للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يستخرجا لكون فاعلهما مختلفا فأما جعله منه على القول بجوازه أو هو مصدر من المبين للمفعول فلا حاجة إليه والظاهر في مقام الضمير، وأورد عليه أنه إذا كان مصدر أراد ربك بمعنى رحم كانت الرحمة من الرب لا محالة فأي فائدة في ذكر قوله: من ربك وكذا إذا كان مفعولاً له فإمّا على تقدير فعلت ما فعلت فهو منصوب بنزع الخافض أي برحمة ربك، أو هو مفعول له بتقدير إرادة أو رجاء رحمة ربك لما مر أو المراد بالرحمة الوحي. قوله: (ولعل إسناد الإرادة الخ (هذا مما اتتدى فيه بالإمام في بيان نكتة تغاير

الأسلوب فأسنده أوّلاً لنفسه لأنّ خرق السفينة وتعييبها بفعله، وثانياً إلى الله تعالى والى نفسه لأنّ ضمير أردنا لهما لأنّ إهلاك الغلام فعله وتبديل غيره موقوف عليه وهو بمحض فعل الله وقدرته، فلما تضمن الفعلين أتى بضمير مشترك بينهما وهو ظاهر إلا أنه اعترض عليه بأن اجتماع المخلوق مع الله في ضمير واحد لا سيما ضمير المتكلم فيه ترك أدب منهيئ عنه شرعاً، ولذا قال صلى الله عليه وسلم لخطيب قال في خطبته بعد ذكر الله ورسوله ومن يعصهما فقد غوى بئس خطيب القوم أنت، كما هو مقرر في كتب الحديث فالوجه أنه تفنن في التعبير والمراد هو فأفرد أوّلاً لأنّ مرتبة الإفراد مقدمة على غيرها، ثم أتى بضمير العظمة إشارة إلى علو مرتبته في معرفة الحكم إذ لا يقدم على ذلك القتل إلا من هو كذلك بخلاف التعييب، والأحسن ما في الانتصاف من أنه من باب قول خوأص الملك أمرنا بكذا يعنون أمر الملك العظيم، وأسند الإبدال إلى الله إشارة إلى استقلاله بالفعل وأنّ الحاصل للعبد مجرّد مقارنة إرادة الفعل دون تأثير فيه كما هو المذهب الحق، وقيل: في وجه اختلافه في إضافة الفعل إلى نفسه قصور في الأدب لا يرتكب إلا لعلة وهي موجودة في الأوّل مفقودة في الثاني لكون العيب لا يسند إليه تعالى تأذبا فأسنده إلى نفسه بخلاف ما بعده ولا مجال للإضافة إلى نفسه في الثالث، وأورد عليه أنه على تقدير تسليم ما ذكره من المقصود في مراعاة الأدب ففي جمع نفسه مع رب العزة في ضمير خلاف أدب أشد مما ذكره كما مر وما فيل إنّ ما ذكر ليس من قبيل ما وقع في الحديث فإنّ التسوية ليست في مجرّد الجمع في الضمير كما لا يخفى فليس بشيء لما سنذكره (أدول (أصل هذا أنّ ثابت بن قيس بن شماس وكان خطيب النبيّ صلى الله عليه وسلم لأنه كان يخطب في مجلسه صلى الله عليه وسلم إذا وردت وفود العرب وهذه الخطبة خطبها عنده لما قدم وفد تميم وقام خطيبهم فذكر مفاخرهم ومآثرهم فلما أتم خطته قام ثابت وخطب خطبة قال فيها: إ من يطع الله عز وجل ورسوله! فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى " فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: بض خطيب القوم أنت قم، قال الخطابي كرهءشسلا منه ما فيه من التسوية أي في الضمير مع تسوية العطف فالكراهة تنزيهية لا تحريمية على الصحيح وأن أفهم كلام الغزالي خلافه وذهب غيره إلى إنه لا كراهة فيه أصلا وإنما كره صلى الله عليه وسلم منه أنه! وقف على قوله: يعصهما وهذا ضعفه صاحب الشفاء فقد وقع في الأحاديث والآيات ما يخالفه كما في حديث الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} هل

ضمير يصلون لله والملائكة أم لا فأجازه قوم ومنعه آخرون لعلة التشريك المذكورة والظاهر على أنّ الكراهة تنزيهية أنها غير مطردة فقد تكره في مقام دون مقام فلما كان ذلك مقام خطابة وأطناب وهو بحضرة قوم مشركين والإسلام غض طرقي كره فيه، وأما مثل هذا المقام الذي القائل فيه والمخاطب من عرفت وقصد فيه نكتة وهو عدم استقلاله فلا كراهة فيه خصوصا، وقد قال بعض من ذهب إلى الكراهة: " إنه مخصوص بغير النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاز للنبي صلى الله عليه وسلم فهو في كلام الله وما حكاه بالطريق الأولى فالحق أنه لا كراهة فيه في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما أشير إليه في شروح البخاري وأما في حق البشر فقيل لا كراهة فيه أصلاً وقيل: فيه كراهة تنزيه مطلقا أو في بعض المواضع وبهذا عرفت ما في كلامهم هنا وإنما أطلت الكلام في هذه المسألة لأني لم أر من حققها ولعلنا نحتاج إليها في محل آخر. قوله: (الأوّل في نفسه شر) فلا يليق إسناده إلى الله وأن كان هو

<<  <  ج: ص:  >  >>