إنه تفسير لضمير بكم مع الإشارة إلى أن فيه تغليبا للمخاطبين على الغائبين وأتى بالضمير المنصوب لأنّ المجرور في محل نصب لكن كان الظاهر تقديمه حينئذ، وقوله: واللفيف الخ فهو إما اسم جمع كالجميع ولا واحد له أو هو مصدر شامل للقليل والكثير لأنه يقال: لف لفا ولفيفا. قوله:(أي وما أنزلنا القرآن إلا ملتبسا بالحق) يشير إلى أنّ الباء للملابسة وانّ تقديم الجار والمجرور على عامله للحصر هنا والضمير للقرآن والجارّ والمجرور حال من ضمير المفعول، وفيه وجوه أخر، وغاير بين وصفي الحق إشارة إلى تغايرهما هربا من التكرار ظاهراً، وان كفى تغاير متعلقهما وهو الإنزال والنزول وبه لا يكون الثاني تأكيداً للأوّل حتى يتوهم أنّ المحل حينئذ ليس محل العطف لكمال الاتصال لأن العطف للجملتين لا للمتعلقين والحق فيهما ضد الباطل لكن المراد في الأوّل الحكمة الإلهية المقتضية لإنزاله وفي الثاني ما اشتمل عليه من العقائد والأحكام ونحوها، وقيل: الباء الأولى للسببية والثانية للملابسة وقيل: هي للسببية فيهما فتتعلق بأنزلنا. قوله:(وقيل الخ) أي قيل إنّ معنى كونه منزلاً ونازلاً بالحق ما ذكر وهو التفسير الثاني في الكشاف وفسره الشارح الطيبي بأنّ الحق فيه مقابل الباطل، وقوله: محفوظا بالرصد توضيح له وبيان لأنه منصوب على الحال يعني هو محفوظ بالرصد لا يأتيه الباطل من بين. يديه ولا من خلفه كقوله: وأحاط بما لديهم واليه أشار المصنف بقوله: ولعله الخ يعني أن هذا القائل أراد أنه ثابت على الحقية فالحق فيهما بمعنى واحد بخلافه على تفسير المصنف، وإنما عبر بلعل لأنّ الحفظ لا يلزمه ذلك إلا بالتأويل كما مرّ والرصد جمع راصد كحرس وحارس لفظاً ومعنى فقوله: من الملائكة بيان له والاعتراء بالعين والراء المهملتين بينهما مثناة فوقية وبالمد الإصابة، وأوّل الأمر وآخره منصوب على الظرفية، والمراد بالأوّل حال إنزاله وبالآخر النزول وما بعده إذ لو حمل النزول على ظاهره الملازم للإنزال لم يكن لذكره فائدة، وبه يندفع ما يتوهم من التكرار على اتحاد معنى الحق فيهما، وقوله: من تخليط الشياطين متعلق بمحفوظ الثاني لا أنهما على التنازع لأنّ احتمال التخليط إنما هو بعد النزول فمن قال إنّ قوله: ولعله الخ معنى آخر حاصله جعل أوّل الزمان للإنزال وآخره للنزول فليس فيه شبه تكرار أوارد لعل هذا القائل أو الله تعالى على هذا القول نفي اعتراء البطلان الخ، يعني
أنه تعالى لما أخبر بأنه محفوظ من التخليط زمان إنزاله من السماء الدنيا ومعلوم أنه محفوظ أيضا في زمان إنزاله من اللوح إلى السماء الدنيا، فلذا قال! المصنف رحمه الله: من السماء ولم يقل إلى السماء الدنيا ليحصل التغاير بينهما فأفادت الآية أنه محفوظ أوّلا وآخراً اهـ، فقد خبط خبط عشواء لما سمعته من بيان مراده. قوله:(للمطيع (قدره لدلالة المقام عليه وقوله: فلا عليك أي لا يجب عليك إلا هذا لا هدايتهم للإيمان فالقصر إضافي والوجوب من لفظ عليك، ويجوز أن يقدر لا بأس عليك بحذف اسم لا فإنه مسموع مقيس، وقوله: نزلناه مفرّقا منجما تفسير له على قراءة التخفيف وإشارة إلى أنه بحسب المآل بمعنى المشدد، وقوله: فرقنا فيه بيان لأنّ الضمير للظرفية للفرق بين الحق والباطل، وهو القرآن وبعد حذف الجار انتصب مجروره على أنه مفعول به على التوسع لأنّ الضمير لا ينتصب على الظرفية، وقرآنا منصوب بفرقنا على الاشتغال فالاستشهاد بالبيت من وجهين وفي نصبه أقوال أخر هذا أقربها، وقوله: ويوما الخ من بيت هو:
ويوما شهدناه سليما وعامرا مزيداً على الطعن النهال نوافله ...
جمع ناهل بمعنى عطشان والمراد بها الرماح أي لا غنائم فيه إلا الطعن وهو تمثيل ومحل الاستشهاد فيه ظاهر. قوله: (لكثرة نجومه الخ) يعني أن التفعيل فيه للتكثير في الفعل وهو التفريق وقيل: فرق بالتخفيف يدل على فصل متقارب وبالتشديد على فصل متباعد، ومنجماً مفرّقا من قولهم نجمت المال إذا وزعته كأنك فرضت أن تدفعه عند طلوع كل نجم ثم أطلق النجم على وقته ثم على ما يقع فيه فما كان في نجوم كان مفرقاً ومنجما، ولما كان قوله: على مكث دالاً على كثرة نجومه كانت القراءتان بمعنى، فلا يرد عليه أن الدلالة على التكثير أنسب بالمقام