فسقط ما قيل إنّ الأولى أن يقال لما بين العظام والأجزاء المتفتة المنتشرة والبدن المجتمع من الأجزاء التي فيها الحياة والقوى الحيوانية من التباعد والتنافر. قوله:(والعامل في إذا ما دل عليه مبعوثون) وهو نبعث مقدراً بفرينة ما ذكر وأن الاستفهام بالفعل أولى لا نفسه لأنّ أنّ لها الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها كما بينه النحاة وكذا الاستفهام مانع أيضا كما ذكروه وان كان تأكيداً وليس عدم ذكره لأنه غير مانع لهذا كما توهم، وهدّا على القول بأن العامل في إذا الشرطية الجواب أو ما في حيزه، وأما على القول بأن العامل الشرط فلا حاجة إلى التقدير وهو خلاف المشهور عند النحاة، وفي الدرّ المصون إذا هنا متمحضة للظرفية، ويجوز أن تكون شرطية فالعامل فيها جوابها المقدر أي أئذا كنا عظاماً ورفاتاً نبعث أو نحوه كنعاد، وهذا المحذوف جواب الشرط عند سيبويه والذي انصب عليه الاسنفهام عند يونس، قيل وعلى كونها شرطية والعامل الشرط يرد أن عمله فيها يوجب كونها ظرفا له وذلك لا يكون إلا بعد تعين مدلولها وهو لا يكون إلا بشرطها وهو تخيل واه لأنّ المعنى حينئذ أنبعث وقد كنا رفاتا في وقت فدعوى ادّعاء التعين لا يتعين وهو ظاهر. قوله:(وخلقا الخ (أي نصبه إمّا على أنه مفعول مطلق من غير لفظ فعله أو حال بمعنى مخلوقين، ووحد لاستواء الواحد وغيره في المصدر. قوله: (كونوا حجارة) قالط الزمخشري: أي لمشاكلة قولهم كنا وأما الأمر فقيل إنه للاستهانة أو الإهانة وقال الطيبي أنه أمر تسخير كقوله: {كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ}[سورة البقرة، الآية: ٦٥] لكونه على الفرض وإلا لزم أن يكونوا حجارة قال في الكشف وهو غير ظاهر لأنه لا معنى للتسخير الفرضيّ ولو جعل من قبيل كن فلانا كقوله:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك عماذكرت من نسب ...
على معنى أنت فلان باستعمال الطلب في معنى الخبر أي أنتم حجارة ولستم عظاما ومع
ذلك تبعثون لا محالة لكان وجهاً قويما وفيه بحث لأنه كيف يقال أنتم حجارة على أنه خبر وهو غير مطابق للواقبم فلا بد من قصد الإهانة وعدم المبالاة وجعل لأمر مجازاً عن الخبر والخبر خبر فرضي وليس فيه ما يدل على الفرض كان ولو الشرطية، وهو مما لا يخفى بعده وليس بأقرب مما استبعده فالصواب أنه للإهانة كما جنح إليه في الإيضاج فتدبر. قوله:(أي مما يكبر الخ (يشير إلى أنّ الكبر في الأصل للمحسوسات ويوصف به المعاني كالعظيم ثم شاع فيما يستبعد وقوعه وهو المراد هنا، وقوله فإن قدرته تعالى الخ جواب عن إنكارهم البعث بعد كونهم عظاماً بالية بأنه أمر هين عليه تعالى ولو كنتم أجساماً لم تتصف بالحياة كالحديد
والحجارة فإنه يقدر على خلق الحياة فيها لتساوي الأجساد في قبول الأعراض فضلا عما كان متصفا بها فمن قال إنه تصوير لمعنى النظم إلى قوله فسينغضون لأن هنا إنكارين إنكار للبعث وانكار لمن يقدر عليه وهذان جواب عن الثاني والكلام في الأوّل لم يصب وهذا إنما يحتاج إليه في كلام الكشاف كما في الكشف، وهو الذي غره لعدم التدبر. قوله: ( {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ} (مبتدأ خبره يعيدكم أو فاعل به أو خبر مبتدأ مقدر على اختلاف في الأولى كما فصل في محله، وقوله: وهو أبعد منه من الحياة وفي نسخة وما هو أبعد الخ ومن فيهما متعلقة بأبعد، والثانية: صلته والأولى: تفضيلية وضمير منه لما ذكر من العظام والرفات ومرفوتة بمعنى مفتتة، وقوله فسيحزكونها تفسير لقوله: فسينغضون إليك فإنه بمعنى إلى جانبك وتحريك الرأس لذلك معروف. قوله: (فإن كل ما هو آت (أي محقق إتيانه قريب ولم يعين زمانه لأنه من المغيبات التي لا يطلع عليها غيره تعالى فبعد تحقق الوقوع القريب والبعيد سواء وقيل إنه قريب لأن ما بقي من زمان الدنيا أقل مما مضى منه. قوله: (وانتصابه على الخبر الخ) أي على أنه وصف منصوب على أنه خبر يكون الناقصة واسمها ضمير يعود على البعث المفهوم مما قبله أو العود أو هو منصوب على الظرفية وأصله زماناً قريبا فحذت الموصوف وأقيمت صفته مقامه فانتصب انتصابه، ويكون على هذا تامّة فاعلها ضممير العود أي عسى أن يقع العود في زمان قريب، وقوله: وأن يكون اسم عسى يعني عسى يجوز أن تكون تافة وناقصة فعلى الأوّل أن يكون مرفوع بها ولا خبر لها أي قرب كونه في وقت قريب أو كونه قريباً على