مما قبله أو نصب بأعني أو وفع بتقدير هو وهو ظاهر، وقوله: والابتداء أو أن يعني في قراءتي الرفع، والنصب وقوله إلا أن يضمر في، وحذف الجارّ-مع إبقاء عمله لا
يخفى ما فيه، وإن هونه ذكره قبله، وقوله: بنصب آيات على الاختصاص ليس المراد بالاختصاص مصطلح النحاة بل النصب بأعني مقدرا، والزمخشريّ يستعمله بهذا المعنى كثيراً، وحينئذ يكون المجرور معطوفا وحده فلا يلزم العطف المذكور، وقوله: بإضمار هي يعني في القراءة الأخرى، وترك ما في الكشاف من أنّ آيات أعيد للتأكيد، والتذكير بها، ومثله كثير لأنه إنما يكون بعين ما تقدم، واختلاف الصفات يدل على تغاير الموصوفات فلا وجه للتأكيد فيه، أو لما فيه من الفصل بين المعطوف المجرور، والمعطوف عليه بالاسم، وبين المؤكد والمؤكد بالمعطوف على ما قبلهما، وإن قيل بأنه ليس بمحذور فإنه يورث تعقيداً ينافي فصاحة القرآن العظيم فتأمّل.
قوله:(ولعل اختلاف الفواصل الخ) يعني جعل الآيات أوّلاً للمؤمنين، وثانياً للموقنين،
وثالثاً لقوم يعقلون لأنّ قرين الإيقان المنبئ عن تصمفية شوائب الاشتباه فوق قرين الإيمان، ومرتبة العقل المنبئ عن الاستحكام، وعدم التزلزل يشبه المبطلين فوقهما، والأولى تحصل بالنظر في أوّل المصنوعات، وأظهر المحسوسات، والثانية بالنظر في آخر المكوّنات، وخلاصة الممزوجات، والثالثة مما تكرّر في الأوقات، وفيه كلام في شروح الكشاف يكفي ما ذكر أنموذجاً له. قوله:(تلك الآيات) إمّا آيات القرآن أو السورة أو ما ذكر قبله فتلاوتها بتلاوة ما يدل عليها، وقوله: عاملها معنى الإشارة مرّ تفصيله في قوله هذا بعلى شيخا، وقوله: ملتبسين الخ يعني أنه حال من الفاعل أو المفعول، والباء للملابسة، ويجوز أن تكون للسببية الغائية كما مرّ في أواخر الدخان، وقوله: فبأيّ حديث الفاء في جواب شرط مقدر، والظرف صفة حديث أو متعلق بيؤمنون قدم للفاصلة. قوله:(بعد آيات الله الخ) يعني أنه مما قصد فيه المعطوف، وذكر المعطوف عليه توطئة كما حقق في شرح المفتاح وبسط الكلام عليه العلامة الزمخشري في غير هذه الآية، وهي طريقة البدل لكنه عدل عنه لنكتة سرية، وما ذكره بيان لحاصل المعنى، ودفع لما يتوهم من أنّ ما أضيف إليه بعد ليس من جنس ما قبلها، ولا يرد عليه أق هذه طريقة البدل لا العطف، وأنه يلزمه إقحام الاسم الشريف، والعطف عليه بلا فائدة، ولذا أفاد المثال إعجابين لا إعجاباً واحداً، وفي الحقيقة لا إعجاب بغير الكرم، وفيه فائدة كما أشار إليه المصنف فلا يرد عليه شيء كما توهم، وفي الكشاف في سورة البقرة فائدة هذه الطريقة أي طريقة إسناد لفعل إلى شيء، والمقصود إسناده إلى ما عطف عليه قوّة اختصاص المعطوف بالمعطوف عليه من جهة الدلالة على أنه صار من التلبس بحيث يصح أن تسند أوصافه، وأفعاله وأحواله إلى الأوّل قصداً لأنه بمنزلته، ولا كذلك البدل لأنّ المقصود فيه بالنسبة هو الثاني
فقط، وهنا هما مقصودان فإن قلت إذا لزم يكن ذلك الوصف منسوبا للمعطوف عليه لزم إقحامه فيرد حينئذ ما أورده أبو حيان، وما ذكروه من المبالغة لا يدفع المحذور، وعلى فرض تسليمه فدلالته على ما ذكر بأيّ طريق من طرق الدلالات المشهورة قلت هو غير منسوب إليه في الواقع لكن لما كان بينهما ملابسة تامة من جهة ما ككونها بإذنه أو مرضية له أو غير مرضية جعل كأنه المقصود بالنسبة، وكني بها عن ذلك الاختصاص كناية إيمائية، ثم عطف عليه المنسوب إليه، وجعل تابعا فيها، وبهذا غاير البدل مغايرة تامّة غفل عنها المعترض فالنسبة بتمامها مجازية، وهذا مما ينبغي معرفته فتدبره. قوله:(للمبالفة (أي في مضمون الكلام كمبالغة الإعجاب في المثال، وتعظيم الآيات حيث سويت بالمعطوف عليه ظاهراً فلا إقحام فيه للجلالة كما توهم وقوله: كما في قولك الخ. حيث نسب الفعل إلى ذات، والمقصود نسبته إلى وصفه لفائدة جليلة. قوله: (أو بعد حديث الله الخ) يعني أنه ليس من قبيل ما ذكر ففيه مضاف مقدر بقرينة تقدّم ذكره وهو لفظ حديث، والمراد به القرآن ثم استشعر سؤالاً، وهو أنّ الحديث هل يطلق على القرآن فأجاب عنه بأنه ورد إطلاقه عليه في الآية المذكورة الله نزل الخ. فالمراد بآياته أي الله حينئذ دلائله أي الدلائل التي أقامها في كتابه المنزل على حقية شرائعه، وما جاء به رسوله، وهو من عطف الخاص على العامّ لا من عطف المتغايرين