خلاف القول الأصح عند المسفرين والمحدثين، وان كان هذا على المشهور بأنه أوحى إليه بألفاظه تارة كصلصلة الجرس، وتارة بتمثيل الملك له فينصل بالسمع أوّلاً، ثم يرتسم في الخيال ويدركه الروح لا بالعكس واسقاط الواسطة بشدة تلقيه لا يفيد هنا كما لا يخفى فلعل المراد بالمعاني ما يقابل الأعيان لا ما يقابل الألفاظ، ويكون هنا شأناً خاصاً بالأنفس القدسية والأرواح المقدسة كأنها لقوّتها تسبق الحواس في إدراك ما يبقى منها حتى كأنها تأخذه منها على عكس ما للعامّة، وليس المراد بالمعاني ما يقابل الألفاظ لأنّ المراد بالقرآن هنا معناه القديم لقوله:{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}[سورة الشعراء، الآية: ١٩٦] فإنّ ما فيها معناه لا لفظه لأنه بتقدير مضاف أي وانّ معانيه كما سيأتي ولا وجه لما قيل إنّ النازل غالباً هو المعاني، وما ذكر باعتباره فتأمّل، ولوح المتخيلة تخييل والمراد بالمتخيلة الخيال. قوله:(واضح المعنى) إشارة إلى كون مبين من أبان اللازم، وقد جعل من المتعدى على معنى مبين للناس ما يحتاجون إليه من أمور دينهم ودنياهم، وقوله لثلا يقولوا الخ أي فيتعذر الإنذار، واذا تعلق بنزل فهو بدل من به بإعبادة العامل، وقوله وهم هود الخ هذا بناء على المشهور، وزاد بعضهم خالد بن سنان وصفوان بن حنظلة، وعلى تعلقه بالمنذرين فالمعنى أنك أنذرتهم كما أنذر آباؤهم الأوّلون وأنك ليست بمبتدع لهذا فكيف كذبوك فاندفع ما قيل إنه ليس فيه كبير فائدة إذ معناه إنك من جملة من أنذر بلغة عربية، وقوله بلغة العرب إشارة إلى أنه ليس المراد
بلسان عربيّ لغة قريش كما نقل عن ابن عباس وضي الله عنهما. قوله:(وإن ذكره الخ) يعني أنه على تقدير مضاف، والأوّل أقرب لأنّ مثله مستفيض كما يقال فلان في دفتر الأمير، ولذا قدمه وفيه إشارة إلى ردّ ما نقل عن أبي حنيفة من جواز القراءة بالفارسية في الصلاة والاحتجاج له بهذه الآية لكونه سمي ما في زبر الأوّلين قرآنا، وهو معناه لا لفظه فإنه إذا كان على تقدير مضاف لم يكن كذلك، وقد قيل إنّ الصحيح من مذهبه أنّ القرآن هو النظم، والمعنى معاً وتفصيله في كتب الفروع والأصول ولم يذكر كون الضمير للنبيّ صلى الله عليه وسلم لضعفه كما في الكشاف وشروحه. قوله:(على صحة القرآن) أي وان لم يتأملوا وجوه إعجازه، وقوله أن يعرفوه أي القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله وهو أي هذا الكلام تقرير إشارة إلى أنّ الاستفهام تقريرفي لهم بأن علم أهل الكتاب دليل عليه وقيل إنه إنكاريّ وقوله والخبر لهم لم يجعله أن يعلمه لئلا يلزم الخبر عن النكرة، وان تخصصت بالظرف بالمعرفة وقوله: أو الفاعل معطوف على قوله الاسم، وكان حينئذ تامّة واذا كانت ناقصة واسمها ضمير الشأن يجوز أيضا كون لهم آية مبتدأ وخبراً، وأن يعلمه بدل من آية أيضا. قوله:(كما هو عليه) أي بحاله من الإعجاز والعربية، وزيادة الإعجاز للمنزل أو المنزل عليه بإتيان الأعجم بأفصح كلام عربيّ، وقوله أو بلغة العجم فيكون منافياً لفائدة تنزيل القرآن بلسان عربيّ مبين، وعلى الأوّل يكون بيانا لشدّة شكيمتهم في المكابرة بعد أن بان لهم حقية القرآن فقوله لفرط عنادهم واستكبارهم على الوجه الأوّل، أو لعدم فهمهم على الثاني فهو لف ونشر مرتب. قوله:) والآعجمين جمع أعجمي الخ (كالأشعرين جمع أشعريّ، وقوله على التخفيف أي على حذف ياء النسب في الجمع دون المفرد، وقوله ولذلك جمع جمع السلامة أي لكون مفرده أعجمياً لا أعجم لأن أفعل فعلاء لا يجمع جمع سلامة لكنه قيل إنه في الأصل البهيمة الجماء لعدم نطقها، ثم نقل أو تجوّز به عمن لا يفصح، وان كان عربيا وهو بهذا المعنى ليس له مؤنث على فعلاء فلذلك جاز جمعه جمع السلامة لوجود الشرط فيه بعد ذلك، كما قيل لكنه اعترض عليه بقول الرازي في غريب القرآن الأعجم هو الذي لا يفصح والأنثى عجماء، ولو سلم فالأصل مراعاة أصله، وهو ليس بوارد لأنه وان سمع عجماء لكنه ليس بهذا المعنى كما في صلاة النهار عجماء، وجرج العجماء جبار كما صرّح به أهل اللغة، وكون ارتفاع المانع لعارض مجوّزاً صرّح به النحاة، ثم أنّ كون
أفعل فعلاء لا يجمع هذا الجمع مذهب البصريين، والفرّاء وغيره من الكوفيين يجيزونه، كما في الدرّ المصون فلا يرد الاعتراض على من جعله جمع أعجم عجماء كما توهم، وقوله: كذلك الإشارة فيه لما قبله أو لما بعده كما سبق. قوله: (والضمير للكفرا لقرب مرجعه لفظاً ومعنى وجعله للبرهان الدال عليه قوله، أو لم يكن لهم آية بعيد لفظا ومعنى، وأمّا رجوعه للقرآن وإن خلا عن