للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني فالإضراب لأنّ هذا ليس بواقع في نفس الأمر بل بطريق السحر، أو هو باعتبار ما تفيده الجملة من الاستمرار الذي دلت عليه الاسمية أي مسحوريتنا لا تختص بهذه الحالة بل نحن مستمرّون عليها في كل ما يرينا من الآيات، وقوله على البت بالتاء المثناة الفوقية أي القطع، وغير ما في الكشاف لما سمعته. قوله:) اثني عشر مختلفة الهيئات الخ) يعني الحمل وما بعده، واختلاف الخواص لاختصاص بعضها بالربيع، وبعضها بالصيف، وبعضها بالخريف، وبعضها بالشتاء، وتفاوت الهواء حرارة، وبرودة، ونحوه وقوله مع بساطة السماء أي كونها متماثلة في الصورة، والحقيقة، واختلاف الخواص مع التماثل يدل على خالق قدير حكيم، وتفسير البروج بما ذكر قول ابن عباس رضي الله عنهما، وهو المشهور وسيأتي في سورة البروج تفسيرها بالكواكب العظام، وما دل عليه الرصد راجع إلى الهيئات، والتجربة راجع إلى الخواص والرصد بمعناه المعروف عند أهل الهيئة، وبساطتها مما اتفق عليه الحكماء، وأصحاب الرياضات. قوله: (بالأشكال والهيئات البهية) جعل الضمير راجعا إلى السماء لئلا تنتشر الضمائر، وقيل إنه للبروج، وقوله المعتبرين جعل النظر بمعنى الأبصار لأنه المناسب للتزيين، ثم أشار إلى أنه كناية عن الاعتبار، والاستدلال بالأثر على المؤثر ومنهم من فسره بالمستدلين، ويناسبه ما وقع في بعض النسخ للمعتبرين باللام الجارة، ولو أسقط قوله يوسوس أهلها، ويتصرّف في أمرها كان أولى. قوله: (بدل من كل شيطان) أي بدل بعض من كل فإن قلت لا بد مع بدل البعض من ضمير يربطه، والبدل يشارك المبدل منه في معنى العامل، وهما هنا مختلفان نفيا، واثباتاً قلت أجاب عن هذا أهل العربية بأن إلا رابطة، وإذا ظهر الربط استغني عن الضمير، وبأن اختلاف التابع، والمتبوع بما ذكر لا ينافي التبعية كما في مررت برجل لا ظريف، ثم إنه

اعترض على البدلية بأنها يشترط فيها أن تكون في كلام غير موجب، وهذا مثبت، ودفع بأنه في تأويل المنفي كما أشار إليه المصنف رحمه الله بتفسير حفظنا بلا يقدرون، وأورد عليه أمران الأوّل أنّ تأويل المثبت بالمنفي في غير أبي ومتصرفاته غيره مقيس، ولا حسن فلا يقال مات القوم إلا زيد بمعنى لم يعيشوا، وقد يدفع بأنّ المصنف رحمه الله تعالى لا يسلم ذلك، ويدل عليه قول النحاة بعد نفي صريح أو مؤوّل مع أنّ المصنف رحمه الله مسبوق به فالعهدة فيه على قائله الثاني أنه على هذا يكون الاستثناء متصلاً فيقتضي أنهم أي المسترقين يوسوسون لأهلها ويتصرفون فيها، وتقدير حفظناها من قرب كل شيطان كما قيل لا يطابق كلام المصنف رحمه الله فالوجه جعله استثناء منقطعا، وقد يدفع بأنه يكفي للاتصال دخوله في كل شيطان، وكونه غير محفوظ عنه في الجملة كما يشهد له تفسير الاستراق، والتصريح بالخطفة في آية أخرى على أنّ الواو في قوله ويوسوس وما بعده بمعنى أو فتأمل. قوله:) واستراق السمع اختلاسه سرا الخ) وهو المراد بالخطفة في الآية الأخرى وقوله شبه إشارة إلى أنه استعارة، وقطان جمع قاطن، وهو الساكن والمراد باً لسمع المسموع، وقوله لما بينهم من المناسبة في الجوهر أي في جشسه لا نوعه لأنّ الملائكة عليهم الصلاة والسلام من نور، والشياطين من نار على ما حققه المصنف رحمه الله في سورة البقرة ولاختلاف النوع لا يقدرون على الاستماع، وتلقي الوحي، وإنما يخطفون خطفات يخلطون فيها فلا ينافي هذا قوله تعالى {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} في الشعراء، وقول المصنف رحمه الله هناك أنّ السمع مشروط بمشاركتهم في صفات الذات، وقبول فيضان الحق، والانتقاس بالصور الملكوتية، ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات لا تقبل ذلك، وأمّا كون المراد بالسمع ثمة سمع القرآن، وهو مشروط بما ذكر فلا حاجة إليه لا! الشرط المذكور ينافيه، وقوله هنا الجوهر، وثمة صفات الذات صريح فيما قرّرناه لكن الكلام في أنّ الاستراق يقتضي مناسبة الجواهر، والسمع التامّ يقتضي المشاركة المذكورة فإنه لا يتمشى على أصول الشرع، وكأنها من همزات الفلاسفة، وأما كون تلقيهم ما ذكر من الأوضاع الفلكية فمخالف لصريح النظم والأحاديث مع أنه يقتضي أن يكون قطان السماء بمعنى الكواكب، وشموله لشياطين الأنس من المنجمين. قوله: (ولا يقإج فيه تكونها قبل المولد (أي لا يقدح في كلام ابن عباس رضي الله عنهما بكون الشهب قبل مولد عيسى عليه الصلاة والسلام، ومشاهدة

<<  <  ج: ص:  >  >>