فخلطوا عليه فنزلت وكذا روى الشعبي وغيره، وهي تدل للحنفية في أنه لا يقرأ في سرية ولا جهرية لأنها تقتضي وجوب الاستماع عند قراءة القرآن في الصلاة وغيرها، وقد قام الدليل في غيرها على جواز الاستماع وتركه فبقي فيها على حاله في الإنصات للجهر، وكذا في الإخفاء لعلمنا بأنه يقرأ وإن لم نسمعه، وقال مالك رحمه الله تعالى ينصب في الجهرية ويقرأ في السرية لأنه لا يقال له مستمع، وقال الشافعيئ رضي الله تعالى عنه يقرأ في الجهرية والسرية في رواية المزنيّ، وفي رواية البويطي إنه يقرأ في السرية أتم القرآن ويضم السورة في الأوليين، ويقرأ في الجهرية أم القرآن فقط، وسبب نزول الآية كما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة فنزلت فالنهي إنما هو عن التكلم لا عن القراءة وهو معنى قوله نزلت الخ وكون الاستماع خارج الصلاة مستحبا متفق عليه، وقوله فأمروا باستماع الخ ظاهره أنه لا يقرأ وهو مخالف لمذهبه إلا أن يكون مراده أنه يستحب للإمام في الجهرية سكتتان سكتة بعد التكبير لدعاء الافتتاح، وسكتة بعد الفاتحة ليقرأ المقتدي كما نقل في الأحكام، وسيشير إليه المصنف رحمه الله، والوجه أن مراده أنها وردت في ترك الكلام لا في القراءة فلذا لم يتعرض! لها فلا يرد عليه ما ذكر، وقوله:(واحتج به من لا يرى الخ (وجه
الاحتجاج ما سمعته ولا ضعف فيه بل ظاهر النظم معه، والكلام عليه وما فيه مفصل في الفروع. قوله: (عامّ في الآذكار الخ (أي هو عاتم لكل ذكر، أو هو مخصوص بالقرآن والمراد به قراءة المقتدي سراً بعد فراغ الإمام عن قراءة الفاتحة، وأورد عليه أنه يكون قوله:{وَدُونَ الْجَهْرِ} تكرار والعطف يقتضي المغايرة، وفي كلام الإمام ما يدفعه حيث قال: المراد بالذكر في نفسه أن يكون عارفا بمعاني الأذكار التي يقولها بلسانه مستحضر الصفات الكمال والغز والعظمة والجلال، وذلك لا! الذكر باللسان عارياً عن الذكر بالقلب كأنه عديم الفائدة فتأفل. قوله: (متضرّعاً وخائفاً (أي هو حال بتأويله باسم الفاعل، أو بتقدير مضاف أي إذا تضرّع وخيفة، وأما كونه مفعولاً لأجله فلا يناسبه، وأصل خيفة خوفة. قوله:) ومتكلماً كلاما الخ (أي هو صفة لمعمول حال محذوفة لأنّ دون لا تتصزف على المشهور وهو معطوف على تضرّعا وقيل إنه معطوف على قوله في نفسك أي اذكره ذكراً في نفسك، وذكراً بلسانك دون الجهر الخ. قوله:) فوق السر ودون الجهر (قيل إنه احتراز عن الكلام النفسي، لا المخافتة، فالسز هو القلبي لا القولي، وقيل المراد بالسر تصحيح الحروف، وهو أدنى مرتبة المخافة فيتناول نوعا من كل منهما وذلك أدخل في الخشوع والإخلاص أو أراد به مطلق المخافتة، وبالجهر المفرط منه فيكون المأمور به ما فوق المخافتة، وما دون الجهر المفرط فيختص بنوع من الجهر، قال الإمام المراد أن يقع الذكر متوسطا بين الجهر والمخافتة كما قال تعالى:{وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}[سورة الإسراء، الآية: ١١٠] . قوله:) بأوقات الغدوّ والعشيات الخ الما كان الظاهر جمعهما أو إفرادهما أشار إلى أن الغدوّ مصدر، ولذا لم يجمع ولكنه عبر به عن الزمان كما في آتيك خفوق النجم وطلوع الشمس، وأنه يقدر فيه مضاف مجموع ليتطابقا لكن، في القاموس أن الغدوة تجمع على غدوّ فتحصل المطابقة، وفي الصحاح الغدوّ نقيض الرواح وقد غدا يغدو غدوّا وقوله تعالى:{بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} أي بالغدوات فعبر بالفعل عن الوقت كما يقال جئتك طلوع الشمس أي وقت طلوعها. قوله:(وقرئ والإيصال الخ (أي بالأفعال بالكسر مصدر أصل، إذا دخل في وقت الأصيل وهو والعشي آخر النهار، وهذه قراءة أبي مجلز واسمه لاحق بن حميد السدوسي البصري، وهي شاذة والآصال جمع أصل وأصل جمع أصيل فهو جمع الجمع وليس للقلة وليس جمعا لأصيل، لأنّ فعيلا لا يجمع على أفعال وقيل أنه جمع له لأنه قد يجمع عليه كيمين وأيمان،
وقيل إنه جمع لأصل مفرداً كعنق ويجمع على أصلان أيضا، وقوله مطابق للغدوّ أي في الإفراد والمصدرية لأنه مصدر آصل إذا دخل في الأصيل، وقوله يعني ملائكة الملأ الأعلى، فالمراد بالعندية القرب من الله بالزلفى والرضا لا المكانية أو المراد عند عرس ربك. قوله: (ويخصونه بالعبادة الخ) اعتبر العبادة فيه لأنّ السجود عبادة ولأنه تعريض بمن عبد غيره، وجعل التقديم للتخصيص الإضافي ليفيد التعريض المقصود، وقيل إنه للفاصلة والتخصيص من المقام وكذا