ببعض ما لهن من الجلابيب فيكون البعض واحداً منها أو يكون المراد ببعضه جزأ منه بأن ترخى بعض الجلباب، وفضله على وجهها فتتقنع به والتجلبب على الأوّل لبس الجلباب على البدن كله، وعلى هذا التقنع بستر الرأس والوجه مع إرخاء الباقي على بقية البدن، وقوله يدنين يحتمل أن يكون مقول القول، وهو خبر بمعنى الأمر أو جواب الأمر على حذ {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاَةَ}[سورة إبراهيم، الآية: ٣١] والجلباب إزار واسع يلتحف به فما قيل إنّ النظم عليهن دون على
وجوههن، وقد فسره يستر وجوههن وأبدانهن به فكيف يصح الحمل على التبعيض حينئذ إذ لا يصح لفظ البعض في موضع من إلا أن يبقى بعض من الجلباب غير مستعمل في الوجه، والبدن ليس بشيء لأن قوله عليهن إما على تقدير مضاف أي على رؤسهن أو وجوههن، أو على أنه مفهوم منه وإن لم يقدر، وأما قوله وأبدانهن فبيان للواقع لأنها إذا أرخت على الوجه بعضه بقي باقيه على البدن لكن المأمور به ضم بعض منه لأنّ به الصيانة. قوله:(عن الإماء والقينا!) إما من عطف أحد المترادفين أو المراد بالقينات البغايا وأما إرادة المغنية فلا وجه له، وقوله يميزن فالمراد بالمعرفة التمييز مجازاً لأنه المقصود ولو أبقى على معناه صح، قال السبكي في طبقاته واستنبط أحمد بن عيسى من فقهاء الشافعية من هذه الآية أنّ ما يفعله العلماء والسادات من تغيير لباسهم وعمائمهم أمر حسن، وان لم يفعله السلف لأن فيه تمييزا لهم حتى يعرفوا فيعمل بأقوالهم. قوله:(لما سلف أليس المراد به أمر التجلبب قبل نزول هذه الآية حتى يقال إنه لا ذنب قبل الورود في الشرع فهو مبني على الاعتزال، والقبح العقلي بل المراد ما سلف من ذنوبكم المنهيّ عنها مطلقا فيغفرها إن شاء ولو سلم إرادته فالنهي عنه معلوم من آية الحجاب التزاماً، وقيل المراد لما عسى يصدر من الإخلال في التستر. قوله تعالى: ( {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} الخ) إمّا أن يراد بالمنافقين والمرّاض والمرجفين قوم مخصوصون، ويكون العطف لتغاير الصفات مع اتحاد الذات على حد:
إلى الملك القرم وابن الهمام
أو يراد بهم أقوام مختلفون في الذوات والصفات فعلى الأوّل تكون الأوصاف الثلاثة للمنافقين، وهو الموافق لما عرف من وصفهم بالذين في قلوبهم مرض كما مرّ في البقرة، والأراجيف بالمدينة أكثرها منهم لكنه لا يوافق ما ذيل به من الوعيد بالإجلاء والقتل فإنه لم يقع للمنافقين، وعلى الثاني هم المنافقون، وقوم ضعاف الدين كالمؤلفة قلوبهم أو الفسقة وأهل الفجور والأوّل أصح لأنه لم يكن الثاني في صدر الإسلام، والمرجفون اليهود الذين كانوا مجاورين لهم بالمدينة، وهذا هو الظاهر من كلام الشيخين وقد وقع القتال والإجلاء لمن لم ينته منهم وهم اليهود وهذا لا عبار عليه، وقوله عن تزلزلهم متعلق بينته وهو على طريق اللف والنشر فهذا ناظر لضعف الإيمان وقلة الثبات وما بعده للفجور وقوله إخبار السوء كالهزيمة،
وقوله الأخبار الكاذب بصيغة المصدر وفي نسخة الأخبار الكاذبة بصيغة الجمع، وقوله لكونه متزلزلاً أي في نفسه أو لاضطراب قلوب المؤمنين به، وقوله بقتالهم واجلائهم أي بقتال بعض منهم وإجلاء بعض آخر، وقوله لنأمرنك إشارة إلى أنّ الإغراء وهو التحريش تجوز به هنا عن الأمر، وقوله ما يضطرّهم ما مصدرية وهو معطوف على إجلائهم. قوله:) وثم للدلالة على أنّ الجلاء الخ) يعني أنها للتفاوت الرتبى والدلالة على أنّ ما بعدها أبعد مما قبلها وأعظم وأشد عندهم، وقوله زماناً الخ فهو منصوب على الظرفية أو المصدرية وأما نصبه على الحال والمعنى أنهم قليلون أي أذلاء وملعونين صفته فلا يخفى حاله. قوله:(نصب على الشتم) أي بفعل مقدّر كأذم ونحوه مما يدل على الشتم، وهذه العبارة نما أتستعملها النحاة في النعت المقطوع، واذا كان حالاً فهو من فاعل يجاورونك، وقوله والاستثناء شامل له أي للحال بناء على أنه يجوز أن يستثنى بأداة واحدة معا شيئان، وقد تقدم ما فيه ومنع أكثر النحاة له. قوله:) ولا يجورّ أن ينتصب الخ) أي على أنه حال من ضمير أخذوا وقتلوا الخ أي لأنّ ما بعد أداة الشرط لا يعمل فيما قبلها مطلقا وفي المسألة ثلاثة أقوال للنحاة، المنع مطلقاً والجواز مطلقاً، والجواز في معمول الجواب والمنع في معمول الشرط وقوله لأنه لا يبذلها على أنّ المبدل هو الله. قوله:(عن وقت قيامها) إمّا لأنّ الساعة اسم الزمان أو لأنه على تقدير مضاف وقيامها وقوعها، وقوله استهزاء إن كان السؤال من المشركين المنكرين لها والتعنت من