للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (وقيل بيوت المماليك) فالتقدير أو بيوت الذين ملكتم مفاتحهم وملك المفتاح لما

كان كناية شائعة لم ينظر إلى أنّ التصرّف فيه مما يتوصل إليه بالمفتاح أو لا وهو ترشيح لجريهم مجرى الجماد من الأموال وهو ضعيف ولذا مرضه المصنف رحمه الله وقيل لأنه داخل في بيوتكم. قوله: (وهو يقع على الواحد والجمع) والمراد به الجمع وعن جعفر رضي الله عته من عظم حرمة الصديق أن جعله الله في الأنفس والثقة بمنزلة النفس والأخ والأب والابن وعن ابن عباس رضي الله عنهما الصديق أكبر من الوالدين لأنّ الجهنميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بهما بل قالوا: ما لنا من شفيع ولا صديق حميم. وقد قيل: في سر إفراده إنه إشارة إلى قلة الأصدقاء والخليط الصديق المخالط. قوله: (ولذلك خصص الخ) جواب عن أنه إذا وجد الإذن فلا اختصاص له بهؤلاء بأنه جرى على المعتاد فلا مفهوم له أو هو كان في أوّل الإسلام جائزاً بغير إذن ثم نسخ قوله: فلا احتجاح للحنفية الخ لأنهم كغيرهم في الاحتياج إلى الإذن وأما كونه بغير إذن إن قيل: به فهو منسوخ فلا دليل فيه على الاحتمالين على عدم قطع المحرم مطلقاً والشافعيّ يقول بقطع ما عدا الوالدين والمولودين وإنما لم يقطع عندنا لعدم الحرز فلو سرق مال ذي رحم محرم لم يقطع ومجرد احتمال إرادة ظاهر الآية وعدم النسخ كاف في الشبهة المدرئة للحدّ كما قالوه (وفيه بحث) لأنّ درء الحدود بالشبهات ليس على إطلاقه عندهم كما يعلم من أصولهم وقيل الآية دلت على إباحة دخول دارهم بغير إذنهم فلا يكون مالهم محرزا وأورد عليه أنه يستلزم أن لا تقطع يد من سرق من الصديق والجواب بأنه ليس بصديق

ضيقي إذ هو لا يسرق ليس بشيء إذ الشرع ناظر إلى الظاهر لا إلى السرائر. قوله: (مجتمعين أو متفرقين) جميعاً كاجمعين لا يفيد الاجتماع في وقت واحد خلافا للفراء لكنها هنا دلت على ذلك بمقابلة أشتاتاً وأمّا القول بأنه إشارة إلى أنّ جميعا بمعنى مجتمعين أطلق على الجمع كالصديق فلا وجه له لأنّ جميعا بمعنى كل لفظه مفرد ومعناه جمع. قوله: (كانوا يتحرّجون أن كل الرجل وحده) أي يعدونه حرجا واثما وهذه سنة للعرب موروثة من الخليلى عليه الصلاة والسلام كما قال حاتم:

إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلا فإني لت آكله وحدي ...

وفي الحديث " شر الناس من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده " والنهي في الحديث لاعتياده بخلا بالقرى نفي الحرج عن وقوعه أحيانا بيان لأنه لا إثم فيه ولا يذم به شرعا كما دمّت به الجاهلية فلا حاجة إلى القول بأنّ الوعيد في الحديث لمن اجتمعت فيه الخصال الثلاث دون الانفراد باكل وحده فإنه يقتضي أنّ كلاً منها على الانفراد غير منهيّ عنه وليس كذلك والقول بأنهم أهل لسان لا يخفى عليهم مثله ولكن لمجيء الواو بمعنى أو تركوا كل واحد منهما احتياطا لا وجه له لأنّ هؤلاء المتحرجين لم يتمسكوا بالحديث وكون الواو بمعنى أو ئوهم لا عبرة به ولا شك أنّ اجتماع الأيدي على الطعام سنة فتركه بغير داع منه. قوله: (لاختلاف الطعام الخ) قيل إنه كحكام وحفاظ جمع طاعم كاكل لفظا ومعنى ولم نره في شيء من كتب اللغة ولو قيل إنه الطغام بفتح الطاء وبالغين المعجمة وهم أسافل الناس أو العامّة جاز والقزازة بقاف مفتوحة وزاءين معجمتين فسره في الكشف بالتباعد عن الناس وفي القاموس التباعد عن الدنس وفي الحواشي هو مدح والكزازة ذم وهو غير مناسب والمناسب ما في أفعال السرقسطي إنه كراهة المأكول والمشروب يقال قززت الشيء إذا عفته وهو ضد النهمة وهي اشتهاء الطعام والرغبة فيه والمعنى أنّ الناس يختلفون في كراهة الطعام ومحبته فمن أحبه كره مشاركة الناس لشرهه. وقوله: من هذه البيوت أي السابقة بقرينة الفاء فمن خصه ببيت نفسه والسلام على أهله لم يصب. قوله: (فسلموا على أنفسكم الخ) يشير إلى أنّ المراد بالأنفس من هم بمنزلتها لشدة الاتصال كقوله ولا تقتلوا أنفسكم ويحتمل أنّ المسلم إذا ردّت تحيته عليه فكأنه سلم على نفسه كما أنّ القاتل لاستحقاقه القتل بفعله كأنه قاتل نفسه وأمّا إبقاؤه على ظاهره لأنه إذا لم يكن في البيت أحد يسن أن يقول السلام علينا على عباد الله الصالحين كما روي عن ابن عباس فبعيد غير مناسب لعموم الآية والسلام بمعنى السلامة من الآفات وقيل إنه اسم من أسمائه وفي الانتصاف

<<  <  ج: ص:  >  >>