للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متسع إشارة إلى أن فيه استعارة بالكناية حيث شبه الدعاء بأمر ممتد وأثبت له لازمه وهو العرض والاتساع من قوله: عريض لأنه يدل عليه في عرف التخاطب، ولا حاجة لأخذه من صيغة المبالغة وتنوين التكثير وإن كان لا مانع من تقويتهما لذلك، فإن قلت كونه يدعو دعاء طويلا عريضا ينافي وصفه قبيل هذا بأنه يؤس قنوط لأن الدعاء فرع الطمع والرجاء، وقد اعتبر في القنوط ظهور أثر اليأس فظهور ما يدل على الرجاء يأباه قلت: إن سلم اتحاد موصوفيهما ذاتا وزماناً، ولم يقل إنه بحسب الأشخاص أو الأوقات كما هو أحد الوجوه المذكورة في التأويلات فلا تعارض بينهما، وإلا فليس المراد بما ذكر في الآيتين إلا بيان ما طبع عليه الإنسان من الرغبة في الخير والسعة والنفرة والكراهة للشدة والبلاء لا حقيقة ما ذكر بل إنه حريص الطمع هلوع الجزع قولاً وفعلاً

حتى إنه لعدم اعتماده على خالقه وسخافة عقله أحواله متناقضة، وظاهره مناف لباطنه وهو لشدة ذهوله وولهه واضطرابه يصعد في هبوطه، ويدعو مع قنوطه كما أشار إليه السمرقنديمما في تفسيره وتبع أثره المدقق في الكشف حيث قال في ذكر الوصفين ما يدل على أنه عديم النهية ضعيف الهمة إذ اليأس والقنوط ينافيان الدعاء العريض، وأنه كالغريق المتمسك بكل شيء ومن لم يفهم مراده زعم أنه لا يدفع المنافاة إلا إذا حمل على عدم اتحاد الأوقات والأحوال، وقوله: عرضه كذلك أي متسعاً وقوله: أخبروني مر تحقيقه مراراً فتذكره.

قوله: (قل أرأيتم) الآية رجوع لإلزام الطاعنين والملحدين وختم للسورة بما يلتفت لفت بدئها، وهو كما في شرح الكشاف من الكلام المنصف وفيه حث على التأمل واستدراج للإقرار مع ما فيه من سحر البيان، وحديث الساعة وقع في البين تتميما للوعيد وتنبييا على ما هم عليه من الضلال البعيد، وقوله: فوضع الموصول وهو من هو في شقاق بعيد أي أقيم ذلك الاسم الموصول الظاهر مقام الضمير، وهو منكم فالمراد بالصلة الجار والمجرور المتعلق بأفعل التفضيل والجار المتعلق بشيء يطلق عليه صلته، ولذا عبر به المصنف قصد المراعاة النظير وأيها ما لمن ليس بذي ذهن سليم، ومن لم يقف على مراده تردد فيه بما لا وجه له، ولو قال وضعالظاهر موضحع الضمير كان أظهر كما وقع في بعض النسخ وشرح حالهم يعلم من الصلة، والتعليل يفهم من التعليق بذلك لأنه في قوّة قوله: لكونهم في شقاق بعيد كما يدل عليه فحوى الخطاب، وقوله: لمزيد ضلالهم عبر بالمزيد إشارة إلى ما يفيده أفعل التفضيل، والشقاق الخلاف لكون المخالف في شق وجانب مما خالفه. قوله: (ما أخبرهم النبتي عليه الصلاة والسلام الخ) فإنها من آيات نبوّته لما فيها من المعجزات لإخباره عن المغيبات والحوادث الآتية كقوله: لتميم الداري " إنه سيفتح بيت المقدس " وقوله في الخندق: " إق المسلمين يملكون ملك كسرى " ونحوه مما لا يخفى، كما في الأحاديث الصحيحة كما سيأتي في سورة الفتح،

والنوازل جمع نازلة وهي ما قصه الله عليه في الأمم الخالية مما لا يعلمه إلا بالوحي وقوله: على وجه خارق للعادة توجيه لكون تلك الفتوح من آياته ومعجزاته. قوله: (ما ظهر فيما بين أهل مكة) فآيات الآفاق على هذا ما أخبر به من أحوال غيرهم من الأمم الماضية كعاد وثمود، والآتية من أحوال الروم والعجم وما في أنفسهم ما حل بالعرب من الأسر والقتل كما وقع ببدر ويوم الفتح أو المراد بالآفاق ما في غير الإنسان، وبالأنفس ما فيه من أطوار خلقه من النطفة إلى المعاد أو الأوّل ما في السموات كرفعها بغير عمد وغير ذلك من أحوال الملكوت، والأنفس ما في عالم الملك وهي احتمالات فصملها السمرقندي، وأشار إليها المصنف ولو صرّح بها على وجه التقابل كان أظهر لكنه لم ينبه عليها لظهورها فلا يرد عليه شيء. قوله: (الضمير للقرآن الخ) يعني أنهم إذا عرفوا الآيات الدالة على وجوده أو ما أخير به الرسول صلى الله عليه وسلم وأتى به من المعجزات تبين لهم حقيقة القرآن بإعجازه أو الرسول بمعجزاته، أو الله بالبراهين العقلية والسمعية فقوله: الضمير للقرآن يعني على كلا التفسيرين، وكذا إذا جعل الضمير للرسول فضمير كان في الآية السابقة للرسول أيضا فكان عليه أن يشير إليه أوّلاً ثم إنه لا حاجة إلى جعل ضممائر الجمع في سنريهم وما معه للمشارفين للاهتداء منهم أو للجميع على أنه من وصف الكل بوصف البعض كما قيل إذ لا يلزم من تبين الحق لهم إيمانهم به فإنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فتأمّل. قوله: (أو التوحيد) أو الدين قيل، وهو الأولى أو لله وهذان

<<  <  ج: ص:  >  >>