قهار لا يشاركه في الأمر غيره كانوا على خطر إذ لا مقاوم له، ومجبر ولا مغيث سواء، وشفاعة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لكونها بإذنه منه أيضاً فلا ينافي ما ذكر ثبوت شفاعتهم للعصاة. قوله:(مقزنين) هو حال إن كانت رأي بصرية، ومفعول ثان إن كانت علمية، وفي الأصفاد متعلق به أو بمحذوف على أنه حال أو صفة له، والمقرّن من جمع في قرن، وهو بفتحتين الوثاق الذي يربط به، وقوله قرن بعضهم بالتشديد والتخفيف، وقوله بحسب مشاركتهم في العقائد أي بضم كل لمشاركه في كفره وعمله كما في المثال:
إنّ الطيور على أشباهها تقع
وقوله:{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[سورة التكوير، الآية: ٧] فمعناه قرنت مع نوعها زوجا زوجا وسيأتي لها تفسير آخر، وقوله أو قرنوا مع الشياطين لقوله فوربك لنحشرنهم والشياطين،
وقوله مع ما اكتسبوا أي مع جزائه أو كتابه أو أعماله تجسم، وتقرن بهم كما قيل به أو هو تمثيل بأن شبه جزاء ما اكتسبته جوارحهم باقترانهم، وتلبسهم بها وذكر الأيدي، والأرجل مضمومة للرقاب وارد في الأثر فإذا ذكره المصنف رحمه الله تعالى. قوله:) متعلق بمقرّنين (فهو ظرف لغو وهذا لكونهم مقرنين مع غيرهم وكونه حالاً مستقرّ ناظر إلى كون أيديهم، وأرجلهم قرنت برقابهم ففيه لف، ونشر. قوله: (والصفد القيد (أي الذي يوضع في الرجل، والغل بالضم هو ما في اليد، والعنق وما يضم به اليد، والرجل إلى العنق، ويسمى جامعة، وهو المذكور في الشعر فمن قال في تفسيره إنّ قوله يعض خبر زيد بعد خبر أو صفة صفادا، وحال من ضمير لاقى أي زيد يعض على ساعده تارة، وعلى ساقه أخرى ليتخلص من الوثاق فلا شاهد فيه حينئذ لم يصب إذ المراد أن الغل جمعهما جمعا مثبتا حتى كأنه يؤلمه بعض ساعده، وساقه، وزيد الخيل زيد بن مهلهل الطائي أضيف إلى الخيل لفروسيته، وهو صحابيئ رضي الله تعالى عنه " قدم على النبتي صلى الله عليه وسلم فسماه زيد الخير وقال له ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته إلا دون صفته غيرك " ومن هذا أخذ الشاعر قوله:
حتى التقينا فلا والله ما سمعت أذني بأطيب مما قدرأي بصري
وقد وقع للزمخشريّ، والشريف ابن الشجري فييته قصة مذكورة في طبقات النحاة.
قوله:) وجاء قطران وقطران) استغنى عن ضبط قراءة العامّة التي ابتدأ بها على عادته، وهي بفتح القاف، وكسر الطاء لأنّ شهرتها قراءة ولغة تغني عن التصريح بها ثم ثنى بفتح القاف، وسكون الطاء بوزن يى محران وثلث بكسر القاف وسكون الطاء بوزن سرحان، وقوله وجاء أي في اللغة إذ لو أراد غيره لقال قرئ على عادته فلا يرد عليه أنّ الأخيرة لم يقرأ بها كما في الدر المصون، ولا ألغاز في كلامه كما قيل. قوله:(وهو ما يتحلب من الأبهل) أي يتقاطر منه كالصمغ، والأبهل بضم الهمزة، والهاء وباء ساكنة بينهما اسم شجر قيل هو العرعر وقيل غيره،
والزفت نوع منه كما شاهدناه في الديار التي يصنع فيها، وقوله فتهنأ بضم التاء الفوقية، وسكون الهاء، وفتح النون وفي آخر. همزة مقصورة من الهناء كالطلاء لفظا ومعنى، ومنه المثل يضع الهناء مواضع النقب لمن يضع الشيء في محله، وهو معروف، وقوله كالقميص إشارة إلى أنّ سرابيلهم من التشبيه البليغ وقيل إنه استعارة هنا، وفيه نظر، وقوله ووحشة لونه أي قباحته، وهو استعمال عامّي يقولون فلان وحش أي قبيح كما قال بعض المتأخرين رحمه الله تعالى عليهم:
ووحشة بيننما يحرّكها مرّالنوى فهي دائما وحشة
وكذا ما في قوله من الهيئات الوحشة بكسر الحاء صفة منه، وأصل معنى الوحشة الانفراد، والهمّ من الوحش، وهو القفر، وقوله التفاوت بين القطرانين أي قطران الدنيا، والآخرة. قوله:(ويحتمل أن يكون تمثيلاَ لما يحيط بجوهر النفس الخ) فشبه النفس المتلبسة بالملكات الرديئة كالكفر، والجهل، والعناد والغباوة بشخص لبس ثيابا من زفت، وقطران، ووجه الشبه تحلى كل منهما بأمر قبيح مؤذ لصاحبه يستنكره عند مشاهدته، ويستعار لفظ أحدهما للآخر استعارة تمثيلية مركبة، وقوله فيجلب الخ إشارة لوجه الشبه. قوله:) وعن يعقوب) أي روي عن يعقوب رحمه الله تعالى، وهو أحد القرّاء المعروفين أنه قرأ من قطران على أنهما كلمتان منونتان أولاهما قطر بفتح القاف، وكسر الطاء كما في الدرّ المصون