لأن المبدل منه ليس في حكم الطرج من كل الوجوه أي لا تتخذوا من دوني ذرية من حملنا، وأما كونه بدلاً من موسى كما ذكره أبو البقاء فبعيد جدا. قوله: (إن قرئ أن لا تتخذوا بالتاء (أي بالتاء الفوقية للخطاب وهذا قيد للنداء وخصه به تبعا لغيره كمكي فإنه قال: من قرأيتخذوا بالياء التحتية يبعد معه النداء لأن الياء للغيبة والنداء للخطاب فلا يجتمعان إلا على بعد، قيل: وليس كما زعم إذ يجوز أن ينادي الإنسان شخصاً ويخبر عن آخر فيقول: يا زيد ينطلق بكر وفعلت كذا يا زيد ليفعل عمرو كيت وكيت، وهذا إن سلمت صحته لا يدفع البعد الذي قاله وهو لا ينكر. قوله: (أو على أنه أحد مفعولي لا تتخذوا الخ (عطف على قوله: على الاختصاص، وجملة ومن دوني حال حالية أو اعتراضية أو معطوفة على اسم أن وخبرها يعني أنه ليس أحد مفعولي اتخذ كما في الوجهين السابقين ومن على هذا يجوز فيها أن تكون ابتدائية ووكيلاً مفعول ثان على التقديم والتأخير وهو بمعنى وكلاء لأن فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه الواحد المذكر وغيره فلا يرد عليه أن المفعول الثاني خبر معنى وهو غير مطابق هنا. قوله: (فيكون كقوله الخ (أي مثله في المعنى لأن الوكيل بمعنى الوكلاء والمراد الأرباب كما مر فهو إشارة إلى عدم انتهائهم لاتخاذهم عزيرا وعيسى عليهما الصلاة والسلام ربا. قوله: (على أنه خبر مبتدأ محذوف (تقديره هو ذرية ولا بعد فيه كما توهم وقوله: أو بدل
من واو يتخذوا قال ابن عطية: ولا يجوز هذا في القراءة بالتاء الفوقية لأنّ ضمير المخاطب لا يبدل منه الاسم الظاهر، ورد بأنه يجوز في بدل البعض والاشتمال والكل إذا أفاد الإحاطة والشمول نحو جئتم كبيركم وصغيركم مع أنه جوّزه الأخفش والكوفيون فلذا أطلقه المصنف رحمه الله ولم يقيده بقراءة. قوله: (وذرية بكسر الذال (أي القراءة المشهورة بالضم وقرئ بالكسر أيضاً وهو معطوف على قوله: بالرفع لا على المستتر في قرئ وهذا من تغييرات النسب، قال الراغب الذرية أصلها الأولاد الصغار وإن كان يقع على الصغار والكبار، وششعمل للواحد والجمع وأصله الجمع وفيه أقوال، قيل هو من ذرا الله الخلق فترك الهمز فيه كما في برية وأصله ذروية وقيل: هو فعلية كقمرية وقيل إنه من الذر وتحقيقه في المفصلات وليس هذا محله. قوله: (وفيه تذكير بأنعام الله تعالى (إشارة إلى مناسبة ما ذكر هنا وأنه أيما إلى علة النهي كأنه قيل: لا تشركوا به فإنه المنعم عليكم والمنجي لكم من الشدائد وإنهم ضعفاء محتاجون إلى لطفه وفي التعبير بالذرية الغالب إطلاقها على الأطفال والنساء مناسبة تاقة لما ذكر وذكر حملهم في السفينة للإشارة إلى أنه لم يكن لهم حينئذ وكيل يتكلون عليه سواه، وقوله: يحمد الله الخ المراد بمجامع حالاته جميع حالاته والباء ظرفية وهذا من صيغة المبالغة في شكور، وفسر الشكر بالحمد الواقع في مقابلة النعمة لأنه رديفه، ووجه الإيماء أنه مسوق على وجه التعليل لما قبله وفيه أيضا حث لهم على الاقتداء، وقيل: إنه استطراد. قوله: (وأوحينا إليهم وحيا مقضيا مبتوتاً (المبتوت المقطوع به لأن القضاء بمعنى الحتم كما يدل عليه قوله في الكتاب، ولما كان قضى يتعدى بعلى وقد تعدى هنا بإلى ذهب بعضهم إلى أن إلى بمعنى على، وأما المتعدي بنفسه في قوله: قضى زيد منها وطرأ فبمعنى آخر، وذهب المصنف كغيره إلى أنه ضمن معنى الإيحاء فعدى بها وجعل المضمن أصلاً والمضمن فيه تابعاً صفة لمصدره لا حالاً كما اشتهر من عكسه لما مر من تحقيقه وقول الراغب: القضاء يكون بفصل الأمر قولاً أو فعلاً وكل منهما إمّا إلهي أو غيره فمن القول الإلهي وقضينا إلى بني إسرائيل فهذا قضاء بالإعلام والفصل في الحكم أي أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما ليس فيه ما يقتضي عدم التضمين كما قيل، والوحي إليهم الإعلام ولو بواسطة النبيّ صلى الله عليه وسلم والكتاب، فلا وجه لما توهم من أنه لا معنى للوحي إليهم، وفسر الكتاب بالتوراة وقيل إنه اللوح المحفوظ على أنّ إلى بمعنى على. قوله: (جوإب قسم محذوف أو قضينا (أي أو جواب قضينا فهو معطوف على
قسم يعني أنه إفا جواب قسم تقديره والله لتفسدن الخ بقرينة اللام وهو مؤكد لتعلق القضاء أو جواب قوله: قضينا لتضمنه معنى القضاء وإجرائه مجراه في تلقيه بما يتلقى به كما قال