للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في آية العنكبوت من أنّ الضمير في موضمع من لأنه مبهم غير معين فضميره مثله، وليس المراد شخصا واحداً باعتبار وقتين لأنه لو أريد ذلك لصدّر يقدر بأداة التعاقب لا يعارض ما ذكر هنا كما قيل لأنه لا تكرار ثمة فأجراه على مقتضى ظاهره من العموم بخلاف ما هنا. قوله: (فلا تكرير) بل فيه تقرير لأن التوسيع والتقتير ليسا لكرامة ولا هو إن فإنه لو كان كذلك لم يتصف بهما شخص واحد، وقوله إمّا عاجلا أو آجلا المراد بالعاجل ما في الدنيا وبالآجل ما في الآخرة ويجوز أن يريد ما تراخى زمانه، وأمّا تخصيصه بالآخرة فلا وجه له وهو مناف لما ورد في الأحاديث الصحيحة نحو " لكل منفق خلف ولكل ممسك تلف " فلذا لم يرتضه المصنف رحمه الله وان نقله الزمخشري عن مجاهد، وعدّ الزمخشري من الخلف القناعة فإنها كنز لا يفنى. قوله: (لا حقيقة لرارّقيتة) أورد عليه وعلى نظائره ابن

عبد السلام في أماليه كما نقله السيوطي في شرح السنن وادّعاه بعضهم من نتائج قريحته هنا أنه لا بدّ من مشاركة المفضل للمفضل عليه في أصل الفعل حقيقة لا صورة وأجاب الآمدي بأنّ معناه خير من تسمى بهذا الاسم وأطلق عليه، وقد أجيب بأجوبة أخر في قوله أحسن الخالقين وكلها مدخولة فلا بد من جعل الرازقين بمعنى الموصلين للرزق والواهيين له بجعله حقيقة في هذا كما صرح به الراغب حيث قال الرزق العطاء الجاري والرازق يقال لخالق الرزق ومعطيه فيقال رازق لغير الله ولا يقال لغيره تعالى رزاق ولا حاجة إلى ما قيل إنه من عموم المجاز أو من استعماله في حقيقته ومجازه بناء على تجويزه. قوله: (تقريعاً الخ) فالمقصود من خطاب الملائكة تقريع المشركين لعلمه بما ستجيب به الملائكة، وقوله وتخصيص الملائكة أي تخصيصهم بالذكر هنا في حكاية ما قيل لهم في ذلك الموقف، وليس المراد الحصر كما يتوهم من تقديم إياكم حتى يقال الحصر بالنسبة للأصنام، والا فقد قيل مثله لعيسى عليه الصلاة والسلام في قوله " نت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين فتدبر. قوله: (لآنهم أشرف شركائهم) إن كان الخطاب مع غير أهل الكتاب لتبادره من المشركين فشرفية الأصنام على زعمهم ولا يرد عيسى عليه الصلاة والسلام، والجواب بما مر متمش هنا ويؤيده قوله والصالحون للخطاب. قوله: (ولأن عبادتهم) يعني الملائكة مبدأ الشرك في العرب هذا بناء على ما وقع في بعض كتب القصص، والتواريخ كما نقله ابن الوردي في تاريخه من أنّ سبب حدوث الأصنام في العرب أن عمرو بن لحيّ أوّل من عبد الأصنام في العرب ودعاهم لذلك فأطاعوه وكان مرّ بقوم بالشام رآهم يعبدون الأصنام فسألهم فقالوا له هذه أرباب نتخذها على شكل الهياكل العلوية نستنصر بها ونستسقي فتبعهم، وأتى بصنم معه فاستمرّ العرب على ذلك إلى أن جاء الإسلام وعبادة عيسى عليه الصلاة والسلام بعد ذلك بزمان كثير، وقد مرّت إليه إشارة في تفسير قوله تماثيل في هذه السورة، وما روي إنها صور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام رواية أخرى فلا وجه لما قيل إنّ هذا لا أصل له، وقوله بالياء فيهما أي في قوله يحشر ويقول. قوله: (لا موالاة الخ) تفسير لقوله من دونهم وقوله حيث أطاعوهم فعبادتهم مجاز عن إطاعتهم فيما سوّلوه لهم وفيما

بعده حقيقة، وقوله أو للمشركين فضمير كانوا للأكثر وهذا كالبيان له وقوله واكثر بمعنى الكل يعني على الثاني، ويجوز أن يبقى على ظاهره لأنّ منهم من لم يؤمن بهم وعبدهم اتباعا لقومه كأبي طالب وأيضا لا حاجة إلى التوجيه على الوجه الثاني إذ لم يتمثل الجن للكل. قوله: (إذ الأمر فيه كله له الخ) إن كان المراد بالنفع والضرّ الثواب والعقاب الأمر فيه كله من جنسهما لأنها دار الجزاء فلا غبار عليه، وان أريد الأعئم منهما ورد أنّ بعضهم قد ينفع بعضا كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالشفاعة فإما أن يقال إنها لا تكون بدون إذن كما مرّ فالنفع في الحقيقة منه تعالى أو المراد بالملك الاستقلال فيه وكونه كما يختار لا كما يختار له فإنه يقال هو مالك لأمره لمن يثصرف فيه كيف يشاء فلا يرد ما قيل إنّ إيقاع الشفاعة ملك لها. قوله: (عطف على لا يملك الخ) قيل إنه عطف على قول للملائكة لا على لا يملك كما قيل لأنه يقال يوم القيامة خطاباً للملائكة مترتباً على جوابهم المحكي، وهذا حكاية له صلى الله عليه وسلم لما سيقال للعبدة إثر ما يقال للملائكة أي يوم نحشرهم، ثم نقول للملائكة كذا ويقولون كذا ونقول للمشركين ذوقوا الخ يكون من الأحوال والأهوال ما لا يحيط به نطاق المقال، وقيل الأحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>