قوله: الحكم بأنواع العلوم التي يضيق عنها نطاق الإفهام. قوله:(صفات أخر الخ) أي هذه صفات لله كما أن العزيز العليم كذلك، وذكر الغافر، وقابل التوب وذي الطول للترتيب وذكر شديد العقاب للترهيب والمجموع للحث على المقصود من إنزاله وهو المذكور بعده من التوحيد والإيمان بالبعث المستلزم للإيمان بما سواهما والإقبال على الله وجعل الإضافة فيه حقيقية لا لفظية ليصح وصف المعرفة به. قوله:(على أنه لم يرد الخ) على إمّا للاستعلاء أي مبنيّ على ذلك أوللتعليل كما في قوله على ما هداكم، وهذا إشارة إلى ما قاله الإمام من أنه لا نزاع في جعل غافر، وقابل صفة لأنهما يفيدان معنى الدوام والاستمرار وكذا شديد العقاب لأن صفاته تعالى منزهة عن الحدوث، والتجدد قال أبو حيان: وهذا كلام من لا يعرف النحو ولا نظر فيه للزوم كون عليم وحليم معارف فيكون تعريفها بأل وتنكيرها سواء وهو تعصب منه، وقد تقدم في الفاتحة تحقيقه والمراد أنها تقبل التعريف والتنكير باعتبار تعين متعلقها وعدمه، والإضافة للمعمول لفظية فإذا قصد الاستمرار ألحق بالأسماء الجامدة فتكون إضافته معنوية معزفة كما حققه الرضى، وغيره وقد مرّ ما فيه. قوله:(وأريد بشديد العقاب مشدّه (بزنة اسم الفاعل من أشده أي جعله شديداً إشارة إلى دفع ما قاله النحاة من أن سيجويه رحمه الله قال: إضافة الصفات لفظية، ويجوز أن تجعل محضة ويوصف بها المعارف إذا لم تعمل إلا الصفة المشبهة وشديد منها، وهذا لا يرد على مذهب الكوفيين القائلين بأنها كغيرها من الصفات قد تكون إضافتها محضة أمّا على ما ذهب إليه غيرهم يقولون إنها مؤوّلة باسم الفاعل لتعطي حكمه فشديد بمعنى مشد كاذين بمعنى مؤذن. قوله: (أو الشديد عقابه) يعني أنه معرّف بالألف واللام، وأصله الشديد العقاب فحذفت لمشاكلة ما معه من الأوصاف المجرّدة من الألف اللام والمقدر في حكم الموجود، والمراد بالازدواج هنا المشاكلة وهي مرجحة له والمصحح أمن الإلباس بغير الصفة لوقوعه بين الصفات، واحتمال كونه بدلاً وحده لا يلتفت إليه. قوله:(أو إبدال) جمع بدل معطوف على قوله صفات، ولا يرد عليه قفة البدل في المشتقات ولا إن النكرة لا تبدل من المعرفة ما لم توصف ولا إن تعدد البدل لم يذكره النحاة كما قيل لأن النحاة صرّحوا بخلافه في الجميع وللدماميني فيه كلام طويل الذيل في أول شرح الجزرية لا يسعه هذا المقام فإن أردته فانظر فيه، وقوله: مشوّس للنظم أي لما فيه من الإلباس، والفصل بين الصفات بالبدل وتنافي غرضيهما فإن الإبدال تجعله في نية الطرج ووصفه يقتضي أنه متبوع مقصود من الكلام. قوله:(وتوسيط الواو بين الأولين الخ) بيان لوجه العطف وتركه فيما عداه
مع إن العطف وتركه يجري في الصفات والإبدال على القول بتعددها، وقوله: بين الأولين يعني من أولى صفات الترغيب والترهيب، وقوله: لإفادة الجمع فيه نظر لأنه إن أراد بلازم اجتماعهما كما حمل عليه كلام الزمخشري فهو نزعة اعتزالية إذ لا عفو عن الكبائر عندهم بدون توبة، وان أراد اجتماعهما في الجملة فغيره كذلك، والظاهر أنه أراد أن بينهما اجتماعا وعدم تناف كما بين العقاب والطول. قوله:) أو تغاير الوصفين الخ) يعني عطف لدفع توهم الاتحاد بينهما وقوله: موقع الفعلين، وهما ستر الذنب الذي هو معنى المغفرة وقبول التوبة عنه فإنه موقع الأول ذنب باق وموقع الثاني ذنب زائل ممحوّ، والمراد ببقائه إنه باق في صحائف سيآته لا ينمحي ما لم يتب وان لم يعاقب عليه فإذا تاب محي وكتب له حسنة بدلاً منه. قوله:(التائب من الذنب كمن لا ذنب له) وجه التشبيه فيه أن كلاً منهما لم يكتب عليه ذنب، والتارك للذنب عمداً مثاب كالتائب فإنه يثاب بالتوبة ومغفرة ذنبه بستره، وثوابه بتوبته كل منهما بفضل الله وكرمه فلا يخالف مذهب أهل الحق، وهذا أيضا غير مخالف لما تقدم مع أنه لو خالفه لم يكن فيه ضير لأنّ كلاً منهما وجود نكتة مستقلة فلا يرد عليه شيء، وقوله: جمعها أي جمع التوبة، والمراد إنه اسم جمعيّ كتمر وتمرة. قوله:) والطول الفضل بترك العقاب المستحق (الطول في اللغة التفضل، والظاهر منه إنه الثواب والإنعام فالمتبادر أنه يفسره به أو بما يعتم الثواب، وترك العقاب أمّا تخصيصه بالثاني كما فعله المصنف فقد قيل عليه إنه خلاف الظاهر مع أنه مكرّر مع قوله غافر الذنب فكان الداعي له ذكره بعد شديد العقاب كأنه قال: إن شاء عاقب وان شاء ترك، وقيل الأنعام لما كان بمقتضى وعده كان كالواجب اللازم