للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من شأنه قبول الحياة. قوله: (سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل (وضيق فم الركية، وقد ذهب السكاكي تبعاً للزمخشري فيه كما بينه الشريف في شرح المفتاح بما حاصله أنه جعل السعة المجوّزة في المثال الثاني كالواقعة، ثم أمر بتغييرها فتجوز بالتضييق الموضوع لتغيير السعة المحققة عن تغيير السعة المقدرة، كما قيل وليس بشيء إذ لا يكون المثال حينئذ من قبيل التجوّز بالفعل عن الإرادة أصلا فلا يظهر كونه أبعد! ن اتجوّز في قرأت، وهو من المجاز المرسل كالاستعارة بالكناية فالحق أن يقال نزلت الإرادة المتوهمة المتعلقة بالسعة منزلة السعة فعبر عنها بالسعة لأنّ مآل هذه العبارة أعني ضيق إلى قولك غير السعة أعني غير إرادة السعة إلى إرادة عدمها، وبهذا ينكشف كونه أبعد من التعبير بالفعل عن إرادته المتحققة، وإلى ما ذكرنا أشار بقوله إنما الذي هناك هو مجرّد تجويزان يريد إظهار التوسعة أي هناك إرادة مجوّزة متوهمة ثم قال فتنزل مجوّز مراده وأراد به السعة مراداً بها إرادة السعة لا معناها الحقيقي كما توهمه ذلك القائل وبني عليه كلامه مع كونه معترفا بأنّ ضيق فم الركية من تنزيل إرادة

الشيء منزلة ذلك الشيء والتعبير بها عنه، وقد يقال إحداث الشيء ضيقا من توابع معنى التضييق أعني التغيير من السعة إلى الضيبئ فليستعمل اللفظ فيه مجازاً فإنه أقرب لما تكلفه المصنف انتهى (أقول) ذهب العلامة إلى أن الصانع إذا اختار أحد الجائزين، وهو متمكن منهما على السواء فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر فجعل صرفه عنه كنقله منه يعني أنه تجوز بالتفعيل الدال على التصيير، وهو النقل من حال إلى حال أخرى عن لازمه، وهو الصرف عما هو في حيز الإمكان ويتبعه جعل الممكن الذي يجوز إرادته بمنزلة الواقع وجعل أمره بإنشائه على الحال الثانية بمنزلة أمره بنقله عن غيرها، وتغييره بها ولذا جعله المحمق بمنزلة الاستعارة بالكناية فيكون مجازاً مرسلاَ بالكناية، وهذا معنى قول السكاكي إذ الذي هنا هو مجرّد تجويز إن يريد إظهار التوسعة فتنزل مجوّز مراده منزلة الواقع، ثم تأمره بتغييره إلى الضيق واقتضاؤه سبق السعة من صريح التصيير، وهو النقل لا بحكم العقل كما زعمه السعد فليس في كلامه ما يعترض عليه غير هذا فإنه طبق المفصل ووفق بين كلام الشيخين، ولما فيه من الدقة حيث اعتبر الإرادة المجوّزة بطريق الإيماء والتبع كان أبعد من قرأت المتجوّز به عن الإرادة ابتداء ولا تجوز في أحد الإرادتين إذ ليس في الكلام ما يدل عليها بالوضع حتى يجعل التصرف فيه، وإنما جاء هذا بطريق الاستتباع فما ادّعى أنه التحقيق تعسف لا محصل له فتدبره فإنه من الحور المقصورات في خيام الأذهان. قوله: (وإن خص بالتصغير) يعني أن بعضهم زعم أن المجاز في هذا المثال إنما هو في قولهم صغر البعوض فإنه لم يكن كبيراً بخلاف الفيل فإنه من ابتداء كونه نطفة صغيرة إلى تكامل جثته انتقل من الصغر إلى الكبر لأن المراد به جثته المشاهدة، وهي لم تنقل من صغر إلى كبر وهذا بحث في المثال لا طائل تحته. قوله: (فاختيار الفاعل المختار أحد مقبوليه) الضمير للفاعل المختار أو هو للشيء والمقبول ما يقبله الشيء من الحالين، وقوله: تصيير وصرف له عن الآخر هو كلام مجمل لكنه غير صاف من الكدر فإن إطلاق الإماتة على عدم الحياة ابتداء إن كان حقيقة عنده، وكذا التصغير والتكبير إن كن حقيقة في إنشائه صغيراً أو كبيراً والتصيير فيه بمعنى الصرف ولو بدون نقل من حالة إلى أخرى فيكون مخالفا لكلام أهل المعاني فلا يخفى أنه مخالف للمعقول، والمنقول قال الراغب في مفرداته صار عبارة للتنقل من حال إلى حال واوفعال والتفعيل موضوع للتصيير وإن أراد التشبيه اًي اختياره كالتصيير، والمراد منه الصرف كما مرّ فيكون موافقا لما في الكشاف ففيه إجمال مخل ومن فسره به هنا نسي ما قدمت يداه من أنه من متناول المعنى الوضعي فتدبر. قوله:) الإحياءة الأولى وإحياءة البعث (فالإماتتان العدم للحياة الأصلي أو من حال النطفة إلى نفخ الروج فيه، والثانية المعروفة والإحياءة الأولى بنفخ الروح فيه أوّلاً، والثانية في النشور. قوله:) وقيل الإماتة الآولى عند انخرام الأجل (بالخاء المعجمة والراء المهملة أي عند انقطاع عمره ومدة

حياته والداعي لارتكابه ليكون الموت بمعناه المعروف المزيل للحياة، ومرضه لأنه مخالف لظاهر النصوص ولما يلزمه من إثبات إحيا آن ثلاثة، وهو كما في الكشاف خلاف ما في القرآن إلا أن يتمحل

<<  <  ج: ص:  >  >>