إنا نحن نزلنا الذكر فإنه رذ لإنكارهم، واستهزائهم ىلمجب! ، ولعل من يراه يجعل الاستهزاء من قوله تعالى:{إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}[سورة الحجر، الآية: ٦] لا من هذا فتأمل. قوله:(والمعنى أنك لتقول قول المجانين (إشارة إلى
أن تشبيهه بما ذكر لأجل قوله المذكور لا لما يظهر عليه من شبه الغشي حين ينزل عليه الوحي لأنّ هذا هو المناسب للمقام وقوله لمعنيين أي على طريق البدل لا معا، والمعنى لأحد معنيين، وقد بينا في النحو. قوله: (بالياء ونصب الملائكة على أن الضمير لله) وفي نسخة بالياء مسنداً إلى ضمير اسم الله فاسم مقحم كما في قوله: {إِلَى الْحَوْلِ}[سورة البقرة، الآية: ٢٤٠] ثم اسم السلام عليكما وأورد عليه أنّ قراءة الياء لم يقرأ بها أحد من العشرة، ولم توجد في الشواذ أيضا والمصنف رحمه الله تعالى بنى تفسيره عليها، وحكى قراءة السبعة بصيغة التمريض، وفوله تنزل الخ أي أصله تتنزل بتاءين، ورفع الملائكة فحذفت إحداهما تخفيفاً، وفي نسخة بمعنى نزل أي بمعنى الثلاثيّ ولو حمل على ظاهره كان أولى. قوله:(١ لا تنزيلاَ ملتبساً بالحق الخ) يعني أنّ الباء للملابسة، والجار والمجرور صفة مصدر محذوف مستثنى استثناء مفرغا، وجوّز فيه الحالية من الفاعل، والمفعول وفسير الحق بمقتضى الحكمة، وهو أن لا يشاهدوا ليكون إيمانا بالغيب، وقوله فإنه لا يزيدكم إلا لبساً أي كونهم يشاهدونه بصورة البشر لأنّ البشر لا يقوى على رؤية الملك بصورته فإن تمثل بشراً التبس عليهم أيضا كما قال تعالى:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ}[سورة الأنعام، الآية: ٩] وعدل عن قوله في الكشاف ولا حكمة في أن تأتيكم عيانا تشاهدونهم، ويشهدون لكم بصدق النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنكم حينئذ مصدقون عن اضطرار لأنّ ما ذكره أوفق بالآية الأخرى وما ذكره الزمخشريّ مبنيّ على النزول بصورهم الحقيقية، وهذا على التمثيل بالصورة البشرية، ولا منافاة بينهما، وفي وجه الحكمة إشارة إليه على ما قرّرناه فليس في كلامه ردّ عليه كما توهم. قوله:(ولا في معاجلتكم) معطوف على قوله في أن تأتيكم، وهذا ناظر لقوله للعقاب كما أنّ الذي قبله ناظر لقوله فيكون معه نذيراً وهذا مما زاده على الكشاف كما أنّ الوجهين المذكورين بقيل ناظران لهما على اللف، والنشر أيضاً. قوله:(جواب لهم وجزاءا لأنّ وضعها لذلك، وبين
كونها جزاء بتقدير الشرط لأنها ظاهرة في جواب طلب نزول الملائكة التسليمي ومعنى الأنظار إمهالهم، وتأخير عذابهم. قوله: (ولذلك كده من وجوه) هي أنّ، والجملة الاسمية، وتقديم الضمير ويزيده قوّة ضممير العظمة، وقوله والنقص أي نقص الكلمات لا السور فإنه لا يخل بالإعجاز كما لا يخفى وقوله أو نفي تطرّق الخلل الخ عطف على ما قبله بحسب المعنى أي حفظ بنفي التحريف الخ أو نفي تطرق الخلل الخ والفرق بين الوجهين أنّ الأوّل بالنظر إلى أوائل نزوله، وهذا إلى أواخره، والأوّل ناشئ من الإعجاز وهذا ناشئ من كونه ليس من كلام البشر كما أشار إليه بقوله بأنه المنزل له، وقوله أن يطعن فيه أي طعنا معتدّا به مسلما، ويحتمل حفظه مما يشينه من تناقض، واختلاف لا يخلو منه الكلام المفتري كقوله:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا}[سورة النساء، الآية: ٨٢] وفي قوله بأنه المنزل له إشارة إلى أنّ الجملة الثانية مقرّرة للأولى لأنها كالدليل عليها لكن لتضمنها معنى زائداً عطفت عليها فتدبر، وكون الضمير للنبيّ صلى الله عليه وسلم خلاف الظاهر فلذا مرضه. قوله:(في شيع الأوّلين (أي شيع الأمم الأوّلين، وقيل إنه من إضافة الصفة للموصوف، وقوله من شاعه أي هو مأخوذ من المتعدّي لأنه الذي يدلّ على التبعية وأمّا شاع الحديث اللازم فهو بمعنى انتشر واشتهر، والشياع بكسر الشين، وفتحها صغار الحطب فالشيعة بمعنى الاتباع أو الأعوان مأخوذ منه هنا لأنهم في الأصل أصغر ممن يتبعونه أو يعينونه فمن قال الاشتقاق من الشياع لا يناسب أحد المعنيين لم يأت بشيء، واطلاقه على الفرقة المتفقة لأن بعضهم يشايع بعضا، ويتابعه. قوله: (والمعنى نبأنا رجالاً فيهم وجعلناهم رسلاَ فيما بينهم) أشار بقوله نبأنا إلى أن المراد بالرسل عليهم الصلاة والسلام المعنى العامّ الشامل للأنبياء غير الرسل فإنه يطلق على ذلك، وفيه أيضا بيان لمفعوله المقدّر، وقيل إنه توجيه لتعدي الإرسال بفي والأصل تعديه بإلى بتوجيهين الأوّل تضمينه معنى التنبئة، والثاني تضمينه معنى الجعل قالوا وبمعنى