للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العقاب لم يبق لهم ما ينتظر وإنما المترصد له كفار مكة. قوله: (فإنهم كالحضور) جمع حاضر إشارة إلى توجيه الإشارة إليهم بما يشار به للقريب بعد الإشارة بأولئك الذي يشار به للبعيد مع اتحادهما على هذا التفسير بأنّ الأوّل على ظاهره لا يحتاج إلى توجيه فلما سبق ذكرهم مكرراً مؤكداً استحضرهم المخاطب في ذهنه فنزل الوجود الذهني منزلة الوجود الخارجي المحسوس، وأشير إليه بما يشار به للحاضر المشاهد، ويجوز أن يكون للتحقير ولا ينبو عنه التعبير بأولئك لأنّ البعد في الواقع مع أنه قد يقصد به التحقير أيضا. قوله: (أو حضورهم في علا الله) معطوف على استحضارهم، وتخصيص هذا بهذا الاعتبار مع مشاركة ما قبله له فيه للتفنن ومثله دوري لا يسئل مع أن الثاني محل التغيير والعدول أو لأنهم لما كذبوا كانوا موجودين حقيقة وانتظارهم بعد هلاكهم فوجودهم في نف! س الأمر، وعلمه الحضوري فقط فناسب اعتباره، وأما كفاية صيحة واحدة فلا يلائمه ولا يستدعيه كما قيل إلا أن يريد هذا. قوله: (هي النفخة (وتسميتها صيحة ظاهر، وقد مر تفسيرها بالعذاب أيضاً، وقوله من توقف مقدار فوقا فهو إمّا بحذف مضافين أو فواق مجاز مرسل بذكر الملزوم وإرادة لازمه كما إذا كان بمعنى الرجوع، والترداد بفتح التاء بمعنى الرد والصرف أو بمعنى التكرار من قولهم رد الفعل إذا كرره ومنه التردد على الناس، وقوله فإنه أي الفواق بيان للمناسبة المصححة للتجوّز به عما ذكر، وقوله وهما لغتان ظاهره أنهما بمعنى واحد وهو ما مر وهو قول لأهل اللغة، وقيل المفتوج اسم مصدر من أفاق المريض إفاقة وفاقة إذا رجع إدى الصحة والمضموم اسم ساعة رجوع اللبن للضرع. قوله: (قسطنا من العذاب (أي ما عين لنا

منهه فيكون استعجالاً لما هدّدوا به متضمنا للتكذيب وهو المراد، وقوله أو الجنة الخ فهو سؤال لأن يعجل لهم النعيم الذي سمعوه منه صلى الله عليه وسلم يعد به من آمن فطلبوا تعجيله لهم في الدنيا استهزاء، أو حقيقة فإنهم لما وعدوا نعيم الجنان بالإيمان وهم لا يؤمنون بيوم الحساب سألوا ما وعدوه في الآخرة قبلها قال السمرقندي، وهو أقوى التفاسير لقولهم ربنا ولو كان على ما يحمله أهل التأويل من سؤال العذاب، أو الكتاب استهزاء لسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يسألوا ربهم، ولذا ترك المصنف درج الاستهزاء فهي كما في الكشاف. قوله:) الصحيفة الجائزة (أي العطية وصحيفتها ما يكتبه الكبير لبعض عماله أو أتباعه لأن ينفذه للسائل ونحوه وذكر بعض أهل اللغة إنها كلمة حدثت في الإسلام، وأصلها أنّ أمير جيش كان بينه وبين عدوّه نهر فقال: من جاز هذا النهر فله كذا فكان يعطي من جازه مالاً، ثم سميت به العطية مطلقا وقد تظرّف القائل:

إنّ العطايا في زمان اللؤم قد صارت محرمة وكانت جائزة

وقوله قد فسر بها أي بقطعة القرطاس هنا أيضا أما القط بمعنى الصنور والهرّ فقال ابن

دريد في الجمهرة لا أحسبه عربيا صحيحا وودّ بأنه ورد في الحديث " عرضت علئ جهنم فرأيت فيها المرأة الحميرية صاحبة القط " وقد ذكره صاحب القاموس وغيره، وطلبهم نظر صحائفهم استهزاء وتكذيب أيضا، وقوله استعجلوا ذلك هو جار على الوجوه في تفسيره. قوله:) تعظيماً للمعصية الخ) إشارة إلى المناسبة بين اصبر واذكر المقتضية للعطف، وقوله بعظائم النعم إشارة إلى قوله إنا سخرنا والصغيرة تزوّجه الآتي وسيأتي كونها صغيرة أو خلاف الأولى، وقوله نزل عن منزلته الظاهر أنّ ما بعده تفسير له فمنزلته توقيره ونزوله عنها استحقاقه للعتاب وقوله أو تذكر فاذكر على الأوّل بمعنى الذكر المعروف، والمراد منه تخويف من أنذره وعلى هذا بمعنى التذكر والمراد تنبيهه صلى الله عليه وسلم للاعتناء بحفظه عما يوجب العتاب وعنان نفسه استعارة مكنية أو تصريحية. قوله: (يقال الخ) فالأيد القوّة والأيدي القوي واياد بكسر الهمزة

بمعنى القوّة أو ما يتقوى به فإنه يقال له قوّة أيضا وقوله مرضاة مصدر ميمي بمعنى الرضا، وقوله وهو تعليل أي في قوله أنه أوّاب كما هو معروف في مثله من الجمل وقوله دليل الخ لأنّ الأيد القوّة وهي محتملة هنا لأن تكون في الجسم لما سخر له من عمل الحديد والصبر في القتال، ونحوه وأن تكون في الدين فلما علل بهذا تعين أنّ المراد قوّته الدينية دون الدنيوية لأن الأوّاب وان دل على الرجوع المطلق المحتمل للرجوع لله رجوعا دينيا والرجوع لما يزاوله فيكون بدنياً لكنه اشتهر في الأوّل لا سيما في القرآن فإنه لم يستعمل فيه الأوّاب إلا بمعنى التوّاب، والتوبة الرجوع دلّه فسقط ما اعترض به

<<  <  ج: ص:  >  >>