ما ذكره من أن أقلها ثلاثة فبين كلاميه تعارض وسيأتي تفصيله، ولإرادة الواحد من الطائفة قال لتندر بالإفراد ويتذكروا بالجمع كما صححوه هنا لكن وقع في نسخة ولينذروا، وقوله:(ليحذروا الا دخل له في الاستدلال قيل ولم يقيد بقوله واحدا أو اثنين كما قالوا في تقرير ألاستدلال لتعينه من كون الطائفة النافرة بعضاً من الفرقة مع أن الاستدلال لا يتوقف عليه لأنّ المقصود عدم بلوغها إلى حد التواتر، وقوله فرقتها أي الباقية. قوله:) وقد قيل للآية معنى آخر) قد مرّ تقريره، وظاهره أن الاستدلال إنما هو على القول الأوّل وقد عرفت أنه جار عليهما كما نقلنا ذلك عن كتاب الأحكام، وهذا القول قول ابن عباس رضي الله عنهما. قوله:(سبق المؤمنون إلى النفير الخ الأنهم كانوا لعاهدوا أن لا يتخلف أحد منهم عن جيش أو سرية كما مرّ وانقطاعهم عن التفقه لنزول الوحي، وحدوث الشرائع والأحكام في كل زمان، وقوله الجهاد ا! بر فسر كونه جهاداً أكبر بأنه هو الأصل يعني المطلوب من الجهاد إظهار الدين، وتنوير حججه والجهاد الأكبر يستعملونه بمعنى مجاهدة النفس لأنها أعظم عدوّ وأقوى خصم. قوله: (فيكون الضمير في ليتفقهوا الخ) قد مرّ ما قيل إنه لا بد على هذا من إضمار وتقدير أي نفر من كل فرقة طائفة وأقامت طائفة ليتفقهوا الخ ورده بأنه لا حاجة إليه، والضمير يعود إلى ما يفهم منه إذ يلزم من نفر طائفة بقاء أخرى، وقيل عليه انتظام الكلام يقتضي الإضمار إذ لولاه أفاد إن نفور الطوائف للتفقه وليس كذلك فإن أراد أنه بحسب الظاهر والمتبادر لم يلزم الإضمار، وإن أراد أنه لا يصح تعلقه به على أنه قيد وتعليل لمفهومه فلا وجه له. قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ} أي الذين يقربون منكم قربا مكانيا لا قربا نسبيا كما قيل وإنما خص الأمر بهم مع قولهم في أوّل السورة اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وتوله وقاتلوا المشركين، ولذا روي عن الحسن رحمه الله أن هذه الآية منسوخة بما ذكر لأنه من المعلوم أنه لا يمكن قتال جميع المشركين، وغزو جميع البلاد في زمان واحد فكان من قرب أولى ممن بعد، ولأن ترك الأقرب الاشتغال بقتال الأبعد لا يؤمن معه من هجوم على الذراري والضعفاء، والبلاد إذا خلت من المجاهدين وأيضاً الأبعد لا
حد له بخلاف الأترب فلا يؤمر به وقد لا يمكن قتال الأبعد قبل قتال الأقرب قال الإمام رحمه الله: إنما لم يقولوا بالنسخ لكون ترتيب نزول الآيتين على عكس ما قاله الحسن رحمه الله تعالى، ومن قال: لا حاجة إلى هذا في نفس النسخ لم يفهم مراده ثم إنه قال: قوله: {يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ} ظاهر في القرب المكاني، وقيل إنه عامّ له وللقرب النسبي، وقيل إنه خاص بالنسبي لأنها نزلت لما تحرج الناس من قتل أقربائهم ولا يخفى ضعفه، ولا إشعار في كلام المصنف رحمه الله به كما توهمه هذا القائل لأنّ مراده أنه أمر أوّلاً بإنذار عشيرته! لأنه كان بين أظهرهم فوجب عليه إنذار الأقرب فالأقرب قبل الأمر بالقتال، ثم بعد الأمر به كان على ذلك الترتيب أيضاً والذي غره قوله أحق بالشفقة فتدبر. قوله:(وقيل هم يهود الخ (قيل يرده كون السورة آخر ما نزل وفيه نظر. قوله: (وليجدوا فيكم غلظة) قالوا إنها كلمة جامعة للجراءة والصبر على القتال وشدة العداوة، والعنف في القتل والأسر وظاهرها أمر الكفار بأن يجدوا في المؤمنين غلظة والمقصود أمر المؤمنين رضي الله تعالى عنهم بالاتصاف بصفات كالصبر وما معه حتى يجدهم الكفار متصفين بها فهي على حد قولهم لا أرينك هاهنا كما مرّ تحقيقه، والغلظة ضد الرقة مثلثة الغين وبها قرئ لكن السبعة على الكسر، وقوله:(بالحراسة والإعانة) لأنه مع كل أحد، ولكن هذه معية خاصة وهو تأكيد وتعليل لما قبله، وقوله:(على إضمار فعل الخ (ويصير مؤخراً لأن الاستفهام له الصدر. قوله: (بزيادة العلم الحاصل من تدبر السورة الخ) لما دلت الآية على زيادة الإيمان بما ذكر، والمسألة مشهورة فمن قال بدخول الأعمال فيه فزيادته عنده ظاهرة، ومن لم يقل به ذهب إلى أنّ زيادته بزيادة متعلقه والمؤمن به وقيل التحقيق أن التصديق في نفسه يقبل الزيادة والنقص والثدة والضعف وليس إيماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصحابة رضي الله عنهم كإيمان* غيرهم، ولهذا قال عليّ كرم الله وجهه ورضي عنه