إلى التفسيرين والمذهبين كما فصل في الكلام. قوله:(ومن لم يكن له ورّن وهم الكفار (قد مرّ في الأعراف تفصيله أيضا قال بعض المفسرين أي موازين أعماله أو أعماله التي لا وزن لها ولا اعتداد بها وهي أعماله السيئة انتهى يعني أنّ موازين أعماله الحسنة خفت بناء على أن أعمال الكفرة توزن لحكم الهية ولم يقيده بكونها حسنة لعلمه من تقييد الثاني المقابل له وبالجملة الحالية وهي قوله وهي أعماله السيئة وقوله أو أعماله الخ هذا هو القول الثاني وهو أنّ أعمال الكفار لا توزن بخلاف المسلمين لقوله لا نقيم لهم يوم القيامة وزنا وجعلناه هنا منثورا ونحوه وليس هذا مذهب المعتزلة لأن مذهبهم إنكار الوزن مطلقا وإنما بينا مراده مع وضوحه لأنّ بعض علماء العصر تردّد فيه واستشكله وأتى بما يتعجب منه حتى أنّ بعض الجهلة قال إن عبارته ليست السيئة بل السنية أي الحسنة وهذا ليس إلا لجهله وخفة ميزان عقله:
وما آفة الأخبار إلا رواتها
قوله: (غبنوها) يعني الخسارة والغبن وهو بيع متاعه بدون قيمته المراد به هنا على طريق الاستعارة التمثيلية تضييع زمانه في الضلال وترك ما أعطاه الله له من رأس المال وهو الاستعداد لأن يربح في تجارة الكمال بفطرة الإيمان وصالح الأعمال ولله در القائل كما تقدم مرارا.
إذا كان رأس المال عمرك فاحترس عليه من الإنفاق في غير واجب ...
قوله:(بدل من الصلة (ظاهره أنّ مجموعه بدل قال أبو حيان هذا بدل غريب وحقيقته أن
يكون البدل الذي يتعلق به في جهنم أي استقرّوا وكأنه من بدل الشيء من الشيء وهما لمسمى واحد على سبيل المجاز لأنّ من خسر نفسه استقرّ في جهنم قال الحلبي فجعل الجار والمجرور
بدلاً دون خالدون والزمخشري جعل جميعه بدلاً بدليل قوله أو خبرا بعد خبر لأولئك أو خبر مبتدأ محذوف وهذان إنما يليقان بخالدون وأمّا في جهنم فمتعلق به فيحتاج كلام الزمخشري إلى جواب وأيضا يصير خالدون مفلتا انتهى) أقول (ما قاله أبو حيان أن لا وجه له فإن خلودهم في النار يشتمل على خسرانهم فهو بدل اشتمال لا غرابة فيه ولا تجوّز وجعل جميعه بدلأنظراً لأنه بمعنى يخلدون فيها بلا تقدير لوقوعه صلة فهو جملة ميلا مع المعنى على عادته كما أشار إليه بعض شرّاحه. قوله: (تحرقها) بيان لحاصل المعنى واللفح والنفح مس لهب النار ولكون النفح أشد استعمل في الريح الطيبة نفحة دون لفحة وهذه الجملة حال أو مستأنفة والتقلص التباعد من شبه الشيخ وكلحون جمع كلح كحذر وقوله تأنيب بالنون والباء الموحدة بمعنى اللوم والتوبيخ والاستفهام إنكارفي. قوله:(ملكتنا الخ) يعني أنه من غلب فلان على كذا إذا أخذه وتملكه فهو إقا تمثيل أو شبهت المشقوة كالفطنة وهي كالشقاوة بالفتح والكسر مصدر بمعنى سوء العاقبة بمتغلب جائر وأسند الملك إليها تخييلاً والمراد أن جميع أحوالهم مؤدّية إليها وأنه غلب علينا ما قدر من الشقاء فأطعناه فليس فيه جبر وقوله إلى التكذيب كأنه جعل العود إلى التكذيب عودا إلى النار فتأمّل. قوله:(اسكتوا سكوت هوان) يعني أنه استعير من خسأت الكلب إذا طردته لهذا وفيه تشبيه لهم بالكلاب في الدال والهوان باعتبار أنها مكنية قرينتها تصريحية كما في ينقضون عهد الله وضمير فإنها للنار وقوله: فخسأ إشارة إلى أنه يكون لازماً متعذياً وما في الآية من اللازم وعطفه بالفاء إشارة إلى أن الثاني مطاوع للأوّل وأنه قد يكون ثلاثيا مثل جبرته فجبر ورجعته فرجع كما في شرح الإيضاج لأبي عليّ وغيره وقوله في رفع العذاب تقديره بقرينة السياق وقوله: رأسا أي أبداً وأصلا وهو مجاز مشهور. قوله:(قيل إن أهل النار الخ) هذا تأييد للتفسير الثاني وقولهم أبصرنا وسمعنا يعني آمنا يرجون به انقطاع العذاب وقوله حق القول أي بالخلود وأنه لا يفيد إيمانكم اليوم وعواء بضم ومد صياج الكلب
ونباحه فالمراد التشبيه به. قوله: (أي لآئه (وهو تعليل على القراءتين لزجرهم باتخاذهم من ذكر سخرة وسخريا مفعول ثان لاتخذ وجعل عين السخرة مبالغة وقرئ بالضم والكسر واختلف أهل اللغة هل هما بمعنى واحد أو بينهما فرق بالمباينة أو الأعمية وأصله من التسخير وهو الإحضار قهراً فإن كان للهزؤ به فهو السخرية بالكسر ومنه المسخرة وان كان لعمل واستخدام من غير أجرة فبالضم وقيل غير ذلك وهو مصدر زيدت فيه ياء