كأني لم أركب جواد اللذة ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال ...
ولم أسبأ الزق الروقي ولم أقل لخيلي كرّي كرّة بعد إجفال. ٠٠
فإنه كان الظاهر عكس صدري البيتين وقد أورد هذا الكندي على المتنبي في مجلس
سيف الدولة في قوله:
وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم ...
تمز بك الأبطال كلمي هزيمة ووجهك وضاج وثغرك باسم ...
ووجهه أنه عدل عن المناسبة المكشوفة إلى مناسبة أتم منها وهي أنّ الجوع خلؤ الباطن
والعرى خلوّ الظاهر، فكأنه قيل لا يخلو باطنك وظاهرك عما يهمهما، وجمع بين الظمأ المورث حرارة الباطن والبروز للشمس المورث حرارة الظاهر، فكأنه قيل لا يؤلمك حرارة الباطن والظاهر، وهذا مآل ما ذكره المتنبي كما فصله الواحدي وغيره، وقيل إنه عدل عنه تنبيها على أن الأوّلين أعني الشبع والكسوة أصلان وأن الأخيرين متممان فالامتنان على هذا أظهر، ولذا فرق بين القرينتين فقيل إن لك وانك وأيضا روعي مناسبة الشبع والكسوة لأن الأوّل يكسو العظام لحماً وأما الظمأ والضحى، فمن واد واحد وهذا الثاني هو ما أشرنا إليه، وقيل إن الغرض تعديد هذه النعم ولو قرن كل بما يشاكله لتوهم المقرونان، نعمة واحدة مع قصد تناسب الفواصل والأحسن ما قلناه وعدم التناسب غير مسلم، وقوله: فإنه الخ بيان لوجه التأييد والمراد بأقطابها أصولها وما عليه مدارها، وقوله: والكن أي المنزل معنى لا تضجي أي لا يبرز للشمس باكتنانه في ظله، يقال ضحى يضحا إذا برز لها، واكتفى بوقاية الحرّ عن وقاية البرد وقرن المصنف الشبع بالرفي، والكسوة بالكن إشارة إلى أنه مقتضى الظاهر وتوجيهه، ما مر والكفاف بفتح الكاف ما أغنى عن الناس، ومستغنيا حال من ضمير له، والاستغناء من قوله إن لك وأغراض في نسخة أعواض! جمع عوض ونقائضها مقابلاتها المفهومة من السلب وبذكر متعلق ببيان وتذكير على التنازع، ويطرق سمعه من باب نصر يصل إليه وهو مجاز مشهور كيقرع سمعه. قوله: (والعاطف وإن ناب الخ (جواب سؤال وهو أنّ الواو نائبة عن العامل وهو أنّ وإن لا تدخل على أن فلا يقال إن أنك منطلق، فكذا نائبها فأجاب بأنها نائبة عن العامل مطلقا لا عن أن بخصوصها والمانع هو الثاني وأجيب أيضاً بأنه إنما يمتنع الدخول بدون فاصل، وقد فصل بينهما ألا تراك تقول أن عندي أنك منطلق وعلى قراءة الكسر لا يرد السؤال لأنه معطوف عليها مع معموليها لا على اسمها ونسب الطيبي هذه القراءة إلى ابن كثير، وهو مخالف لما في كتب القرا آت المشهورة. قوله: الا من حيث إنه حرف تحقيق (أي لا أنه ناب عن أق بخصوصها وعبر عنها بما ذكر لأنه أشهر معانيها فلا يرد عليه أنه يفهم منه أنه لو ناب عنها لا من هذه الحيثية لم يمتنع كما توهم وهو أمر سهل وعلته نحوية. قوله: (فأنهى إليه وسوسته (إشارة إلى أن الوسوسة لازمة منقولة من اسم صوت وتعديتها بإلى لتضمين معنى الانتهاء وقد تتعدى باللام كذا في الكشاف وهو ينافي ما في الأساس من ذكر وسوس إليه في قسم الحقيقة فتأمّل. قوله: (الشجرة التي الخ (جملة قال الخ بيان للوسوسة وتفصيل لها ووقع
في الأعراف ما نهاكما الخ وقد مرّ تفسيره، ولا دلالة في النظم على تأخر أحدهما عن الآخر، كما قيل ويبلى معناه يفني أو يصير بالياً خلقا، كما أشار إلى الأوّل بقوله: لا يزول والى الثاني بما بعده، وهو من لوازم الخلود فذكره للتأكيد والترغيب. وقوله: أحض اتفسير لطفقا، لأنها من أفعال الشروع ويلزقان: تفسير يخضعان وكونه ورب التين رواية ذكرها المصنف رحمه الله ممرضة في الأعراف. قوله: (فضل الخ (الضلال معنى الغواية والخيبة من لوازمها، والمطلوب هو الخلد والمأمور به عدم الأكل منها، وقوله وقرئ فغوي أي بفتح الغين وكسر الواو وفتح الياء فالمراد تخمته باكله وبه فسرت القراءة الأخرى ولم يرتضه