لمثله في أوّل هذه السورة في قوله: ليلا، فالزبور كالقرآن يطلق على مجموعه وعلى أجزائه. قوله:(قراءة حمزة بالضم (هي مؤيدة للمصدرية، كما بينا ومن قال: فإنه جمع زبر بكسر الزاي بمعنى المزبور، والأصل توافق القراءتين لم يصب، وحاصله أنه جواب عن سؤال مقدر، وهو أن زبور أعلم ولذا لم تدخله أل هنا لئل يجتمع تعريفان فلم دخلت عليه في آية أخرى، فأجاب بأنّ دخولها لا ينافي العلمية، لأنها للمح أو أنا لا نسلم أنه علم لأنه نكرة بمعنى كتاب مطلقاً وعلى تقدير اختصاصه بكتاب داود عليه الصلاة والسلام أيضا فليس يعلم لإطلاقه على ما يشمل كله وبعضه فهو من غلبة اسم الجنس لا العلم فمن قال اللائق بقانون المناظرة تقديم الجواب الثاني ثم الثالث إلا أنه قدم ما حقه التأخير اهتماما بشأنه لم يصب. قوله: (إئها آلهة (إشارة إلى تقدير متعلق لزعمتم قائم مقام مفعوليه لأنّ حذفهما معا أو حذف ما يسذ مسذهما جائز، وإنما الخلاف في حذف أحدهما وأنث الضمير إشارة إلى أنها بمنزلة الأصنام غير العفلاء في عدم القدرة على ما ذكر والداذ على هذا المقدر قوله من دونه، وقوله. كالملائكة والمسيح وعزير عليهم الصلاة والسلام لأنّ بعض الكفار عبد بعض هذه وبعضهم الآخر، وقوله: ولا تحويل ذلك منكم إلى غيركم ممن لم يعبده، وقيل المراد بالتحويل تحويله من بعض إلى آخرين أو تبديله بمرض آخر، وهذا أظهر. قوله: (هؤلاء الآلهة الخ (هذا هو الداعي إلى جعل الآلهة قبله عبارة عن المسيح وغيره من العقلاء لا الأصنام وإن كان الكلام مع المشركين وأولئك مبتدأ وجملة يبتغون خبره والموصول نعت أو بيان والإشارة إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المعبودين دون الله، والواو ضمير عبادهم والعائد محذوف أي يدعونهم ا-لهة، أو يدعونهم لكشف الضرّ عنهم أو الذين خبره، ويبتغون حال أو بدل من الصلة وقرئ يدعون بالغيبة والخطاب. قوله: (بدل من واو يبتغون الا من واو يدعون كما قيل وهو بدل بعض من كل وأي موصولة كما أشار إليه المصنف رحمه الله وهي مبنية على الضم لحذف صدر صلتها والتقدير أيهم هو أقرب فجملة هو أقرب صلتها، وقيل إنها استفهامية فهي مبتدأ
وأقرب خبرها فليست بدلاً حينئذ بل جملتها في محل نصب بيدعون أو يبتغون، - وأورد عليه أثه يلزمه تعليق غير أفعال القلوب، ولذا قدر بعضهم قبله ينظرون بمعنى يكفرون، ويمكن أن يقال: إنه يتضمن معنى فعل قلبي فيجري التعليق فيه وكله تكلف فلذا لم يلتفت إليه المصنف رحمه الله ومذهب يوئش عدم اختصاص التعليق بأقعال القلوب وهو مذهب مرجوح نحن في غنى عنه. قوله: (أي يبتغي من هو أقرب منهم) ولا ينافيه جمع يرجون ويخافون لعدم اختصاصه بالأقرب أو لكون الأقرب متعددا كالملائكة، وقوله فكيف تزعمون نتيجة ما تقدم كله من الابتغاء والرجاء والخوف، وقيل إنه نتيجة الرجاء والخوف ونتيجة الابتغاء- اسشعاد عدم ابتغاء من ليس بأقرب، ويلزم نفي كونهم، آلهة فيتحدان بحسب المال، وقوله: حقيقا الخ أوّل به لأن من العصاة والكفرة من لم يحذره، وقوله: بالموت أي حتف أنفه لذكر القتل بعده، وفيه إشارة إلى دخول أهلها في ذلك، قال ابن فارس والأزهري: لم يسمع للحتف فعل، وحكى ابن القوطية فعلا له من باب ضرب وقيل أوّل من تكلم به النبيّ صلى الله عليه وسلم ورد بأنه سمع في الجاهلية قال السموأل:
وما مات منا سيد حتف أنفه
ومعناه أن روحه تخرج منه وهو يتنفس لا بغتة بضرب سيف. قوله:(وما صرفنا عن إرسال الآيات الخ) قيل عليه أن المنع حقيقة صرف الغير له عن فعله والصرف والمنع محال في حق الفاعل المختار كما ذكره الطيبي فلا يفيد تأويل أحدهما بالآخر فكان عليه أن يجعله مجازاً عن الترك كما في الكشاف وغيره، ومن الناس من منعه منعاً مجرّداً لا يسمع مثله ومنهم من سلمه واعترض على المعترض فقال: ليس مراد المصنف رحمه الله تأويل المنع بالصرف بل توضيح معناه وبيان حقيقته ثم تفسيره بتركنا لا يلائم إلا منعنا بسكون العين والإسناد للمتكلم، والذي في النظم بفتحها على الغيبة نعم يجوز أن يكون معنى الآية ما ذكره لكن لا على أن يكون المنع مستعارا للترك كما صرّج به بل على أن يكون مجازاً مرسلاً بعلاقة اللزوم فيكون منعنا مجازاً عن تركنا على التكلم لا على الغيبة لعدم جريان التبع