ماهنا إلا أن يحملى على التوزيع بجعل التحقيق في مقابلة التخييل في قوله ما لبثوا غير ساعة لأنه تخييل مثل الخمر ياقوتة سيالة يعني يجعل لفاً ونشرا غير مرتب فالصرف عن الصدق راجع إلى النسيان لأنه غير مطابق للواقع وان طابق اعتقادهم بحسب الظن، والتحقيق راجع إلى الاستقلال فيكون عين ما في الكشاف بأدراج التخمين في الاستقلال والكذب في النسيان، وفيه كلام من أراده فعليه بالكشاف وشروحه. قوله:(يصرفون في الدنيا) يصرفهم الشيطان والهوى عن لحق وما يطابق الواقع، والمراد تشابه حاليهم في الكذب وعدم الرجوع إلى مقتضى العلم لأنّ مدار أمرهم على الجهل والباطل والغرض من سوق الآية وصف المجرمين بالتمادي في الباطل والكذب الذي ألفوه. قوله:) من الملافكة أو من الإنس) أو منهما جميعاً. قوله:(في علمه تعالى أو قضائه (لأن الكتاب يطلق على ما ذكر من المعاني والنسخ مختلفة ففي بعضها عطفه بأو وفي بعضها بالواو وهو مبنيّ على تفسيري القضاء المذكور في كتب الكلام فانه فسر تارة بعلمه أزلاً كما أنّ القدر إيجاده بقدرته الأزلية على وجه مطابق لعلمه به، وتارة أرجع القضاءة إلى الإرادة والقدر إلى الخلق كما قرّره في شرح المواقف فإن قلت الأوّل مسلك الفلاسفة، والثاني للأشاعرة فلا يناسب ما هنا الأوّل قلت الأشاعرة لا يخالفونهم في كون القضاء يكون بمعنى العلم، وإنما الخلاف بينهم في المراد بالعلم فإنه عند الفلاسفة العلم بما يكون عليه الوجود من أحسن نظام، وأكمل انتظام كما صرّح به في شرح المسايرة فاندفع ما قيل إنّ الوجه أو لأنّ القضاء غير العلم ثم إن المعنى معلومه ومقضيه أو هو على ظاهره وفي ظرفية مجازية أو تعليلية. قوله:) أو ما كتبه الخ) فهو مجاز مرسل أو استعارة، وقوله وهو أي القرآن الذي ذكر فيه لبثهم إلى البعث ما ذكر لكنه ذكر في هذه الآية ضمنا لأنّ استمرار البرزخ إلى البعث يقتضي لبثهم مذثه ولم يذكر تتمة الآية وهو إلى يوم يبعثون اكتفاء بما وقع في النظم هنا، وهذا على غير الوجه الأوّل. قوله:) ردوا الخ (قيل هذا تذكير لهم بتفاصيل المدة وبه يزول نسيانهم، وهو على الإضافة مشكل لعلمهم بحقيقة
المدة حينئذ إلا أن يكون المراد توبيخهم وتفضيحهم، والتهكم بهم وجعله توطئة لما بعده مما فرّع على إنكار البعث فتأمّل. قوله: (أنه حق) إشارة لمفعوله المقدر لأنّ تنزيله منزلة اللازم خلاف الظاهر من غير داع له هنا، وقوله لتفريطكم الخ دفع لما يتوهم من أنّ عدم العلم عذر لهم. قوله:(والفاء لجواب شرط الخ) فهي فصيحة وجوّز فيها أيضاً أن تكون عاطفة والتعقيب ذكريّ، أو تعليلية وقوله فقد تبين الخ أي فأخبركم بأنه قد تبين الخ، وإنما أوّل به ليظهر تسبب الجزاء على الشرط والفاء في قوله فيومئذ الخ تفصيل لما يفهم مما قبله من أنه لا يفيدهم الاستقلال أو النسيان أو هوجواب شرط مقدر أيضا، وقوله معذرتهم كأنهم توهموا الاستقلال ونحوه عذراً في عدم طاعتهم كقوله:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ}[سورة فاطر، الآية: ٣٧] الآية، وقوله وقد فصل بالتخفيف وهو راجح قال الرضى فإن كان منفصلا فترك العلامة أفضل. قوله:(لا يدعون إلى ما يقتضي الخ) العتب هو اللوم على ما صدر في حق العاتب والمراد به هنا الشذة والمكرو. لأنه المعتوب عليه، والأعتاب يكون بمعنى الحمل على عتب المعتب أو إزالته كما قاله الراغب فهو من الأضداد والاستعتاب طلب الأعتاب فإنّ الطلب قد يكون للثلاثيّ، والمزيد وهو من قبيل الثاني فقوله لا يدعون بيان لمعنى الطلب، وقوله إلى ما يقتضي الخ إشارة إلى أن دعوتهم للأعتاب وطلبه بمعنى طلب ما يقتضيه وهو سببه وما يؤدى إليه، وقوله من التوبة والطاعة بيان لما والظاهر أنه حينئذ مجاز عن السبب البعيد لأنّ ما ذكر سبب لإزالة المكروه المعتوب عليه، وأزالته سبب لإزالة العتب فالمعنى لا يطلب منهم طاعة ورجوع عما كانوا عليه من الكفر والعصيان لعدم فائدته حينئذ فلا مخالفة بينه وبين ما ذكره في حم السجدة كما توهم، وفي القاموس لا يستعتبون لا يستقيلون فيستقالون بردّهم إلى الدنيا وهو وجه آخر لكنه غير بعيد مما هنا. قوله:(من قولهم استعتبني فلان الخ) الاستعتاب طلب العتبى وهو الاسم من الإعتاب كالعطاء والستعطاء، وتفسيره بالاسترضاء والإرضاء تفسير باللازم توضيحا جعلهم بمنزلة مجنيّ عليه عاتب على الجاني، ولذا قال في الكشاف شبهت حالهم بحال قوم جنى عليهم فهم عاتبون على الجاني، وهو