للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه وجهين أحدهما الشك في نفس الدين من أي الأديان هو وهذا إذا قلنا إنهم لا يعرفون دينه كما كانوا يقولون إنه صبأ فقوله وصحته وسداده بيان للدّين لكنه مستدرك لأنّ الكلام في حقيقة دينه لا في صحته وألا لم يطابق الجواب إذ ليس فيه ما يدل على صحته الثاني الشك في الثبات عليه أن قلنا إنهم عرفوه لكن طمعوا في تركه له، وعلى كلا الوجهين لا يكون الجزاء مرتبطا بالشرط بحسب الظاهر لأن شكهم في دينه ليس سبباً لعدم عبادته الأوثان وعبادة الله فلا بد من تأويله بالأخبار أي إن كنتم تشكون في ديني فأنا أخبركم باً ني لا أعبد الخ، وجزاء الشرط قد يكون مفهوم بالجملة الجزائية نحو إن تكرمني أكرمك وقد يكون الأخبار بمفهومه نحو إن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس أي إكرامك إياي سبب لإخباري بإكرامي إياك قبل كما قاله ابن الحاجب رحمه الله في قوله: وما بكم من نعمة فمن الله فإنّ استقرار النعمة ليس سببا لحصولها من الله بل الأمر بالعكس، وإنما هو سبب للأخبار بحصولها منه تعالى فكذا هذه الآية، وقوله لكنه مستدرك لا وجه له لأنهم كما لا يعرفون دينه لم يعرفوا صحته أيضا والجواب صالح لهما كما سنقرّره، وأما جعله سبباً للأخبار فيهما ففيه أنه على الوجه الأوّل مسلم وأئا على الثاني فليس كذلك لأنه بمعنى أني ثابت عليه لا أرجع عنه أبداً، وهو غير محتاج إلى جعل المسبب الأخبار كما في الوجه الأوّل كما أشار إليه الشارح المدقق ورجح الأوّل. قوله: (فهذا خلاصة ديني اعتقادا وعملأ الخ (العمل مأخوذ من العبادة والاعتقاد من قوله الله الذي يتوفاكم أي الإله الحق المميت المحيي وكون الاعتقاد من قوله وأمرت أن أكون من المسلمين بإدخاله في الجزاء مخالف لسياقه، ولا حاجة إليه وقوله فاعرضوها الخ إشارة إلى ارتباط الجزاء بالشرط بناء على أن الشك في صحته وما هو وهو أحد الوجهين المذكورين في الكشاف، وإشارة إلى أن ارتباطه به بالنظر إلى محصله وتأوبله بما ذكر وهو أنّ عبادتي لاله هذا شأنه، وعبادتكم لحجارة لا تضر ولا تنفع فانظروا في ذلك لتعرفوا صحة ديني وحقيقته وفساد ما أنتم عليه فلا حاجة على طريق المصنف رحمه الله تعالى لجعله من جعل المسبب الأخبار والأعلام كما جنح إليه الزمخشري لأن الجزاء عنده الأمر بعرض! ما ذكر على عقولهم والتفكر فيه، وقوله تخلقونه أي تصنعونه وعبر به زيادة في تحميقهم وضمير، وهو أني عائد على خلاصة لاكتسابه التذكير من المضاف وتعبدونه معطوف على تخلقونه. قوله:) وإنما خص التوفي بالذكر الخ) أي ذكر هذه الصفة دون غيرها من صفات الأفعال لأنه لا شيء أشد عليهم من الموت فذكر لتخويفهم، وقيل المراد أعبد الله الذي خلقكم ثم يتوفاكم ثم يعيدكم فذكر الوسط ليدل على الطرفين اللذين كثر اقترانهما به في القرآن. قوله: (بما دل

عليه العقل الخ) فقوله أمرت بمعنى وجب عليّ ذلك بالعقل والسمع أراد بالعقل التابع لما سمع من الشرع فلا يرد عليه أنه تبع فيه الزمخشري في قوله إنه أمر بالوحي والعقل فإنه نزغة اعتزالية لقوله بالحسن والقبح العقليين فهو كلمة حق أريد بها باطل فاعرت. قوله: (وحذف الجار الخ) تبع فيه الزمخشريّ ومراده أنّ الباء الجارة حذفت فإن نظر إلى مدخولها يكون حذفا مطرداً لأنّ الجار يطرد حذفه مع أن وان قطع النظر عنه يكون مما سمع لأنه سمع في بعض الأفعال عن العرب حذف الجار، ومنها أمر ونصح فاندفع ما ورد عليه أن تفسير المطرد بحذف حروف الجرّ مع إنّ وأن يقتضي اطراده قطعا فكيف يكون من غيره مع وجود شرط الاطراد. قوله: أمرتك الخبر فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نسب

هو من قصيدة الأعشى طرود، وقيل لعمرو بن معد يكرب، وقيل لخفاف بن ندبة، وقيل للعباس بن مرداس ومطلعها:

يا دارأسما بين السفح والرحب أقوت وعفى عليها ذاهب الحقب

ومنها:

واليوم قد قمت تهجوني وتشتمني فاذهب فما بك والأيام من عجب

وقد جمع فيه بين تعديته بنفسه وتعديته بالباء، والنسب بالنون، والسين المهملة وروي

بالشين المعجمة

<<  <  ج: ص:  >  >>