قوله:(ولا يستعمل إلا لله الخ) يرد عليه قول العرب تباركت النخلة وقراءة أبي رضي الله
عنه كما سيأتي في الكشاف تباركت الأرض ومن حولها ومثله تعالى. قوله:(والفرقان) كالغفران مصدر فرق الشيء من الشيء وعنه إذا فصله ويقال: أيضا فرقت بين الشيئين كما ذكره الراغب قال تعالى: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}{لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ}[سورة المائدة، الآية: ٢٥] فمن قال إنه مصدر فرق الشيء إذا فصل بعضه عن بعض لا مصدر فرق بين الشيئين إذا فصل بينهما كما قاله المصنف فقد أخطأ ولا فرق بين الفرق والتفريق بغير التكثير خلافا لمن فرق بينهما بأنّ الأوّل في المعاني والثاني في الأجسام وتقريره بمعنى بيانه. قوله:(أو لكونه مفصولاً) يعني أنه مصدر بمعنى الفاعلى أو بمعنى المفعول كما في هذا الوجه وقوله: في الإنزال يقتضي اختصاصه بالقرآن لأنه هو المفصل إنزاله وغيره أنزل دفعة واحدة كما صرحوا به ولذا قسره بعضهم بكونه مفصلاً إلى الآيات والسور فمن اعترض عليه بأنه لا اختصاص له بالقرآن وهذا يقتضيه فقد أخطا. وقوله: كقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ} يعني أنّ الإنزال كما يضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يضاف إلى امّته لأنه واصل إليهم ونزوله لأجلهم فكأنه منزل عليهم وان كان إنزاله حقيقة عليه وقد قيل إنه المراد بالجمع تعظيماً. قوله:(أو الفرقان) أو الله كقوله: {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} وقوله: للجن والإنس فصيغة جمع العقلاء باعتبار الأفراد على ظاهرها من غير تغليب وخرح الملك ولذا قدم للعالمين للحصر ولتشويف لا لمجرد الفاصلة. قوله:(منذرا) على أنّ فعيلاً صفة مشبهة بمعنى منذر أو مصدر كالنكير وجعل نفس الإنذار مبالغة كرجل عدل وليس هذا على طريق الل! والنشر المرتب لقوله: العبد أو الفرقان كما قيلى. قوله:(وهذه الجملة وإن لم تكن معلومة الخ) هذا بناء على أنّ جملة الصلة لا بد أن تكون معلومة قبل التكلم بها لأنّ تعريف الموصول بما في الصلة من العهد وفي شرح التسهيل أنه غير لازم وأنّ تعريف الموصول كتعريف الألف واللام يكون للعهد والجنس وأنه قد تكون صلتة مبهمة للتعظيم كقوله:
فإن أسنطع أغلب وأن يغلب الهوى فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه ...
وعلى تقدير تسليمه فهذه الجملة معلومة للرسول صلى الله عليه وسلم وهو المخاطب بها كقوله:
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}[صورة الإسراء، الآية: ا] ولا يلزم أن تكون معلومة لكل أحد وما اختاره المصنف رحمه الله من تنزيلها منزلة المعلوم أبلغ لكونه كناية عما ذكر مناسبة للرد على من أنكر التوحيد والنبوّة وأما على إبدال الذي بعده فلا يجدي في دفع السؤال كما سيأتي. قوله:(بدل من الأوّل الخ) قيل هذا أوجه من القطع مدحاً لأنه لكونه حق الصلة أن تكون معلومة أبدل منه هذا بيانا وتفسيرا له ولا يخفى ما فيه أو هو نعت للأوّل أو في محل رفع أو نصب بمقدر وقوله: مرفوع أو منصوب يحتمل أنهما على المدح بتقدير هو أو أمدح أو أعني ويحتمل أنه لف ونشر فالرفع على البدلية والنصب على المدح. وزعم النصارى بمعنى مزعومهم. وقوله: كقول الثنوية فإنهم يقولون بتعدّد الإله فيثبتون للإله شريكاً. وقوله: مطلقا أي بجميع وجوهه أو لجميع الأشياء وما يقوم مقامه الولد وما يقاومه أي يساويه الشريك. وفوله: فيه تنازع فيه الفعلان وقوله: ما يدل عليه أي على ما ذكر أو على الملك خلقا وتصرفاً وفي قوله: خلق كل شيء ردّ على الثنوية القائلين بأن خالق الشر غير خالق الخير ولا يضر كونه مذكورا قبله وكون ما ذكر دليلا عليه لأنه يفيد فائدة جديدة لما فيه من الزيادة أو هو ردّ على المعتزلة وهو معطوف على إحدى الصلتين. قوله:(أحدثه إحداثاً) المراد كما في الكشاف وشرحه أنّ الخلق إيجاده مقدّرا بمقدار وتسوية من الصور والأشكال فالتقدير معتبر فيه فذكره بعده يكون تكرارا كأنه قيل قدّره فقدّره فأشار إلى أنّ التقدير المذكور ليس هو المعتبر في معنى الخلق بل بمعنى جعله مهيا لما خلق له من العلم والتكليف وهما غيران فلا حاجة إلى ادعاء القلب فيه لرعاية الفاصلة كما قيل مع أنّ المقلوب غير مقبول مطلقا مع أنه لا يدفع السؤال بدون الوجهين وقوله: من مواد مخصوصة وصور كقوله:
وزججن الحواجب والعيونا
والمعنى خلقه من مواد وعلى صور وأشكال وقوله: وهيأه إشارة إلى ما مر. قوله:(أو
فقدره الخ) إشارة إلى جواب ثان وهو أنه تجريد لاستعمال الخلق في مجرد الإيجاد