للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قراءة ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد وغيرهما، وقوله من اثنوني أي أنه مضارع ماضيه هذا فهو مأخوذ منه بزيادة حرف المضارعة. قوله: (وتثنون وأصله تثنونن من الثن وهو الكلأ الضعيف (أي قرئ تثنون بتاء مثناة ثم ثاء مثلثة ساكنة ثم نون مفتوحة تتلوها واو مكسورة بعدها نون مشذدة وهذه

القراءة نسبت لابن عباس رضي الله تعالى عنهما وعروة وغيرهما، وأصله تثنونن على وزن تفعوعل من الثن بكسر الثاء وتشديد النون وهو ماهش، وضعف من الكلأ قال:

تكفي اللقوح أكلة من ثن

وصدور مرفوع على أنه فاعله ومعناه إمّا أنّ قلوبهم ضعيفة سخيفة كالنبت الضعيف فالصدور مجاز عما فيها من القلوب أو أنه مطاوع ثناه لأنه يقال ثناه فانثنى واثنونن كما صرّج به ابن مالك رحمه الله تعالى في التسهيل فقال وافعوعل للمبالمغة، وقد يوافق استفعل ومطاوع فعل ومثلوه بهذا الفعل فالمعنى أن صدورهم قبلت الثني فتكون بمعنى انحرفت ومعناه يرجع إلى قراءة الجمهور ومن الخطأ الغريب ما قيل الكلأ بوزن جبل العشب رطبه ويابسه، وفي القاموس الثن بالكسر يبيس الحشيش إذا كثر وركب بعضه بعضا، وعلى هذا فقول المصنف رحمه الله شالى أو مطاوعة صدورهم للثني لا يلائمه إذ الظاهر أنّ المطاوعة في الرطب أكثر واليبيس ينكسر في اكثر إذا قصد تثنيه لأنه ظن أنهما وجه واحد، ولم يتنبه لأنه وجه آطخر مصرّح به في كتب النحو ثم بعد إرخاء العنان فاعتماده على القاموس وترك ما ذكر. المصنف رحمه إلله تعالى، وهو أنه ضعيف النبات وهشه وإن لم يكن يابسا مع أنه هو الذي صرّح به إمام اللغة ابن جني في كتاب المحت! سب وأغرب منه ما قيل إنه أراد بركوب بعضه لبعض انعطاف بعضه على بعض بالانحناء كما هو شأن الكلأ إذا شرع في اليبس وذلك هو المطاوعة وهو مراد المصنف وحمه الله تعالى لا أنّ فيه ثنيا بعد اليبس، والملاءمة ظاهرة. قوله: (وتثئمق من اثنأن كابيأض بالهمزة) أي وقرئ بذلك كتطمئن، وفيه وجهان أحدهما أنّ أصله اثنأنّ كاحمأرّ وأبياض! ففرّ من التقاء الساكنين بقلب الألف همزة! مكسورة، وقيل أصله تثنونّ بواو مكسورة فاستثقلت الكسرة على الواو فقلبت همزة كما قيل في وشاح أشاح فعلى الأوّل لجكون من الافعيلال وعلى هذا هو من باب افعوعل، ورجح الأوّل باطراده، ولذا اقتصر عليه المصنف رحمه الله تعالى. قوله: (وتثنوى) كارعوى قرأ بها ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقيل إنها غلط في النقل لأنه لا معنى للواو في هذا الفعل إذ لا يقال تنوته فانثوى كرعوته فارعوى، ووزن ارعوى من غرلحب الأوزان، وفيه كلام في المطوّلات، وبقية القرا آت مفصلة في الدرّ المصون، ومن غريب القرا آت هنا أنه قرئ مثنون بالضم واستشكلها ابن جني رحمه الله تعالى بأنه لا يقال أثنيته بمعنى ثنيته، ولم يسمع في غير هذه القراءة. قوله: (من الثه سرّهم) وفي نسخة بسرّهم ذكروا في متعلق هدّه اللام وجهين الأوّل أنه متعلق بيثنون وعليه جماعة من المفسرين وهو الظاهر والثاني أنه متعلق بمحذوف أي ويريدون ليستخفوا لأنّ ثني الصدر والإعراض إظهار للنفاق فلا يصح تعليقه بذلك لأنه لا يصلح سبباً له فلذا قدر له، ويريدون على أنها معطوفة على ما قبلها لا أنها حالية وان كان أظهر بحسب المعنى، ولذا قيل لا وجه لتقدير الواو ويشهد له ما نقل عن الزمخشريّ إنّ المعنى يظهرون النفاق، ويريدون مع ذلك أن يستخفوا، ومن لم يدر وجهه

اعترض عليه والمصنف رحمه الله تعالى رأى أنه لا حاجة إلى التقدير إذ يصح تعلقه بما قبله لكنه قيل إنه على المعنيين الأوّلين ليثنون ظاهر فإنّ انحرافهم عن الحق بقلوبهم، وعطف صدورهم على الكفر وعداوة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعدم إظهارهم ذلك يجوز أن يكون للاستخفاء من الله لجهلهم بما لا يجوز على الله تعالى، وأمّا على المعنى الثالث فالظاهر أنه لا بدّ من التقدير إلا أن يعاد ضمير منه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي ذكره في الوجهين الأولين من كلام المصنف رحمه الله تعالى لتقديره متعلقاً له فليس خلاف الظاهر كما توهم، وقال أبو حيان الضمير في منه لله، وسبب النزول يقتضي عوده للرسول صلى الله عليه وسلم لأنها نزلت في بعض الكفار الذين كانوا إذا لقيهم النبيّ صلى الله عليه وسلم تطأمنوا وثنوا صدورهم كالمستتر وردّوا إليه ظهورهم، وغثوا وجوههم بثيابهم تباعدا منه، وكراهة للقائه، وهم يظنون أنه يخفى عليه صلى الله عليه وسلم (١)

<<  <  ج: ص:  >  >>