للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتعارف لمطاوعته الأشياء فيما يحدث فيها من أفعاله. ووجه الشبه الحصول على وفق الإرادة من غير امتناع منها فيهما ويجوز أن يكون مجازا مرسلا من استعمال المقيد في المطلق والأوّل أولى وما قيل إنّ الظاهر من تعلق المجوزين لعموم المشترك بهذه الآية كما ذكره الأصوليون كون لفظ السجود حقيقة في معنى التسخير والانقياد أيضا وهذا غفلة عما حققه الراغب وغيره من أهل اللغة من أنّ حقيقته في أصل اللغة التطأمن والتذلل والانقياد، وهو عام في الإنسان والحيوان والجماد، وهو ضربان سجود باختيار يستحق به الثواب وهو مخصوص بالإنسان وسجود تسخير وهو عام له ولغيره ثم اختص في عرف اللغة والشرع بمعناه المعروف فله حقيقة لغوية وعرفية فما في الأصول باعتبار الأوّل وغيره باعتبار الثاني والنظر إليه لتبادره. قوله: (أو يدلّ بذله على عظمة مدبره (معطوف على قوله يتسخر والمراد أنه مجاز عن انقياده له أو عن دلالة لسان حاله بذلة احتياجه وافتقاره على صانعه وعظمته على حذ قوله: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) كما مرّ. وقوله ومن الخ أي يجوز إبقاؤه على ظاهره فما عطف عليه مغاير ويجوز تعميمه تغليبا ويكون ما بعده على الأوّل المراد به جميع مخلوقاته وتعبيره بيجوز إشارة إلى أنه خلاف الظاهر لما فيه من المجاز وعطف الخاص على العام واستبعاد تسخيرها أو تذللها بحسب الظاهر في بادئ النظر القاصر. قوله: (وقرئ والدواب الخ (قال ابن جني في المحتسب هي قراءة الزهري ولا أعلم من خففها سواه وهو قليل ضعيف قياسا وسماعا لأن التقاء الساكنين على حده وعذره كراهة التضعيف ولذا قالوا في ظللت ظلت وقالوا: جان بالتخفيف وذكر له نظائر كثيرة. قوله: (عطف عليها (أي على المذكورات قبله وقوله: إن جوّز أعمال الخ المراد بأعماله جعله دالاً على معنييه الحقيقيين أو الحقيقي والمجازي على القول بجواز استعمال المشترك في معنييه أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه كما ذهب إليه بعض أهل الأصول من الشافعية وفي متعلقة بأعمال كما يقال أعملت القدوم في الخشب فهي ظرفية لا سببية كما قيل وإسناده إلى الأوّل باعتبار التسخير أو التذليل وإلى كثير باعتبار سجود الطاعة المعروف. قوله: (فإنّ تخصيص الكثير (يعني لو كان السجود المسند إليه بمعنى التسخير وقرينه وهو عام لجميع الناس كان ذكر كثير لا يليق فلا بد من حمله على معناه الخاص ليقع من كثير منهم دون غيرهم كما هو الظاهر. وما قيل إنه يجوز أن يجعل التخصيص للدلالة على شرفهم والتنويه بهم واحتمال إرادة الانقياد اللائق بهم كما في التوضيح أو إرادة الطاعة للأوامر التكليفية أو التكوينية كما وردت وهو يختلف في العقلاء وغيرهم قيل إنه لا يوجد في جميع

الجن مع اندراجه تحت عموم من فكلام واه لأنه كيف يتأتى التنويه وقد قرن به غير العقلاء كالدواب وأمّا التخصيص المذكور فلا قرينة عليه، وكون الجن غير مكلفين خلاف القول الأصح. قوله: (دل عليه خبر) وهو إشارة إلى كثرة الفريقين فلا يتوهم أنه كان ينبغي مقابلته بالقليل. وقوله: سجود طاعة يعني أنّ السجود المقدر غير السجود المذكور فإن قلت هذا يخالف ما في المغني من أن شرط الدليل اللفظي على المحذوف أن يكون طبقه لفظاً ومعنى أو معنى لا لفظاً فقط فلا يجوز زيد ضارب وعمرو على أنّ خبر الثاني محذوف وهو ضارب من الضرب في الأرض! أي مسافر والمذكور بمعناه المعروف وهو الإيلام قلت: هذا غير مسلم لما ذكره النحاة من أنّ المقدر يكون لازما للمذكور نحو زيداً ضربت غلامه، أي أهنت زيداً ولا يكون مشتركا لمثال المذكور إلا أن يكون بينهما ملائمة فيصح إذا اتحدا لفظا وكان من المشترك وبينهما ملازمة تدل على المقدر، ولذا لم يصح المثال المذكور. قوله: (بكفره وآبائه) قدره لدلالة ما قبله عليه. وقوله تكريراً للأوّل لا يخفى ما فيه لأنه إن جعل التكبير للتأكيد مع العاطف وحق خبر الأوّل كما قيل فهو ركيك وان جعل تكريراً لفظا لا معنى كان المراد بالثاني غير المراد بالأوّل ولذا دلّ على كثرة المحقوقين كما قيل فلا تكرار فيه لأنه كقولك أو من قوم وقوم، ويدفع بأن التكرير بحسب اللفظ وهو قد يفيد التكثير والمبالغة كقولك عندي ألف وألف أي ألوف كثير قال:

لو عد قبر وقبر كنت أكرمهم

<<  <  ج: ص:  >  >>