من جنسهم لا من أبدانهم، وقوله من ضلع من أضلاعها بدل بعض من قوله من جسدها، وليس على حد أكلت من بستانك من العنب، كما قيل وكونها خلقت من ضلعه مصرّج به الحديث على ما يعلم الخالق سبحانه وتعالى حقيقته. قوله:(ليأنى بها ويطمئئ إليها الخ) يعني إنه من السكن، وهو الإن! أو من السكون، والمراد به الاطمئنان ومثل للسكون للجزء بالسكون للولد، وأما السكون إلى الجنس فظاهر لأنّ كل شيء إلى جنسه أميل بالطبع، والوجهان مبنيان على التفسيرين الاثنين، فالأوّل على الأوّل، والثاني على الثاني. قوله:) وإنما ذكر الضمير ذهابا إلى المعنى ليناسب قلما تغشاها) يعني ضمير يسكن المذكر للنفس المؤنثة سماعا لأن المراد منها آدم عختن، فلو أنث على الظاهر لتوهم نسبة السكون إلى الأنثى، والمقصود خلافه. وقال الزمخشري أنّ التذكير أحسن طباقاً للمعنى، وان كان التأنيث أوفق باللفظ ولا خفاء في أنّ رعاية جانب المعنى أولى، ووجه الأحسنية الإيماء إلى أنّ الذكر هو الذي يميل في غالب الأمر إلى الأنثى، وأيضا خلق الذكر أوّلاً وجعل منه زوجه إزالة لاستيحاشه فكان نسبة المؤانسة إليه أولى، ولأنّ التغشي بمعنى المجامعة المخصوصة بالذكر فتفريعها عليه أن! سب بتذكيره فيرجح جانب المعنى، وهو معنى قول المصنف رحمه الله ليناسب الخ. قوله:(خف عليها الخ (المشهور أنّ الحمل بالفتح ما كان في بطن أو على شجر، والحمل بالكسر خلافه وقد حكى في كل منهما الكسر والفتح، وهو هنا إما مصدر فينتصب مفعولاً مطلقا أو الجنين المحمول فيكون مفعولاً به، وخفته إما عدم التأذي به كالحوامل أو على الحقيقة في ابتدائه، وكونه نطفة لا تثقل البطن. قوله: (فاستمرّت به وقامت وقعدت الخ (قرأها الجمهور بتشديد الراء ومعناه استمزت به كما قرئ به في قراءة الضحاك وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ولا وجه لما قيل) نه قلب
أي استمرّ بها حملها، وقرأ أبو العالية وغيره مرت بتخفيف الراء فقيل أصلها المشذدة فحففت، كما قيل ظلت في ظللت، وقيل: إنها من المرية أي الشك أي شكت في كونه حملا بإنسان أو مرضاً أو غيره، وقرأ عبد الله بن عمر والجحدري فمارت من مار يمور إذا جاء وذهب فهي بمعنى المشهورة، أو هي من المرية، فوزنه فاعلت وحذفت لامه للساكنين، وقوله: فظنت الحمل أي ظنت الحمل مرضا أو غير إنسان كما سيأتي. قوله: (صارت ذات ثقل الخ (أي الهمزة فيه للصيرورة، كقولهم أتمرو اللبن صار ذا تمر ولبن، وقيل: إنها للدخول في الفعل أي دخلت في زمان الثقل كأصبح دخل في الصباج، وفي قراءة المجهول الهمزة للتعدية، وهذا ناظر بحسب الظاهر إلى الوجه الثاني في الخفة، وقد ينطبق عليهما. قوله: (ولدا سوياً الخ (أي المراد بالصلاج عدم فساد الخلقة كنقص بعض الأعضاء وعلة ونحوه، وقوله على هذه النعمة المجذدة خصه بها لأنه الذي يتسبب عن الإيتاء فلا يقال لو حمله على جميع النعم، ويدخل فيه هذه كان أولى. قوله: (جعل أولادهما له شركاء فيما آتى أولادهما الخ الما كان المراد من النفس الواحدة وقرينتها آدم عليه الصلاة والسلام وحوّاء وهما بريئان من الشرك، وظاهر النظم يقتضيه ذهبوا فيه إلى وجوه، ذهب إلى كل منها قوم من السلف، فأوّل أوّلاً بتقدير مضاف في موضعين أي جعل أولادهما له شركاء فيما آتى أولادهما، إنما قدروه في موضعين هان كفى تقديره في الأوّل، واعادة الضمير على المقدر أوّلاً تقليلا للتقدير واستغناء عن إقامة الظاهر مقام المضمر، لأنّ الحذف هنا لم يقم عليه قرينة ظاهرة فهو كالمعدوم فلا يحسن عود الضمير عليه، وافراد ضمير سموه باعتبار لفظ ما، أو المراد سموا كل واحد على البدل، فما عبارة عن أولاد أولادهما، والمعنى جعلوا الأصنام شركاء له في أولادهم بإضافتهم العبودية إليها، وأورد عليه أنّ هذا من لازم اتخاذ هذه الأصنام آلهة ومتفرّع عليه لا أمر حدث عنهم لم يكن قبل فينبغي أن يكون التوبيخ على هذا دون ذلك، وليس بوارد لأنّ المقام يقتضي التوبيخ على هذا لأنه لما ذكر ما أنعم به عليهم من الخلق من نفس واحدة، وتناسلهم وبخهم على جهلهم، واضافتهم تلك النعم إلى غير معطيها وإسنادها إلى من لا قدرة له على شيء، ولم يذكر أوّلاً أمراً من أمور الألوهية قصداً حتى يوبخوا على اتخاذ الآلهة، وقيل عليه أيضا إشراك أولادهما لم يكن حين آتاهما الله صالحاً بل بعده بأزمنة متطاولة، وأجيب بأن كلمة لما ليست للزمان المتضايق بل الممتذ، فلا يلزم أن يقع الشرط والجزاء في يوم واحد أو شهر أو سنة، بل يختلف ذلك باختلاف