في الأكثر يستعمل في الكلام بما لا يعلم لأنّ الحائض يضع قدمه فيما لا يراه، وربما صادف ما يغرقه لعمقه واتباع الهوى من اللعب، والطبع على قلوبهم في باطلهم إلى يوم القيامة وأمره بتركهم والعذاب من كونهم موعودين به. قوله:(مستحق الخ) إنما ذكر الاستحقاق لأنه على الوجهين لا تلزم العبادة بالفعل وضمير به لا له، وهو إمّا صفة من إله بمعنى عبد فتعلق الظرف، وهو في السماء وفي الأرض به ظاهر، أو هو يفهم منه لأنه لازم له كما يفهم من حاتم معنى جواد فيتعلق به الجار
بهذا الاعتبار، وكذا لفظة الله لأنّ أصلها الإله فيجري فيها ما يجري فيه. قوله:(والراجع) أي عائد الموصول والتقدير هو إله في السماء، وقوله: لطول الصلة تعليل لقوله: محذوف متعلق به، وقوله: بمتعلق الخ متعلق بطول، وقوله: والعطف عله أي على الخبر لا على متعلقه كما قيل لأنه يصير إله الثاني تكريراً محضا والتأسيس أولى. قوله:(ولا يجوز جعله) أي قوله في السماء خبراً له أي لقوله: إله وهو معطوف على قوله، والظرف الخ لعدم العائد وفساد المعنى أيضاً وقوله: لكن لو جعل أي الظرف صلة للذي، وجواب لو محذوف تقديره جاز أو صح، وقوله: قدّر لإله مبتدأ الخ إنما اختاره على كونه خبراً آخرا وبدلا من الموصول، أو من ضميره بناء على تجويزه لأنّ إبدال النكرة غير الموصوفة من المعرفة إذا أفادت ما لا يستفاد أو لا جائز حسن كما هنا كما مرّ تقريره في الوادي المقدس طوى لأنّ البيان أتم وأهمّ هنا فلذا رجحه مع ما فيه من التقدير، وحينئذ فلا فاصل أجنبي بين المتعاطفين. قوله:) وفيه) أي في هذه الآية نفي الإلهية عن غيره تعالى، وهو من تعريف الطرفين المفيد للحصر، وكذا الاختصاص المذكور مستفاد منه ومن التقديم، وقوله: كالدليل عليه أي على ما ذكره من النفي والاختصاص فإن من لا يتصف بذلك لا يستحق الألوهية، وقوله: العلم بالساعة إشارة إلى أنه من إضافة المصدر لمفعوله، وقوله: التي تقوم القيامة فيها الخ فالمراد بالساعة معناها اللغوي، وهو مقدار قليل من الزمان لكنه في عرف الشرع جعل اسماً ليوم القيامة كما في شرح البخاري. قوله:(وقرأ نافع الخ) قد علمت أن المصنف رحمه الله لا يلتزم في تفسيره البدء بما عليه أكثر القراء فقول المحشي إنه مخالف معتاده لموافقته ما قبله وكونه على مقتضى ظاهر لا وجه له وإفادة الالتفات للتهديد لأنّ توجيه الخطاب للمذنب أشد في عتابه، وقوله: الذين يدعون ضمير الفاعل للكفار، والعائد مقدر أي يدعونه. قوله:) بالتوحيد (تفسير لقوله: بالحق وأمّا كونه إبراز المفعول يعلمون كما قيل فإن أراد إبرازه بالمعنى، والتقدير يعلمونه لأنه ضمير الحق فتفسيره تفسيره فظاهر وإن أراد ما هو المتبادر منه فهو بناء على أنه لكونه بمعنى عارف فيتعدى بالباء كما يقال هو عالم بالله وهو صحيح لكنه خلاف المعروف فيه، واستدل الفقهاء
بهذه الآية على أنّ الشهادة لا تكون إلا عن علم وأنها تجوز وإن لم يشهد. قوله: (والاستثناء متصل الخ) الاتصال والانفصال على ما ذكره ظاهر والقصر قيل إنه على الأوّل إضافي فلا ينافي شفاعة غير من يدعونه، أو حقيقي لأن الكلام في شفاعة الآلهة لا في مطلق الشفيع فلا ينافي شفاعة غيرهم، وعلى الثاني حقيقي وفي كلام المصنف بحث لأن المعنى على التعميم والتخصيص بالأصنام لأنّ غيرهم لا يملك لاشفاعة للكفرة فالظاهر أنّ الاستثناء منفصل على كل حال فتأمل. قوله:(أو المعبودين الخ) فضمير خلقهم لهم، وقوله: لتعذر المكابرة تعليل للتفسير الأوّل، وعلى الثاني فتعليله لإقرار آلهتهم للتبرؤ منهم، وتكذيبهم وفاء فأنى جزائية أي إذا كان كذلك فأنى الخ، والمراد التعجب من إشراكهم مع إقرارهم وهذا على تفسيره الأوّل أيضاً، وعلى الثاني وجه الترتيب علمهم بإقرار المعبودين بهذا وقوله: يصرفون عبادته تفسير ليؤفكون كما مرّ، وقيل: المعنى فكيف يكذبون بعد علمهم بذلك فهو تعجيب من عبادة غيره تعالى وانكارهم للتوحيد مع أنه مركوز في فطرتهم فهو متعلق بما قبله من التوحيد، وإقرارهم بأنه هو الخالق وأما كون المعنى كيف أو أين يصرفون عن التصديق بالبعث مع أنّ الإعادة أهو من الإبداء على أنه متلعق بأمر الساعة، كما قيل: فيأباه السياق، ولذا لم يحتجوا له. قوله: (وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (المذكور في قوله: {لَئِن سَأَلْتَهُم} والقيل والقال والقول مصادر جاءت بمعنى واحد وقوله: ونصبه للعطف على سرهم السابق في قوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم}[سورة الزخرف، الآية: ٨١] وهو قول الأخفش