للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفاعل، والثالث خير فأفرد إسناده إلى الله، والثاني ممتزج خيره وهو تبديله بخير منه وشره وهو القتل فأسنده إلى الله والى نفسه نظرا لهما، وقوله: أو لاختلات حال العارف أي بالله فإنه في ابتداء أمره يرى نفسه مؤثرة فلذا أسند الإرادة أولا إلى نفسه ثم تنبه إلى أنه لا يستقل بالفعل بدون الله فلذا أسنده لهما ثم يرى أنه لا دخل له وأن المؤثر والمريد إنما هو الله قلذا أسنده إليه فقط وهو مقام الفناء ومقام كأن الله ولا شيء معه وهو الآن كما كان.

قوله: (عن رأيي) يعني أن الأمر هنا واحد الأمور والمراد به الرأي لا أنه بمعنى الرأي وظاهر كلام الراغب أنّ الأمر يطلق على الرأي وما يخطر بالبال كان نفسه تأمره به ولذا تسمى أمارة كما في قوله: سوّلت لكم أنفسكم أمرا وهو أنسب بمقابلته بأمر الله. قوله: (ومبني ذلك (أي ما فعله الخضر على ما عرفت من تفصيله، وقوله: الشرائع في تفاصيله مختلفة إشارة إلى أنّ بعضا من جزئيات هذه قد يجوز في شريعة دون أخرى، كقتل الغلام فإنه في شريعة الخضر عليه الصلاة والسلام لما مرّ دون شريعتنا وشريعة موسى عليه الصلاة والسلام لأنه من علم الباطن المأمور به هو دون غيره ونظيره أنه يجوز قطع عضو متآكل إذا تحقق سريانه إلى النفس وهذه قاعدة قرّرها الفقهاء وعليها مبني قصة الحديبية. قوله: (فحذف التاء تخفيفاً (أصله تستطع فحذفت تاء الاستفعال، وقيل: المحذوف الطاء الأصلية ثم أبدلت التاء طاء لوقوعها بعد السين وهو تكلف وقيل السين عوض قلب الواو ألفا والأصل أطاع وإنما خص هذا بالتخفيف لأنه لما تكرّر في القصة ناسب تخفيف الأخير منه وأما كونه للإشارة إلى أنه خف على موسى صلى الله عليه وسلم ما لقيه ببيان سببه فيبعده أنه في الحكاية لا المحكي. قوله: (ومن فوائد هذه القصة الخ (عدم

عجب المرء بعلمه يعلم من أن سبب ما جرى له قوله ليسى في الأرض أعلم مني لا أنه بادر إلى الإنكار فظهر خلافه كما قيل، وعدم المبادرة إلى الإنكار هي سؤاله في الأمور الثلاثة والسر المذكور ما ذكره في الجواب، وأدبه في المقال قوله: تعلمني مما علمت رشدا وتنبيه المجرم على جرمه بقوله: (لن تستطيع معي صبرا) وعفوه عنه عدم مبالاته بإنكاره كما يدل عليه قوله: سأنبئك الخ وتحقق إصراره بقاؤه على إنكار ما خالف ظاهر الشريعة، والمهاجرة قوله: (هذا فراق بيني وبينك (والتذلل قوله: (لا تؤاخذني!. قوله: (يعني اسكندر الرومي (لصحة ذلك عند المؤرخين ووروده في بعض الأحاديث وهو المختلف في نبوّته على الصحيح لا اليوناني كما ذكره الإمام حتى يعترض عليه أنه تلميذ أرسطو ومذهبه ليس بحق فيحتاج إلى الجواب بأنه لا يلزم من تلمذته موافقته في جميع مقالاته كمحمد وأبيب حنيفة رحمهم الله ومثله لا يحتمل البحث. قوله: (ولذلك سمي ذا القرنين) أي لملكه المشرق والمغرب اللذين هما قرنا الدنيا أي جانباها والقرن من الناس أهل عصر وقد اختلف في مقدار مذته والضفيرة تسمى قرنا حقيقة، وقرنا التاج ما ارتفع من أعلاه على التشبيه وتوله: كما يقال الكبش للشجاع فإنه شائع في كلامهم على طريق الاستعارة والتشبيه وقوله: كأنه ينطح أقرانه أي بتشبيه طعن الأقران وضربها بالنطح وهو إشارة إلى وجه الشبه بينهما والعلاقة. قوله: (والهاء لذي القرنين وقيل لله (تعالى إذا كان الضمير لذي القرنين فالمعنى من أخباره وقصصه ومن تبعيضية والجار والمجرور صفة ذكراً قدم عليه فصار حالاً، وإذا كان دلّه فمن ابتدائية ورجوعه إلى الله بقرينة قوله: بعده إنا مكنا له الخ، ومحكن تقدم تحقيقه فإنه يتعدى بنفسه واللام كنصحت وشكرت وحذف المفعول لقصد التعميم، وقوله: من التصرف بيان لأمره أي أعطيناه التصرف فيها. فوله:) وآتيناه من كل شيء سبباً) قيل: المراد من أسباب كل شيء والداعي لتقديره أن الظاهران من بيانية والمبين قوله سببا، وقوله: أراده وتوجه إليه صفة شيء مخصصة له لأنه لم يؤت أسباب كل شيء وليس فيه منافاة لتقدير المضاف المذكور كما قيل إنه يأباه لأنّ من جملة أسباب مراده تعلق إرادة الله

وفدرته مثلاً وليس مما أعطيه ولا يبعد أن تكون من تعليلية والشيء وأن تأخر حصولاً مقدم تصوّراً لأن المراد بالأسباب الأسباب العادية فلا يدخل فيها ما ذكر وهي معلومة من كون المعطي هو الله إذ إيتاؤه يقتضي تقديره وارادته وما اختاره تكلف لا حاجة

<<  <  ج: ص:  >  >>