قال النحرير الاستدراج استفعال من الدرجة بمعنى النقل درجة بعد درجة من سفل إلى علو فيكون استصعادأ، أو بالعكس فيكون استنزالاً وقد استعمله الأعشى في قوله: ليستدرجنك القول حتى تهزه
في مطلق معناه، وليس من استعمال المشترك في معنييه أي نقر بهم إلى الهلاك بإمهالهم وادرار النعم عليهم حتى يأتيهم وهم غافلون لاشتغالهم بالترفه، ولذا قيل إذا رأيت الله أنعم على عبده وهو مقيم على معصيته فاعلم أنه مستدرج. قوله:(حتى يحق عليهم كلمة العذاب (أي يجب عليهم كلمة العذاب وهي أمره به كقوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ}[سورة الحاقة، الآية: ٣٠] وهذا إن أريد بالعذاب عذاب الآخرة وقيل هو نكال الدنيا كالقتل. قوله: (عطف على سنستدرجهم الخ) وفي نسخة على نستدرجهم فهو داخل في حكم الاستقبال وحكم السين، وليس المراد بعطفه عليه إلا ذلك إذ لا يعطف على جزء كلمة حقيقة أو حكما، وقيل إنه مستأنف أي وأنا أملي لهم وفيه حينئذ خروج من ضمير المتكلم مع الغير المعظم نفسه إلى ضمير المتكلم المفرد، وهو شبيه بالالتفات كما قاله المعرب والظاهر أنه من التلوين. قوله:(إنّ أخذي شديدا لأن المتانة الشدة والقوّة ومنه المتن للظهر، وقوله: (سماه كيدا (قد قيل عليه إنه لا يخفى أنّ الأخذ وهو العذاب ليس بإحسان بل الذي ظاهره إحسان هو استدراجهم وامهالهم ليس إلا، فالظاهر أن يقول سماه كيداً لنزوله بهم من حيث لا يشعرون، ويمكن أن يقال الكيد ليس هو الأخذ بل الأنعام عليهم وامهالهم مع عصيانهم حتى يستحقوا العذاب، وأخذهم أشذ أخذ فمقدمته إحسان، وعاقبته إهلاك بعد خذلان فإضافة أخذي للعهد أي هذا الأخذ لمن هو غافل منهمك في لذته كذلك فتدبر. قوله:) روي الخ ((١ (هذا الحديث أخرجه ابن جرير وغيره عن قتادة بلفظ يصوّت ويموّت بمعناه، وكذا يهيت أيضا وأصله حكاية صوت، وهو أن يقول ياه ياه وهو نداء الداعي من بعد، وقوله: فخذا فخذا أي قوما بعد قوم يا بني فلان يا بني فلان كما ورد التصريح به فيه، وهو بعد نزوله قوله:{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [سورة الشعراء، الآية: ٢١٤، والفخذ من العشائر وأوّلها الشعب، ثم القبيلة، ثم الفصيلة، ثم العمارة، ثم البطن، ثم الفخذ، وقوله: (جنون (إشارة إلى أن الجنة مصدر كالجلسة بمعنى
الجنون، وليس المراد به الجن كما في قوله تعالى:{مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [سورة الناس، الآية: ٦، لأنه يحتاج إلى تقدير مضاف أي مس جنة أو تخبطها وما نافية، وقيل استفهامية والفعل معلق عنها وقيل موصولة والمعنى أو لم يتفكروا في الذي بصاحبهم من جنة على زعمهم، والقائل هو أبو لهب وكون هذا سبب النزول أحد قولين فيه، وقيل إنهم كانوا إذا رأوا ما يعرض له-ك! هـ من برحاء الوحي قالوا: إنه جن فنزلت. قوله: (موضح إنذاره بحيث لا يخفى على ناظر الخ (أي من اً بان المتعذي ومفعوله ما ذكر، وقال: على ناظر دون سامع لقوله أو لم ينظروا ولأنه أبلغ لجعله بمنزلة المحسوس المشاهد، ولما كان هذا تقريراً لما قبله من رسالته وتكذيبهم فيما قالوه وأمر النبوة مفزع على التوحيد ذكر ما يدل على التوحيد فقال:{أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ثم قال: {وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ} والمقصود التنبيه على أن الدلالة على التوحيد غير مقصورة على السماوات والأرض! بل كل ذرة من ذرات العالم دليل على توحيده: وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
وهذا معنى كلام المصنف رحمه الله وهو ملخص كلام الإمام، وقوله ليظهر تعليل للتعليل. قوله: (عطف على ملكوت الخ (الملكوت الملك الأعظم قيل فيكون هذا معمولاً لينظروا لكن لا يعتبر فيه بالنظر إليه أنه للاستدلال إذ قيد المعطوف عليه لا يلزم ملاحظته في المعطوف، وكون أن مصدرية قاله أبو البقاء: لكن النجاة قالوا: إن أن المصدرية لا توصل إلا بالفعل المتصرّف، وعسى غير متصزف وهو لا مصدر له فلذا مغ من دخولها عليه، ولم يدخل بعده اللام الفارقة لعدم اللبس فالأحسن أنها مخففة من الثقيلة، قيل ووقوع الجملة الإنشائية خبر ضمير الشأن مما يناقش فيه والمصنف رحمه الله يستمر عليه، واسم يكون ضمير الشأن على كل تقدير، وكان المانع من حمل هذا على التنازع أنه خلاف الأصل لما فيه من الإضمار قبل الذكر، وعنه غني لكن الثأن في ضمير الشأن فإنه من هذا القبيل مع التكرار هنا أي أن الثأن عسى أن