للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التفصيل بقوله تعالى: {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} عقب ذكر الثمرات المنتفع بها بمثله. قوله: (ولعل تقديم ما يسام الخ (يعني كان الظاهر تقديم غذاء الإنسان الأشرف فأشار إلى أن ما قدم منه غذاء له بواسطة أيضا، وهذا لا يدفع السؤال لأنه كان ينبغي تقديم ما كان غذاء بغير واسطة فالنكتة أنه قدّم النعم التي لا دخل للخلائق فيها ببذر، وغرس وقدم الزرع لمناسبته للكلأ المرعى، وقوله ومن هذا أي من هذا القبيل أو لأجل هذا صرّج بالأنواع الثلاثة لما فيها من الغذائية، وغيرها من الثمار للتفكه، وقدم الزيتون لأنه أعرف وثنى بالنخل لأنه أقوى غذاء من العنب، وقال الإمام قدم ذلك للتنبيه على مكارم الأخلاق، وأن يكون اهتمام الإنسان بمن تحت يده أقوى من اهتمامه بنفسه، وقوله: {كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ} [سورة طه، الآية: ٥٤، إيذان بأنه ليس بلازم وان كان من الأخلاق الحميدة ولك أن تقول لما سبق ذكر الحيوانات المأكولة، والمركوبة ناسب تعقيبها بذكر مشربها ومأكلها لأنه أقوى في الامتنان بها إذ خلقها ومعاشها لأجلهم فإن من وهب دابة مع علفها كان أحسن كما قيل من الظرف هبة الهدية مع الظرف. قوله: (على وجود الصانع وحكمتة فإن من تأمّل الخ (الظاهر أنه متعلق بآية، وقيل إنه علق على

بيتفكرون لتضمينه معنى يستدلون قيل كان المناسب لما سبق من قوله في تفسير قوله أنه لا إله إلا أنا فاتقون، والآيات بعدها دليل على وحدانيته وما سيقوله من قوله مقدّس عن منازعة الأضداد، والأنداد أن يقول على وحدانيته فلعل مراده على وجوب الصانع الواحد بقرينة كلامه السابق، واللاحق (أفول) الظاهر أنّ وجود الصانع الحكيم يدل على انتفاء غيره ووحدانيته بطريق التمانع كما أشار إليه بقوله فيما مرّ أنها تدلّ على أنه تعالى هو الموجد لأصول العالم، وفروعه على وفق الحكمة، والمصلحة فلو كان له شريك لقدر على ذلك فيلزم التمانع وبهذا يرتبط الشرط والجزاء ويأخذ الكلام بعضه بحجر بعض، وقوله علم خبران. قوله: (ولعل فصل الآية به لذلك الخ) كذا في بعض النسخ، وفي بعضها إسقاط لفظ به، والمراد بالفصل وقوعه فاصلة خاتمة لها على المعتاد في تتميم الآيات، وتذييلها ومعناه أنّ هذه ختمت بقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الزمر، الآية: ٤٢] وما بعدها بقوله إنّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون لأنّ إنبات السنبلة أو الشجرة من الحبة بعد انشقاقها برطوبة مودعة في الأرض الخ أمر خفيّ يحتاج إلى التفكر، والتدبر لمن له نظر سديد يستدل به على قدرته، وحكمته، ولذا أفرد الآية لأنه معنى واحد والمختلف فروعه، وثمرته بخلاف أمر الليل، والنهار والشمس، والقمر والنجوم فإنه مختلف مع أنه أظهر دلالة على القدرة الباهرة، وأبين شهادة على الكبرياء، والعظمة، ولذلك جمعت الآيات على ما أشار إليه في الكشاف، وأمّا فصل جملة ينبت الخ فلأنها مستأنفة أو نعت هكذا ينبغي تحقيق كلامه فما قيل في تفسيره أنه فصل قوله ينبت لكم به الزرع بقوله إنّ في ذلك لآية الخ. للعلم بما ذكره، وانّ فيه ما فيه وليس في بعض النسخ لفظ به فيكون المراد بالفصل ترك العاطف في تنبت، وهو معنى جيد لا غبار عليه ناشئ من عدم التفكر مع أنه غير ملائم لما قدمه في بيان أعرابها، ولا يصلح وجها للفصل، وكيف يتأتى ما ذكر مع تصريح المصنف رحمه الله تعالى بما ذكرناه في خاتمة الآية التالية. قوله: (بأن هيأها لمنافعكم (لما كان التسخير بمعنى السوق قهراً كما ذكره الراغب، وهو غير مراد هنا أشار بأنه مجاز عن الإعداد والتهيئة لما يراد منه، وهو الانتفاع به. قوله: (حال من الجميع أن نفعكم بها حال كونها مسخرات الما كان الحمل على الظاهر دالاً على أن التسخير في حال التسخير بأمره، وليس كذلك لتأخر الأوّل أوّلوه بأن المعنى جعلها مسخرات لأن في التسخير معنى الجعل فصحت مقارنته على أنه تجريد أو على أن التسخير لهم نفع خاص فمعناه نفعكم حال كونها مسخرات لما خلقت له مما هو طريق لنفعكم فسخر بمعنى نفع على الاستعارة أو المجاز المرسل لأن النفع من لوازم التسخير أو كلى أنّ مسخرات مصدر ميمي منصوب على أنه مفعول

مطلق، وسخرها مسخرات على منوال ضربته ضربات أو يجعل قوله مسخرات بأمره بمعنى مستمرة على التسخير بأمره الإيجادي لأن الأحداث لا يدلّ على الاستمرار، وسيأتي تحقيقه. قوله: (أو لما خلقن له بإيجاده وتقديره الخ) هذا وما قبله تفسير لقوله بأمر. فالأوّل على أن أمره شامل للإيجاد، والتدبير

<<  <  ج: ص:  >  >>