في كلام من يوثق به، وجريان بفتح الجيم، وكسر الراء المهملة، وتشديد الياء منقول من اسم طوق القميص والطارق معلوم ما يطلع ليلاً، والذيال من ذوات الأذناب وقابس بقاف وموحد وسين مقتبس النار وعمودان تثنية عمود، والفليق نجم منفرد، والمصبح وما يطلع قبيل الفجر، والفرغ بفاء وراء مهملة ساكنة وغين معجمة نجم عند الدلو ووثاب بتشديد المثلثة سريع الحركة، وذو الكتفين تثنية كتف نجم كبير، وهذه نجوم غير مرصودة خصت بالرؤيا لغيتهم عنه، وكان بين رؤياه ومسير إخوته إليه أربعون سنة، وقيل ثلاثون سنة، وفي الكشاف أخر الشمس والقمر ليعطفهما على الكواكب على طريق الاختصاص بيانا لفضلهما واستبدادهما بالمزية على غيرهما من الطوالع كما أخر جبريل وميكائيل عن الملائكة ثم عطفهما عليها لذلك، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع أي رأيت الكواكب مع الشمس والقمر، وتركه المصنف رحمه الله لأنه قيل عليه إنّ أحد عشر كوكبا يتناول الشمس، والقمر فليس من القبيل المذكور وانّ النحاة اتفقوا على أنّ عمرا في نحو ضربت زيدا وعمرا لا يصح أن يكون مفعولاً معه لظهور العطف الذي هو الأصل من غير مانع منه، وأجيب بانّ التناول غير لازم لأنّ إفادته
المبالغة من العطف الدال على المغايرة، والتنبيه على أنهما من جنس أشرف، وقد كان يمكنه أن يقول ثلاثة عشر كوكبا فلما عطف دل على فرط اختصاص واهتمام بشأنهما لزيادة الفائدة لاخراجهما عن ذلك الجنس، وجعلهما متغايرين بالعطف، والعدول عن مقتضى الظاهر كما في المستشهد به، وإن كان الوجه مختلفا، وفي بعض الحواشي، وتخصيصهما بالذكر، وعدم الادراج في عموم الكواكب لاختصاصهما بالثرف، وتأخيرهما لأنّ سجودهما أبلغ وأعلى كعباً فهو من باب لا يعرفه فلان ولا أهل بلده، وقيل إنه رشح معنى الاختصاص بالمبالغة في التغاير كأنهما جنسان لا فاضل بينهما ولا مفضول، وهو وجه حسن أيضاً وإنما لم يرد على أسلوب غيره لأنّ ذكر العدد لأمر مقصود يفوت بتركه لأنه به تطابق الرؤيا، والتعبير، وأمّا أمر المعية فغير مسلم، ولو سلم فواو العطف تدل على المعية، وهو أصل معناها ولذا صرّح به في قوله:{أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ}[سورة المائدة، الآية: ٣٦] وفيه تأمّل.
قوله:) استئناف لبيان حالهم الخ (جعله بعضهم تأكيداً للأولى تطرية لطول العهد كما في قوله: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ}[سورة المؤمنون، الآية: ٣٥] وبه يسلم من أن رأي الحلمية كالعلمية تتعدى لمفعولين، ولا يحذف ثانيهما اقتصارا، وعلى الوجه الأوّل يلزم حذفه من رأيت الأولى، واختار المصنف رحمه الله تبعا للزمخشريّ أنه جواب سؤال مقدر فيكون تأسيسا وهو أولى من التأكيد، وأفا الاعتراض! عليه بما مرّ فلعله لا يراه متعديا لمفعولين، وساجدين عنده حال أو يقول بجواز ما منعوه فيها. قوله: (وإنما أجريت مجرى العقلاء) يعني في ضميرهم، وجمع صفتهم جمع مذكر سالم، وصفات العقلاء هي السجود، وهو إتا استعارة مكنية بتشبيههم بقوم عقلاء مصلين والضمير، والسجود قرينة أو أحدهما قرينة تخييلية، والآخر ترشيح أو استعارة تصريحية، والتصغير هنا يدل على الشفقة ولذا سماه النحاة تصغير التحبيب كما قال بعض المتأخرين:
قد صغر الجوهر في ثغره
لكنه تصغير تحبيب. قوله: (فيحتالوا لإهلاكك حيلة الخ (إشارة إلى أنّ كاد متعدّ بنفسه
كما في قوله فكيدوني، وجعل اللام زائدة كجعله مما يتعدى بنفسه، وبالحرف خلاف الظاهر فلذا حمله على تضمين ما يتعدى بها، وهو الاحتيال فيقيد معنى الفعلين معاً فيكون هذا توطئة لما سيأتي، ويحتمل أن يريد أن الكيد والحيلة متقاربان فحمل على مناسبه في التعدية، وهو
وجه آخر لكن الظاهر الأوّل، ويكيدوا منصوب في جواب النهي، وكيداً مصدر مؤكد، وقيل إنه مفعول به، ومعناه يصنعون لك كيداً، وهو ما يكاد به فلك حال أو اللام للتعليل، وفهم يعقوب عليه الصلاة والسلام ذلك لعلمه بالتعبير، ولدلالة خضوع الإجرام العلوية له على ذلك، وقوله أن الله يصطفيه لرسالته أي لنبوّته لأنه لم ينقل له شريعة مستقلة فكونه فوق إخوته إفا بالملك أو لتفاوت مراتب النبوّة، وخوفه حسدهم إما لعلمهم بالتأويل أو لاحتمال تعب بينهم لذلك. قوله: (والرؤيا كالرؤية (ليس المراد التشبيه في تمام المعنى، وجميع الوجوه بل في كونها مصدر رأي