للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه وما قيل إنه المعوّل عليه وانه يلزم على ذلك التقدير أن يكون لكل شيء أسباب لا سبب وسببان ليس بشيء لتأمل. قوله: (فأراد بلوغ المنرب) إشارة إلى أنّ الفاء فصيحة وإنما قدره لقوله حتى إذا بلغ مغرب الشمس، وقرأ نافع وابن كثير فاتبع وثم اتبع في المواضع الثلاثة بهمزة الوصل وتشديد التاء والباقون بقطع الهمزة وسكون التاء فقيل: هما بمعنى ويتعديان لمفعول واحد وقيل: أتبع بالقطع يتعدى لاثنين والتقدير فأتبع سببا سببا آخر أو فاتبع أمره سبباً كقوله: وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة، وقال أبو عبيدة: أتبع بالوصل في السير وأتبع بالقطيم معناه اللحاق، كقوله: فأتبعه شهاب ثاقب، وقال يونس: أتبع بالقطع للجدّ الحثيث في الطلب وبالوصل مجرد الانتقال قاله المعرب. قوله: (ذات حمأة) المراد بالعين عين الماء والحمأ، بالهمزة بمعنى الطين والوحل الرايسب في الماء، وحامية بالياء من الحمى وهو الحرارة فمعناها حازة ولما قرئ بهما مع اختلاف معناهما أشار إلى أنه لا تعارض بينهما لأنه يجوز في العين أن تكون ذات وحل وماؤها حارّ أو أنّ القراءة بالياء أصلها من المهموز قلبت همزته ياء لانكسار ما قبلها وان كان ذلك إنما! طرد إذا كانت الهمزة ساكنة، فقوله: أو حمئة معطوف على قوله: حارّة وأورد عليه أنه يأبى هذا التوفيق ما جرى بين ابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم، وتحكيم كعب الخ كما سيأتي فإنه على هذا التوفيق لا يتمشى الخلاف فقيل تجهيل لمثلهم ورد بأنه بعد تسليم صحة ما ذكر عدم تمشي الخلاف ممنوع فإنّ مبناه السماع ولا يندفع ذلك بإمكان التوفيق لترجيح إحدى القراءتين ورجوع معاوية رضي الله عنه لموافقة قراءته لما في التوراة من غير تأويل فلا يلزم ما ذكر شمامل. قوله: (ولعله بلغ ساحل المحيط فرآها الخ (إشارة إلى دفع ما يقال من أنّ الشمس في الفلك المحيط بالأرض وجرمها أكبر من الأرض بمرات، كما مر في أوّل سورة الإسراء فكيف

يمكن دخولها في عين ماء بالأرض فأوّله بأنه لما بلغ ساحل المحيط من جهة المغرب وهو قوي السخونة كثير الحمأة وجد الشمس، كأنها تغيب في ذلك البحر كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تطلع من البحر وتغيب فيه إذا لم ير الشط وهي في الحقيقة تطلع وتغرب وراء البحر، وعلى هذ التأويل كما قيد ووجد عندها قوما أي عند العين الحمئة وهو مأخوذ من كلام الإمام، وما قيل من أن الوجدان يدل على الوجود ولو كان المراد ما ذكر لقال: رآها ليكون من غلط الحس، مع أن إطلاق العين على البحر المحيط خلاف الظاهر مدفوع بأن وجد يكون بمعنى رأى كما ذكره الراغب فهي مساوية لها يجري فيها ما يجري فيها، وأما كونه لموافقة قوله: وجد عندها قوما فلا يجدي لأنه مؤوّل أيضاً كما عرفت وتسمية البحر المحيط عينا لا محذور فيه خصوصا وهو بالنسبة لعظمة الله كقطرة وإن عظم عندنا، وما ذكره من قصة ابن عباس رضي الله عنهما، أورده القرطبيّ وفيه أنه رجع بعد ذلك عن قراءته وما وقع في التوراة مؤوّل بما مرّ. قوله: (إما أن تعذب الخ) قدمه وخصهم بذاك لكفرهم، وقوله: حسناً أي أمر أو عبر بالمصدر للمبالغة، وقوله: بالإرشاد الخ الداعي لصرفه عن ظاهره الشامل للعفو أنه يبعد جعله مطابقا للتقسيم في الجواب، وكون الأسر حسنا في مقابلة القتل ظاهر، والإرشاد الدعوة للإيمان، وتعليم الشرائع لمن آمن منهم. قوله: (ويؤيد الأول قوله لخ) الظاهر أن وجه التأييد أنه بين أن الحسنى لمن آمن وهو نص فيما ذكر فهو كالتفسير له، وقيل: إنه ظاهر في اختيار الدعوة فلا بد أن يكون أحد شقي التخيير ليحصل الارتباط بين الجواب والسؤال الناشئ مما سبق المقدر وهو أيهما يختار وعلى الثاني يحتاج الارتباط إلى تكلف أنّ محصل الجواب عدم اختيار واحد من الشقين إيثار الحق الله على حق نفسه فدعاهم إلى الإيمان، وقال: أما من ظلم ولا يخفى أنه لا داعي لتقدير السؤال هنا بل إنه لما قال الله له ما ذكر قال هذا وبين ما سيفعله أو يقدر السؤال هكذا فما قال الخ، والمراد بالظل في النظم الكفر قال الشارح العلامة ولا يستراب في أنّ هذا التخيير إنما يكون على تقدير بقائهم على الكفر ولهذا قدم الدعوة وحكم على من أصر على كفره بالتعذيب والمراد بهذا التعذيب أحد الأمرين على الوجه الثاني بخلافه في قوله إما أن تعذب فإنه القتل خاصة وهذا خلاف الظاهر، واعترض! عليه بأن هذ التخيير فيمن

<<  <  ج: ص:  >  >>