الأول. قوله:(أقوات أهلها (ففيه مضاف مقدر وإنما قدره لأنّ الإضافة للاختصاص لامية ولا معنى لاختصاص القوت بالأرض إلا أنه نشأ منها وهو الوجه الثاني، أو أنه مأكول لمن فيها وهو يحتاج إلى التقدير المذكور، وقيل الإضافة على الثاني مجازية لأدنى ملابسة، وكونها فيها وان جاز جعله وجها للإضافة لكنه لا طائل تحته، وقوله: بأن عين متعلق بقدر وهو تفسير له فالمراد بتقديره لهم تعيين كل لكل، وقوله: بأن خص حدوث الخ لا يخفى ما فيه فإنّ كل نوع لا يختص بقطر بل أكثرها مما به ينتظم أصل المعاس مشترك كالحنطة، وان كان لبعض البلدان خواص ليكون الناس محتاجين بعضهم لبعض، وهو مقتض لعمارة الأرض وانتظام أمور العالم وقراءة قسم مؤيدة للوجه الثاني ولذا أخرها. قوله: (في تتمة أربعة أيام) وهي يومان بعد اليومين السابق ذكرهما ففيه مضاف مقدر، والداعي لذلك إنه لو لم يقدر كذلك أو يجعل خبر مبتدأ محذوف تقديره كل ذلك في أربعة أيام لم يصح إذ خلق السموات والأرض في ستة كما صرح به في القرآن، والحديث منها ما ذكر هنا واثنان لخلق السماء واختار هذا لأنّ حذف المضاف أسهل من حذف المبتدأ، ولأنه يلزمه توالي حذف مبتدأين لتقدير مثله فيما بعده. قوله:(وإلى الكوفة في خمسة عشر) أي في خمسة يكون بها جملة السفر من البصرة خمسة عشر فهو بتقدير مضاف كما في النظم، وقوله: للإشعار الخ بيان للمرجح للعدول عن يومين إلى ما ذكر لدلالة ما هنا على أنّ اليومين اللذين خلق فيهما الأقوات متصلان بالأوجلين لتبادره من جعلهما جملة واحدة، واتصالهما في الذكر وليكون ما ذكر بياناً لجملة الأيام التي خلق فيها الأرض وعدى والتصريح بعلى لأنه بمعنى التنصيص. قوله:(على الفذلكة الخ) الفذلكة بمعنى جملة الحساب، وهو لفظ منحوت من قولهم بعد العدد لشيء فذلك يكون كذا فاشتقوا منه فعللة مصدر، وقالوا في جمع فذلكة فذالك لكنه قيل عليه إنّ الفذلكة يذكر فيها تفاصيل إعداد ثم يؤتى لها بجملة فيقال مثلاً هنا يومان وبومان فهي أربعة، وما هنا ليس كذلك فكيف يكون فذلكة وهو لم يذكر فيه أحد المقدارين فإمّا أن يقال إنه للعلم به نزل منزلة المذكور أو يقال المراد إنه جار مجرى الفذلكة كما أشار إليه المدقق في الكشف، وما قيل إنّ الفذلكة بمعنى الإنهاء كما في القاموس فذلك حسايه إذا أنهاه وفرغ منه وبالأربعة ينتهي مقدار مدّة خلص الأرض، وما فيها مع كونه ليس مراد المصنف رحمه الله قطعا لا يعتمد على ما ذكره في
القاموس لمخالفته للاستعمال وكلام الثقات كما لا يخفى على من له إلمام بالعربية والآداب مع أنّ مراده ما ذكرناه لكن في تعبيره نوع قصور هو الذي غرّ هذا القائل. قوله:) ١ ستوت سواء (يعني إنه منصوب على أنه مصدر لفعل مقدر أي استوت استواء، والجملة صفة للمضاف أو المضاف إليه ويؤيده قراءة الجر فإنها صريحة في الوصفية، ومعنى استوائها أنها لا زيادة فيها ولا نقصان. قوله: (وقيل حال الخ) مرضه لقلة الحال من المضاف إليه في غير الصور الثلاث ولأنّ الحال وصف معنى، وما ذكر صفة الأيام لا الأرض ويلزمه تخالف القراءتين في الممعنى. قوله:) هذا الحصر (أي في أربعة كائن للسائلين وهو مستقرّ لا خبر لغو كما توهمه العبارة، وقوله: عن مدة الخ متعلق بالسائلين، وبيان للمسؤول عنه وأن النسؤال على ظاهره وقوله: أو بقدر فهو لغو أو مستقر على أنه حال من أقواتها، وقوله: للطالبين تفسير للسائلين على هذا الوجه، وقد جوّز تعلقه بسواء أيضا. قوله: (قصد) أي توجه وأراد لأن الاستواء المعدى بعلى معناه الاستيلاء والمعدى بإلى معناه القصد، وهو المنالسب هنا لأنه لأسماء موجودة لكن الإرادة العلية تعلقت بإيجادها وقوله: لا يلوي على غيره أي لا يلتفت إليه لتمحضه له. قوله:(والظاهر أنّ ثم الخ) هذا بناء على انّ خلق السماء مقدم على خلق الأرض لظاهر الآية المذكورة فلزم إنه للتفاوت الرتبي لا للتراخي الزماني، وقد مز تفصيله في البقرة وإنّ جمهور المفسرين غير مقاتل على خلافه، وقوله: ودحوها متقدم على خلق الجبال لأن نظم الآية هكذا: {أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}[سورة النازعات، الآيات: ٢٨- ٢٩- ٣٠] أي بسطها ومهدها للسكنى أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها فقد علم من هذه الآية صريحا للتعدية المذكورة أن دحو الأرض مؤخر عن خلق السماء بمرتبتين فلا يتأتى كون، ثم هنا للتراخي الزماني للزوم