للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لآياتي ويسمعوها فظنوا، والإنكار بمعنى أنه ظن فاسد لا أنه لبم يكن، واتخاذهم بيان لأن أن مصدرية والملائكة والمسيح تفسير لعبادي، وهذا على طريق التمثيل فيشمل عزير إبل الأصنام تغليباً، ودون هنا إفا نقيض فوق أو بمعنى غير أي أظنوا من هو في حضيض العبودية معبوداً، كالعليّ الأعلى أو أظنوا غير الله معبودا معه أو دونه فتأمل. وقوله: معبودين تفسير للوليّ هنا بمعنى المعبود، وقوله: نافعهم هو المفعول الثاني لحسب والأوّل اتخاذهم، وقوله: أو لا أعذبهم به أي باتخاذهم هذا هو المفعول الثاني وهو صحيح لأنه يكون جملة، والمعنى أظنوا اتخاذهم سببا لرفع العذاب عنهم فهو وعيد وتهديد لهم، وبهذا تغاير الوجهان، وهذا بناء على تجويز حذف أحد لمفعولين في باب علم كما جوّزه بعض النحاة وقد منعه آخرون، وقوله: كما يحذف الخبر دليله لأنه خبر في الأصل فكما يجوز حذف الخبر يجوز حذفه. قوله: (أو سدّ أن يتخذوا الخ (هذا على القور الآخر فالمعنى أحسبوا أنفسهم متخذي أولياء غيري أي لا ينبغي مثل هذا، قيل: وعلى هذا

يجوز أن يكون أولياء بمعنى أنصارا ولا وجه للتخصيص به. قوله: (وقر! الخ) هي قراءة عليئ رضي الله عنه بسكون السين والرفع وهو اسم بمعنى محسب أي كافي وهو مبتدأ وما بعده فاعل سد مسذ خبره أو خبر. قوله: (إذا اعتمد على الهمزة ساوى الفعل في العمل) اعترض! عليه أبو حيان بأنه مخصوص بالوصف الصريح كاسم الفاعل واسم المفعول ثم أشار إلى جوابه بأنه وقع في كلام سيبويه رحمه الله ما يقتضي أنّ المؤوّل به يعمل عمله ويعطي حكمه كما فصله في الدر المصون وكونه خبرا ظاهر، وقد ذكر في الكشاف وشروحه وجه حسن هذه القراءة وما فيها من المبالغة في ذفهم. قوله: (وفيه تهكم) أي في نزلا استعارة تهكمية إذ جعل ما يعذبون به في جهنم، كالزقوم والغسلين ضيافة لهم ولما كان الضيف لا يستقر في منزل الضيافة وينتقل إلى ما هو أهنأ له في دار إقامته كان فيه تنبيه على أنّ هذا ما لهم في ابتداء أمرهم، وسيذوقون ما هو أشدّ منه في جهنم أيضا، فذكر المحل في قوله: جزاؤهم جهنم شامل لكل ما فيها من النزل وما بعده، فما قيل إنّ أصل إكرام الضيف يكون أعلى حالا بمراتب من نزله، وهو عذاب الحجاب إلا أنّ قوله: ذلك جزاؤهم يأباه فإنّ المصدر المضاف من صيغ العموم مما لا وجه له. قوله: الآنه من اسماء الفاعلين أو لتنؤع أعمالهم) يعني أن أعمالاً تتميز والأصل فيه الإفراد، وأيضا هو مصدر، والمصدر شامل للقليل والكثير، فلذا كان حقه أن لا يجمع كما صرح به النحاة فلذا قالوا: إنّ جمعه على خلاف القياس إلا أن يقصد الأنواع فيجمع ليصزج بشموله لها فجمعه هنا إمّا لتنوّع أعمالهم وقصد شمول الخسران لأنواعه أو لأنّ ما ذكره النحاة إنما هو إذا كان باقيا على مصدريته أمّا إذا كان مؤوّلاً باسم فاعل، فإنه يعامل معاملته فيطرد وهنا عمل بمعنى عامل، والصفة تقع تمييزاً نحو لله درّه فإرسالاً أن أعمالاً جمع عامل فإن جمع فاعل على أفعال نادر، وقد أنكره بعض النحاة في غير ألفاظ مخصوصة كإشهاد جمع شاهد ولا جمع عمل ككتف بمعنى ذي عمل كما في القاموس وفي الدر المصون أعمالاً تمييز للأخسرين وجمع لاختلاف الأنواع وهو مراد المصنف رحمه الله، وقيل: إنه أشار بقوله لأنه من أسماء الفاعلين إلى أنّ الأخسرين بمعنى الخاسرين ولا وجه له لأنّ ضمير لأنه ليس للأخسرين بل لأعمالاً فما ذكره سهو منه، وأجيب عنه بأن مراده أنّ الضمير راجع لقوله: أعمالاً ولما كانت الأعمال أعمال هؤلاء الخاسرين حصلت منه الإشارة المذكورة وهذا لا محصل له وإنما زاد في الطنبور نغمة لا تطرب ولا تضحك، ورب عذر أقبح من الذنب فتدبر. قوله: (ضاع (يعني أنّ

الضلال هنا بمعنى الضياع ومنه الضالة فإسناده حقيقي، وقوله: كالرهابنة جمع رهبان وهو يكون واحداً وجمعا كما قاله الراغب: فمن جعله مفردا جمعه على رهابين ورهابنة، وفي الكشاف وعن عليّ رضي الله عنه أنّ ابن الكواء سأله عن الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا فقال: منهم أهل حروراء يعني الخوارج تعريضاً له لأنه منهم، واستشكل بأنّ قوله بعده أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه يأباه لأنهم لا ينكرون البعث، وهم غير كفرة، وأجيب بأن من اتصالية فلا يلزم أن يكونوا متصلين بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>