقا لكن في الضوء أنّ الشرطية لا تكاد تقع بتمامها حالاً، فإذا أريد ذلك جعلت خبراً عن ضمير ذي الحال نحو جاءني زيد وهو أن تسأله يعطك فتجعل جملة اسمية مع الواو، لأنّ الشرط لصدارته لا يكاد يرتبط بما قبله إلا أن يكون هناك فضل قوّة، نعم يجوز إذا خرجت عن حقيقتها بأن عطف عليه نقيضه أو لم يعطف، ولا بذ في الأوّل من حذف الوأو نحو آتيك إن تأتني، أو لم تأتني لأنه يحول إلى معنى التسوية كالاستفهام، وأما الثاني فلا بد فيه من الواو نحو آتيتك وان لم تأتني إذ لو حذفت التبس بالشرط الحقيقي، وقال الطيبي: إنّ الآية من القسم الأوّل ولذا تركت الواو لأنّ المعنى حمل عليه أو لم يحمل (قلت (المعروف فيه ترك الجواب، وقيل الظاهر جعل الشرطية بياناً وتفسيراً للمثل كقوله:{كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ}[سورة آل عمران، الاية: ٥٩] وفيه نظر لأنّ التمثيل في الخسة لا في اللهث وعدمه فتدبر. قوله: (والتمثيل واقع موقع لازم التركيب الخ) المراد بالتمثيل مطلق التشبيه بالمعنى اللغوي، ويحتمل أن يراد معناه المعروف والمراد بلازم التركيب أنه لم يرفع بل أذل وأهين لازم الشيء يدل عليه بطريق البرهان، ويبينه أتم بيان فلذا قال للمبالغة والبيان ولأنّ التمثيل بالنسبة إلى أصل المعنى كناية وهي أبلغ من التصريح، والبيان لكونه تصويراً للمعقول بالمحسوس، ولذا قيل أراد بلازم التركيب ما هو بمنزلة نتيجته فإنّ مآله إلى صورة قياس استثنائي استثنى فيه نقيض المقدم وليس المراد به الاستدلال بانتفاء المقدّم على انتفاء التالي، حتى يقال إنه غير منتج لأنّ المقدم ملزوم للتالي، ولا يلزم من نفي الملزوم نفي اللازم بل المراد الإخبار بأنّ سبب انتفاء التالي في الخارج هو انتفاء المقدم فيه، ونظيره ما قيل في قوله النحاة لو لانتفاء الثاني لانتفاء الأوّل. قوله:) وقيل لما دعا على موسى صلى الله عليه وسلم خرج لسانه الخ) ذكر فيه ثلاثة أوجه في الكشاف الأوّل تشبيهه بالكلب في الخسة تشبيه مفرد بمفرد الثاني تشبيهه به في استواء الحالتين في النقصان، وأنه ضال وعظ أو لم يوعظ كالكلب يلهث حمل عليه أو لم يحمل والظاهر انه تشبيه مركب في هذا الوجه، والثالث التشبيه في اللهث، وهذا هو الوجه الذي ذكره المصنف رحمه الله فوجه التشبيه في الأوّلين عقليّ وفي الثالث حسيّ. قوله:(فاقصص القصص الخ)