للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الانذار بمعنى التخويف بكون اتقون رجوعا إلى مخاطبتهم وجه بل ذلك في كونه بمعنى الاعلام أولى فإنّ قوله فاتقون إنذار وتخويف، فابقاؤه في حيز خوفوا هو الظاهر، وردّ بأنّ المراد أنه رجع إلى مخاطبة قريش بالانذار وليس في كلامه ما يدل على اختصاص هذا بالمعنى الثاني لأنذروا كما ظنه، ئم قال فإن قلت هذا على تقدير أن لا يكون {فَاتَّقُونِ} من جملة الموحى به، وهو الظاهر لجريانه على جميع الوجوه فهل لك أن تجعله منها، والمعنى أعلموهم قولي إنّ الشأن كذا فاتقون أو خوّفوهم بذلك قلت: لا والا لقيل إنّ بالكسردلا بالفتح، ثم وجه تفريع قونه فاتقون على التوحيد أنه إذا كان واحداً لم يتصوّر تخليص أحد! لأحد من عذابه (قلت) إذا كان بمعنى التخويف، فالظاهر دخول قوله: (فاتقون) في المنذر به لأنه هو المنذر به في الحقيقة فمقتضاه أن يقال أنذروهم بأنه المنفرد بالألوهية الذي يجب عليهم أن يتقوه ويخشوا عذابه لأنه المقصود ذكره للانذار فالعدول عنه لذلك، وإذا كان بمعنى الاعلام فالمقصود بالاعلام هو الجه لمة الأولى وهذا متفرّع عليها على طريق الالتفات فتأمّل، وأمّا الكسر الذي ذكره، فغير وارد فانه ليس بعد قول صريح ملفوظ، أو مقدّر إنما ذكروه لتصوير المعنى. قوله: (وأن مفسرة) فلا محل لها مع الجملة الداخلة عليها، وهي تفسير للروح بمعنى الوحي، وقوله الدال على القول بيان لوجود شر،، أن المفسرة وقد وقعت بعد فعل يتضمن معنى القول، وهو قوله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ} فليس شرطها مفقوداً هنا كما توهم، دمانما صزح

بتأويل الروح به لأنه المفسر في الحقيقة، ولولاه لم تدلّ الجملة على ذلك. قوله: (أو مصدرية) على مذهب سيبويه المجوز لوصلها بالأمر والنهي وفوات معناه بالسبك، كفوات المضيّ مع أنه غير مسلم كما مرّ تحقيقه، وإذا كانت مخففة من الثقيلة، فهل يحتاج إلى تقدير القول معها أم لا تقدم الكلام فيه، والنصب بنزع الخافض بتقدير الباء السببية معه. قوله: (والآية تدل على أنّ نزول الوحي بواسطة الملائكة الخ) دلالة الآية على ذلك ظاهرة وليس فيها دلالة على أنه لا يكون إلا بذلك حتى يرد عليه أنه لا دلالة فيها على الحصر مع أنه غير منحصر في ذلك، وقوله: (منتهى كمال القؤة العلمية) يعني أنه أشرف المطالب اليقينية، وكون النبوّة عطائية هو مذهب أهل الحق خلافاً للحكماء، وقد مرّ تحقيقه في سورة الأنعام وقوله: (لأصول العالم) يعني به السماوات والأرض، وقوله: (على وفق الحكمة) هو معنى قوله بالحق وقوله فيلزم التمانع إشارة إلى برهان التمانع المذكور في علم الكلام، وقوله وفروجمه! يعني به ما في خلق الإنسان الخ. قوله: (أوجدهما على مقدار وشكل الخ) هو يؤخذ من موله تعالى بالحق لأنّ معناه ما يحق لها بمقتضى الحكمة لتدلّ على صانع مختار منفرد بالألوهية والا لوقع التمانع لاجتماع مؤثرين على أثر واحد ولذا عقبه بقوله: {تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقيل: معنى قوله بالحق بحكمة الحق وقوله: (منها) وفي نسخة منهما واليهما والمعنى واحد وقيده بما ذكر ليرتبط بما قبله ولأنه الواقع. قوله: (على أنه تعالى ليس من قبيل الإجرام) أي ليس بجسم كما يقوله المجسمة، ووجه الدلالة أنه يدلّ على احتياح الإجرام إلى خالق، فهو لا يجانسها والا لاحتاج إليه فلا يكون خالقاً أنّ كل ما هو جرم فهو منهما وخالقهما، وما فيهما هو الله فليس منهما حتى يرد عليه أنه إنما يدلّ على أنه ليس من السماوات والأرض، فجاز أن يكون جسما من غيرها إلا أن يراد بالسماوات والأرض جهة العلو والسفل كما قيل. قوله: (منطيق مجادل) منطيق بكسر الميم صيغة مبالغة كمنحار، فهو دليل آخر على خالقيته، وقدرته وهذا هو الوجه كما في شرح الكشاف ولذا قدمه المصنف رحمه الله تعالى، ووجه الاستدلال أنه كان نطفة

سيالة لا يستقرّ ولا يحفظ شكلا فانتقلت إلى أطوار مختلفة حتى صارت تدفع عن نفسها وتخاصم وتحاج من حاجها، وهذا ليس مما تقتضيه الطبيعة بل هو بخلق فاعل حكيم مختار. قوله: (أو خصيم مكافح الخ) هذا هو الوجه الثاني وأخره لما مرّ وأصل الكفاح في القتال، وأراد به مطلق الدفع أو الدفع بالحجة على التشبيه لها بالسيف، ونحوه على طريق الكناية والتخييل وهو لبيان جراءة من كفر على الله وعدم استحيائه منه، ووقاحته بتمادبه في الكفر قيل ويؤيد هذا الوجه قوله في سورة يس بعدما ذكر مثله قال: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [سورة ي! ، الآية: ٧٨] فإنه نص في هذا فصدر الآية

<<  <  ج: ص:  >  >>