عمرو بن أبي سفيان والموادعة المصالحة والمراد صلح الحديبية والمعنى في زمان الصلح، وهو زمان ممتدّ مستمرّ فلا يرد عليه ما قيل إنّ أبا سفيان لم يجيء إلا بعد نقض
المشركين العهد لتجديد. فلم يرضه صلى الله عليه وسلم والمناسب ثبات الجانبين على المعاهدة دون تكليف أمر آخر، وقيل إنّ هذا كان بعد أحد والقائمون معهم من أهل نواحي المدينة ومنها، وأرفض بمعنى أترك ذكرها والمراد ذكرها بما يسوء بدلالة المقام، ودلالة الآية على سبب النزول ظاهر وندعك منصوب في جواب الأمر، وجملة إنّ الله الخ مستأنفة لتعليل ما قبلها. قوله تعالى:( {واتَّبَعَ} ) من عطف الخاص على العامّ، وقوله ما يصلحه فاعله ضمير ما هذه ومفعوله ضممير ما تعملون وفي نسخة ما يصلحك ويغني معطوف على يصلح، وفي نسخة مغن بالعطف على موح وفيه إشارة إلى أنّ ذكر إحاطة علمه بعمله وعمل غيره أنه يعلمه بما يليق وينبغي له فيه لأنّ معرفة الطبيب بالداء ليصف الدواء قيل في كلامه ما يومئ إلى أنّ خطاب تعملون للنبيّ صلى الله عليه وسلم وجمع للتعظيم، وليس بمتعين لجواز كونه عامّا ولكن المقصود بالخطاب هو وبيان حاله فهو داخل فيه بالدخول الأولى، وجعل المراد من العمل إذا كان الضمير للكفرة والمنافقين كيدهم ومكرهم لمناسبته للمقام، ثم جعله كناية عن دفعه لأنه المقصود منه وعلى هذه القراءة يجوز كون الضمير عامّاً أيضاً وفي كونه التفاتا تأمّل. قوله:(ما جمع قلبين في جوف) أراد أنّ خصوص الرجل ليس بمقصود، والمعنى ما جعل لأحد أو لذي قلب من لاحيوان مطلقا وجعل بمعنى خلق وتخصيص الرجل بالذكر لكمال لوازم الحياة فيه فإذا لم يكن ذلك له فكيف بغيره من الإناث، وأمّ الصبيان فما-لهم إلى الرجولية، وقوله في جوفه للتأكيد والتصوير كالقلوب التي في الصدور لأنّ القلب معدن الروح أي مقرّ الروح الحيوانيّ وهو البخار اللطيف النورانيّ الذي يتولد من دم رقيق فيه وبه الإدراك عند الحكماء وذكر المعدن إيماء إلى تشبيهه بالجوهر، وقوله المتعلق بفتح اللام أي الذي تتعلق به النفس الناطقة أي تتصل به لتفيض بواسطته ما تدركه عليه، وذكر النفس لتأويلها بالمدرك ونحوه وقوله أوّلاً إشارة إلى تعلقها بالبدن بواسطته، وقوله منبع القوى استعارة والمراد أنه الحامل لها إلى جميع البدن، وهذا على رأي وعند جالينوس أنّ الكبد والدماغ منبعان لبعض القوى أيضاً وقد مرّ ما فيه في سورة الحجر. قوله:) وذلك يمنع التعدّد) أي تعدّد قلب الإنسان أو الحيوان لأنه يؤدّي إلى التناقض كما سيأتي تقريره، وذلك
إشارة إلى كونه منغ جميع القوى، والدعوة بكسر الدال في النسب وبفتحها في الطعام ونحوه. قوله:(والمراد بذلك) أي قوله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ردّ ما زعمته العرب من أنّ لبعض الشجعان ودهاة العرب قلبين حقيقة، واللبيب صاحب اللب وهو العقل أي العاقل والأريب السريع الفطنة والانتقال من الأرب وهو الدهاء فليس بتأكيد وإن كان بمعنى العاقل، والأرب العقل فهو تأكيد. قوله:(ولذلك قيل الخ) في نسخة أو لجميل وفي أخرى وقيل لجميل وفي غيرها ولجميل بالواو وظامره أنه جميل بن أسد غير أبي معمر وفي التيسير أبو معمر جميل بن معمر، وفي البحر روي أنه كان في بني فهر رجل يقال له أبو معمر جميل بن أسد وظاهره أنهما واحد وكلام الكشاف على التردّد وعليه يحمل كلام المصنف على نسخة أو المشهورة، وفي القاموس ذو القلبين جميل بن معمر فيه نزلت ما جعل الله الآية، والذي صححه في كتاب المرصع (أنه ابو معمر جميل بن معمر عبد الفه الفهري، وكان رجلا لبيباً حافظاً لما يسمع فقالت قريش ما حفظ هذا إلا وله قلبان، وكان يقول إنّ لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم أبو معمر لقيه أبو سفيان وإحدى نعليه في رجله والأخرى معلقة بيده فقال له ما حل الناس قال له: هزموا قال: فما بال إحدى نعليك بيدك قال ما شعرت إلا أنهما في رجلي فعرفوا يومئذ كذيه فيما كان يدعيه) وهذه الآية نزلت فيه، وقد ردّ الشاطبي عليهم وقال: إنه ليس بفهري بل الجمعي كما نقلته من خطه، والذي صححه ابن حجر في الإصابة بعدما ذكر فيه اختلافا أنه جميل بن أسيد مصغرا الفهري، وأنه يكنى أبا معمر وضعف قول ابن دريد أنه عبد الله بن وهب، وقول غيره إنه جميل بن معمر الجمعي وبهذاه عرفت ما في كلام المصنف، وغيره وأن العطف لا وجه له وأنّ أسيدا مصغراً لا أسداء مكبرا فأعرفه. قوله:(والزوجة المظاهر عنها) وفي نسخة منها وهو الموافق لما