بالملائكة وهو تفسير ثان يعني أنّ المراد بالصافات الأفلاك وصفها قصدها مرصوصة بعضها فوق بعض ولا معنى لإدخال طبقات العناصر في كلامه هنا كما توهم، والزاجرات الأرواح الفلكية على مذهب الحكماء في إثبات أرواح ونفوس لها، وهو ما عبر عنه في لسان الشريعة بالملائكة، وزجرها بالمعنى الأوّل هو سوقها وتدبيرها ومن الناس من لم يعرفه فقوله طوائف الأجرام تفسير للصافات، وقوله الأرواح الخ تفسير للتاليات والمراد بها الملائكة لأنها عندهم جواهر بسيطة ذات حياة ونطق يعني ملائكة عرشه والكروبيون المقرّبون الملازمون للتسبيح، والتقديس فلذا وصفت بالتاليات. قوله:(أو بنفوس العلماء) وجه ثالث فالصافات نفوسهم، وذواتهم المصطفة في عبادة ربهم والزجر لغيرهم عن الكفر والمعاصي وتلاوتهم لآياته وشرائعه، وقوله أو بنفوس الغزاة جمع غاز وهو الوجه الرابع فصفوفهم في الحرب وزجرهم إمّا سوقهم للخيل وركضها أو منعهم وكفهم العدوّ، وتلاوتهم ذكر الله تعالى في وقت القتال كما كان دأب الخلفاء والصحابة رضي الله عنهم فإنهم لا يشغلهم شيء عن ذكر الله ومبارزة العدوّ ومقابلته، ومعارضته في الكرّ والفرّ. قوله:(والعطف لاختلاف الذوات الخ) هو إشارة إلى ما في الكشاف من أنّ الصفات المعطوفة بالفاء فيها ثلاث احتمالات الأوّل أن تدل على ترتب معانيها الوضعية في الوجود إذا كانت الذات فيها واحدة كقول ابن زيابة الحماسي:
يا لهف زيابة للحرث الصابح فالغانم فالآيب
وقد تقدم شرحه وما فيه يعني الذي صبح فغنم فآب أي رجع وهذا على أنّ المراد بها ذوات متحدة لكن صفها وجد أوّلاً لأنه كما لها في نفسها، ثم وجد بعده الزجر للغير لأنه تكميل للغير يستعد به وهو واقع بعده ثم إفاضة الغير عليها بعد الاستعداد الثاني، وهو مع
الاتحاد أيضاً أن تدل على تفاوت الصفات في الرتب ترقياً وتدلياً كخذ الأفضل فاكمل فالأعلى، والثالث وهو مع التعدّد هو أن يكون لتفاوت موصوفاتها في الرتبة نحو رحم الله المحلقين فالمقصرين، وما جعله الزمخشريّ ثلاثة أقسام جعله المصنف قسمين، وقد قال شراح الكشاف إنّ القسمة رباعية لأنّ الترتيب إمّا بين الصفات أو بين الموصوفات وكل منهما إمّا بحسب الوجود أو الرتبة فالترتيب بين الصفات بحسب الوجود كما في البيت وبينها بحسب الرتبة نحو أتنم العقل فيك إذا كنت كهلا فشاباً وفي الموصوفات بحسب الوجود نحو وقفت كذا على بني بطنا فبطنا وفي الرتبة رحم الله المحلقين فالمقصرين، ووجهه في الكشف بأنّ المراد من قول الزمخشري ترتب موصوفاتها في ذلك التفاوت من بعض الوجوه إذ لا تدل على ترتب الموصوفات في الوجود البتة، ثم أنه يكون حقيقية في نحو رحم الله المحلقين الخ إذا أريد الترتب في الرحمة ومجازاً إن أريد الترتب في الفضل وكلاهما داخل في الدلالة على ترتب الموصوفات في التفاوت من بعض الوجوه، وأما دلالتها على ترتب الصفات في غير الوجود فمجاز البتة ومته ظهر أنّ القسمة مثلثة، ١ كل وكأنه يعني أنّ مدلولها الترتب الخارجي بين الصفات أو الموصوفات، وهو إمّا من حيث وجود ذواتها أو من حيث تلبسها بالعامل، وأما الترتب الرتبي وهو الثالث فمعنى مجازيّ لها اعتباري وبشرف الصفة وضده يكون الموصوف كدّلك وعكسه فليس بينهما فرق معتبر فلذا كانت مثلثة وحينئذ تظهر التثنية أيضاً فافهم وتدبر. قوله:(لاختلاف الذوات) أي في الثاني، وهو محتمل في غيره أيضاً ولا تعيين فيه حتى يقال الأظهر أنّ الفاء للترتيب الرتبي كما قيل وهذا توجيه لا يثار الفاء على الواو وقوله فانّ المصنف الخ هذا لا يقتضي الترتب الوجودي إلا بتكلف مع أنه لا يناسب الثاني، وتأخر التلاوة لأنها تحلية وما قبلها تخلية. قوله:(أو الإساقة) يقال أساقه إساقة إذا جعله سائقا كما أثبته أهل اللغة، وقوله غير أنه الخ كون ما في المثال الذي ظنه حديثاً الفضل للمتقدم ظاهر لأنّ حلق المحرم أفضل من تقصير. فيكون من قبيل التنزل، وأما كون ما في النظم على العكس ففيه نظر لأنه جعله في الكشاف وشروحه محتملا لهما من غير ترجيح فتأمّل. قوله:(أو الرتبة) عطف على الوجود، وليس المراد الشرف لأنه يكون ترقيا وعكسه كما سيشير إليه ومن قال الظاهر أن يقول الشرف فقد غفل عما أراد ولا يضرّ كون المثال منه فلا حاجة إلى تكلف أنه المراد لما بينهما من الملازمة. قوله:(رحم الله المحلقين الخ) في الكشاف، وقولك