بالخرور وغيره، إلا أن يقال تقديره لاختصاص أوّل الخرور به أو يقال: لاختصاص هنا متعذ، والمعنى لتخصيصهم الخرور به، ويكون هذا طريق سجدتهم كما مرّ (قلت (هذا مبنيّ على أنّ الاختصاص الذي يدلّ عليه اللام بمعنى الحصر وليس كذلك وإنما هو بمعنى تعلق خاص، ولو سلم فمعنى الاختصاص به الاختصاص بجهته، ومحاذيه وهو جهة السفل ولا شك في اختصاصه به إذ هو لا يكون لغيره فمعنى يخزون للأذقان يقعون على الأرض عند التحقيق، والمراد تصوير تلك الحالة كما في قوله:
فخز صريعا لليدين وللفم
قوله: (أو قالت اليهود) بيان سبب آخر، وفي نسخة بالواو وهذه أصح لما في الثانية من
إيهام أنه من تتمة ما قبله وليس بمراد كما صرّج به، وقوله: هو التسوية بين اللفظين الاستواء
هو معنى أو التخييرية، كما في قوله: سواء عليّ أقمت أو قعدت، فهي إشارة إلى أنهما متساويان في الدلالة على ذات واحدة، وإن اختلف مفهوماهما، كما هو مشهور وبه يتم الجواب كما لا يخفى فسقط ما قيل: إن الجواب ليس إلا بأنهما يطلقان على ذات واحدة لا بالتسوية لإشعاره بأنّ إطلاقهما على ذات واحدة مفروغ عنه، مع أنّ ما ذكره من المحذور نور على نور، وقوله: ذات واحدة وقع في نسخة واحد إشارة إلى أنه انسلخ عنها معنى التأنيث لما أطلقت على الله، وعلى الثاني أي السبب الثاني للنزول: وهو قول اليهود الاستواء في حسن الإطلاق كما يفهم من توصيف الأسماء بالحسنى لأنهم فهموا أحسنية الرحمن لكثرة ذكره في كتابهم، وكأنّ حكمته أنّ موسى عليه الصلاة والسلام كان غضوبا كما دلت عليه الآثار فأكثر من ذلك، ليعامل أمّنه بذلك لأنّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام متخلقون بأخلاق الله. قوله:(وهو أجود) أي أكثر جودة وفي نسخة أخرى أي أنسب، وفي النسخ الصحيحة أجوب من الجواب بالجيم والباء الموحدة فاللام تعليلية أيضاً أي أشد إجابة، والمعنى أليق بالجواب لما قالوا، قال في الكشف: في غير هذا المحل وقد عبر به الزمخشري، قال الأزهريّ عن ابن عمر أن رجلا قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أي الليل أجوب دعوة فقال: " جوف الليل الغابر "، قال: أي أسرع إجابة كما يقال أطوع من الطاعة والأصلى جاب يجوب مثل طاع يطوع بمعنى أنه من الثلاثي لا من المزيد لمخالفته القياس بلا حاجة ولو كان منه لصح إسماعه، ووجه الأجوبية أنه يدل على أنهم ظنوا أنه أحسن لكونه أحبّ إلى الله إذ أكثر من ذكره لا أنهم ظنوا تغايرهما كما زعم المشركون وأمّا ما أورد عليه من منع الأجوبية لأنّ تقديم الخبر في قوله فله الأسماء الحسنى يقتضي أجوبية الأوّل، إذ معناه هذه الأسماء لله لا لغيره كما زعم المشركون إلا أن يقال أو للتخيير وهو غير مسلم فيدفع بأنّ المعنى لله أسماء متفقة في الحسن لأنها لا يختلف مدلولها بالذات بخلاف غير.، فإنّ أسماءه تختلف فالقصر ناظر إلى الوصف لا الأسماء وهذا لا يتوقف على تسليم التخيير مع أنه سيأتي ما فيه، وقال في الكشف أيضاً على الوجهين التسوية بين اللفظين في الحسن والاختلاف إنما هو بأنّ الاستواء في الحسن ردّ لليهود بأنّ الإتيان بأحد الحسنين كاف أو لمن قال إنه يدعو اتها آخر بأنّ الاختلاف بين اللفظين الدالين على كماله تعالى لا بين كاملين فالأجوبية ممنوعة، ولرذه أنّ التوصيف بالحسنى أنسب بما ذكر كما قرّرناه. قوله:(والدعاء الخ) في الكشف لأنه لو حمل على الحقيقة المشهورة يلزم إما الإشراك إن تغاير مدلولا الاسمين أو عطف الشيء على نفسه إن اتحدا، وفيه بحث لأنا نختار الثاني ولا يلزم عطف الشيء على نفسه بأو وهو إنما يجوز بالواو كما في قوله:
وألقى قولها كذبا ومينا
لأنه قصد به لفظه كما تقول: بأن النبيّ محمد أو أحمد مع أنّ اختلاف مفهوميهما يكفي لصحته وقد جوّزه المعرب وغيره وسبب النزول الأول مؤيد له فتأمل، وقوله في الآية إشارة إلى أنه بهذا المعنى في الموضعين وأنه يكون بمعنى آخر في غير هذه الآية، وقوله: حذف أوّلهما وهو الضمير المقدر بتدعوه، والثاني أيا. قوله:(وأو للتخيير) قيل عليه الصواب أن يقول للإباحة لأنّ الفرق بينهما كما ذكره الرضي وغيره أنّ في الإباحة يجوز الجمع بين المتعاطفين والاقتصار على أحدهما وفي التخيير لا يجوز الجمع وهو جائز هنا (قلت) ما ذكره اصطلاح للنحاة في التخيير إذا قوبل