للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (أو بغير المقترحة) يعني أن الآيات إمّا المقترحة فالتخويف بالاستئصال لإنذارها به في عادة الله أو غيرها فالتخويف بعذاب الآخرة لا عذاب الدنيا، كالاستئصال فالحصر إضافيّ فلا ينافي كون نزولها لتصديق النبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤمنوا به. قوله: (والباء مزيدة (في المفعول أو للملابسة والمفعول محذوف أي نرسل نبيا ملتبسا بها، وقيل إنها للتعدية وإن أرسل يتعدى بنفسه وبالباء ورد بأنه لم ينقل عن أحد من الثقات، ولا حجة في قول كثير:

لقد كذب الواشون ما بحت عندهم بسز ولا أرسلتهم برسول ...

لاحتمال الزيادة فيه أيضاً مع أن الرسول فيه بمعنى الرسالة فهو مفعول مطلق والكلام في دخولها على المفعول به فتأمل. قوله: (واذكر) إشارة إلى متعلق إذ وأن القول بواسطة الوحي، وقوله: في قبضة قدرته فالناس عاتم، والإحاطة مجاز عن شمول قدرته وقبضة قدرته استعارة أو تشبيه كما سيأتي تحقيقه في سورة الملك، والمعنى أنّ له التصرّت فيهم كيفما يشاء، وهو وعيد لهم بأنه لا يعجزه شيء عما أراد وقوله أحاط بقريش فتعريف الناس للعهد والإحاطة مجاز عن الإهلاك من أحاط بهم العدوّ إذا أخذ بجوانبهم لإهلاكهم كقوله: وأحيط بثمره كما سيأتي، وقوله: فهي بشارة أي على هذا التفسير الثاني. قوله: (وتعلق به (أي بما ذكر بناء على تفسيره بما ذكر وكون الرؤيا مخصوصة بالمنام ومن قال الخ هو إشارة إلى ضعفه لأن قوله إلا فتنة للناس يرذه، ولذا قيل إن بعضهم قال له صلى الله عليه وسلم: لما قص عليهم الإسراء لعله شيء رأيته في منامك، وقوله: فسر الرؤيا بالرؤية يعني أن الرؤيا في اللغة بمعنى الرؤية مطلقا وهو معنى

حقيقيّ لها، وقيل إنها حقيقة رؤيا المنام أو رؤيا اليقظة ليلاً، وقد ذكر السهيلي أنه ورد في كلام العرب بهذا المعنى وأنه كالقربى والقربة، وقيل إنه مجاز إمّا مشاكلة لتسميتهم له رؤيا أو جار على زعمهم أو على التشبيه بها لما فيها من خرق العادة أو لوقوعها ليلا أو لسرعتها. قوله: (أو عام الحديبية (معطوف على قوله ليلة المعراج يعني أو الرؤيا التي وقعت في عام الحديبية إذ رأى صلى الله عليه وسلم فيه أنه دخل مكة وسيأتي تفصيله في سورة الفتح. قوله: (وفيه أنّ الآية مكية (وقصة الحديبية بعد الهجرة وأمّا كونها مكية وأخبر فيها عما سيراه وعبر بالماضي لتحققه فبعيد لقلة جدواه كالقول بأن الحديبية من الحرم المكي، وقوله إلا أن يقال الخ يعني أنه رأى تلك الرؤية بمكة ونزلت عليه هذه الآية ولكنه ذكرها عام الحديبية لأنه كان إذ ذاك بمكة فعلم أنه دخوله بعد خروجه منها، والفتنة واقعة حين الحكاية حين صدّه المشركون حتى قال عمر رضي الله عنه ما قال كما سيأتي، والحديبية بالتخفيف وقد يشدد بئر أو شجرة حدباء، ولا يخفى ما في هذا من التكلف أيضا. قوله: (ولعله (أي لعل المراد بما ذكر في هذه الآية أي رأى وقعة بدر بعينها في مكة ورأى من قتل بها وموضع قتله، وقوله في وقعة بدر أي في شأنها وشأن ما وقع فيها فلا يرد عليه ما مر من أنها مكية فيحتاج إلى الجواب بما مر وتكون الرؤيا على ظاهرها، والفتنة فيها أظهر، وقوله لقوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ} [سورة الأنفال، الآية: ٤٣، الخ، قيل: إنه تعليل لكونه وقع له رؤيا في وقعة بدر لا ليكون المراد بهذه الآية تلك الرؤيا بعينها إذ لا دلالة فيها على ذلك، وكذا ما روي على ما فيه، وقوله: لكأني الخ اللام في جواب قسم مقدر للتأكيد والمصارع جمع مصرع وهو محل صرع فيه القتيل ووقع، قيل: ولا دلالة في هذا على أنه كان رؤيا منام لجواز كونه بوحي وكأن لملاحظة المصرع بوصف المصرعية ولا يخفى أنه لو كان بوحي عين فيه تلك المضارع لقال: إني أعلمها ويؤيده أنه روي أنه صرّج بكونها رؤيا منام، وقوله ماءه أي ماء بدر وذكر باعتبار المكان، وما ذكره من السخرية هو المراد بالفتنة على هذا، وهذا الحديث وان لم يوجد بعينه كما قاله ابن حجر لكنه بمعناه في مسلم. قوله: (فتسامعت به قريش) أي سمعوه فالتسامع ليس على أصله، وقيل إنّ بعضهم

أسمع بعضاً وفيه نظر لأنه لا يكون على حقيقته أيضا وقوله: يرقون بالقاف أي يصعدون، وقوله: ينزون بالزاي المعجمة أي يثبون عليه، والقردة جمع قرد، وقوله وعلى هذا الخ ففيه مضاف مقدر أي جعلنا تعبير الرؤيا أو الرؤيا مجاز عنه باعتبار ما كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>