إشارة إلى أنّ علمه بالأهلية هي المرادة وبه يلتئم التذييل والتكميل لأنه يدخل فيه دخولاً أوليا فإذا علمه على أتم الوجوه وهو القادر الحكيم يسره له. قوله:(والمعنى صدقه في رؤياه) أي حقق صدقها عنده كما هو عادة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وفيه إشارة إلى أنه على الحذف والإيصال وفي شرح الكرماني كذب يتعدى إلى مفعولين يقال: كذبني الحديث، وكذا صدق كما في الآية وهو غريب لتعدي المثقل لواحد والمخفف لمفعولين اكل، وهذه الرؤيا كانت قبل خروجه للحديبية، وقال مجاهد: كنت بالحديبية والأوّل هو الأصح، وقوله: قال بعضهم الخ هو عبد الله بن أبيّ وعبد الله بن نفيل ورفاعة بن الحرث وهذا القول على طريق الاعتراض وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: نحوه على طريق الاستكشاف ليزداد يقينه. قوله:(ملتبساً به الخ) هذا كلام مجمل يحتمل أنه حال من الرسول أو ظرف لغو لصدق أو حال من الفاعل أو من الرؤيا أي ملتبسة بالحق لتأويلها بما يراه كما يشير إليه ما بعده وإن كان الأظهر ملتبسة ورؤيا الأنبياء
وحي لا تتخلف. قوله:(وهو القصد إلى التمييز الخ) أي ليس المراد بالحق مطابقة الرؤيا للواقع بل مطابقة ما يلابسها للواقع وهو القصد المذكور لأجل ذلك التمييز أخره للعام القابل، وقوله: وأن يكون قسماً الخ فقوله: لتدخلن جوابه على الوجهين والوقف حينئذ على الرؤيا وقد كان جواب قسم مقدر كما ذكره المصنف رحمه الله. قوله:(تعليق للعدة بالمشيئة الخ) جواب عما يقال من أنه تعالى خالق للأشياء كلها وعالم بها قبل وقوعها فكيف وقع التعليق منه تعالى بالمشيئة، ولذلك ذهب بعض النحاة إلى أنّ أن تكون بمعنى إذ ومنه هذه فأجاب أوّلاً بأنه تعليم للعباد وهو معنى قول ثعلب اسنثنى فيما يعلم استثناء الخلق فيما لا يعلمون وفيه تعريض بأنّ وقوعه من مشيئته لا من جلادتهم وتدبيرهم فيكون كقوله:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ}[سورة يوسف، الآية: ٩٩] وما-له أنه للتبرك وهو من وضع الظاهر موضع الضمير وأصله لتدخلنه لا محالة إلا إن أشاء عدم الدخول فهو وعد لهم عن ظاهره لأجل التعريض بهم والإنكار على المعترضين على الرؤيا فيكون من باب الكناية وفيه دقة فتدبر. قوله:(أو إشعارا الخ) جواب ثان بأنّ التعليق راجع إلى دخولهم جميعاً ونظيره ما قيل إنه ناظر إلى الأمن ورده صاحب الكشف بأنه لا يدفع السؤال لأنّ الدخول المخصوص أيضا خبر من الله، وهو ينافي الشك وليس نظير قول يوسف عليه الصلاة والسلام {ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ}[سورة الكهف، الآية: ٢٣] إذ لا يبعد منه صلى الله عليه وسلم أن لا يعرف مستقراً لأمر من الأمن أو الخوف فلا بدّ من التأويل بأنّ الشك راجع إلى المخاطبين أو بأنه تعليم للعباد ويدفع بأنّ المراد إنه في معنى ليدخلنه من شاء الله دخوله منكم فيكون أيضاً كناية عن أنّ منهم من لا يدخله لأنّ أجله يمنعه منه فلا يلزم الرجوع لما ذكر. قوله:(أو حكاية لما قاله ملك الخ) هذا هو الجواب الثالث والرابع وما لهما الحكاية عن الغير فهو إما الملك الموكل أو النبيّ المرسل وردّه صاحب التقريب بأنه كيف يدخل في كلامه تعالى ما ليس منه بدون حكاية، وسلمه شراح الكشاف لظنهم أنه وارد غير مندفع، ولك أن تقول في دفعه إنّ المراد أنّ جواب القسم بيان للرؤيا، وقائلها في المنام الملك وفي اليقظة الرسول صلى الله عليه وسلم فهي في حكم المحكيّ في دقيق النظر كأنه قيل: وهي قول الملك أو الرسول الخ ولا يخفى أنه وإن صحح النظم لا يدفع البعد وقد مرت الإشارة إلى جوابين كون أن بمعنى إذ أو رجوع التعليق للأمن. قوله:(حال من الواو) المحذوفة من قوله: لتدخلن الخ لالتقاء الساكنين، وقوله: محلقاً بعضكم الخ ففيه تقدير أو هو
من نسبة ما للجزء إلى الكل والقرينة عليه أنه لا يجتمع الحلق والتقصير فلا بد من نسبة كل منهما لبعض منهم، وقوله: محلقين الخ حال مقدرة لأنّ الدخول في حال الإحرام لا في حال الحلق والتقصير. قوله:(حال مؤكدة القوله آمنين وهذا إن كان حالاً من الضمير المستتر في آمنين وهو بمعناه فإن أريد لا تخافون تبعة في الحلق أو التقصير ولا نقص ثوإب فهي مؤسسة، وقوله: بعد ذلك قيل إنه ذكره لئلا يتكرر فيلغو مع قوله: آمنين لأنّ اسم الفاعلى للحال والمضارع هنا للاستقبال وفيه أنه لا تكون الحال حينئذ مؤكدة إلا أن يكون بحسب الظاهر المتبادر والاستئناف بيانيّ في جواب سؤال تقديره فكيف حالهم بعد الدخول. قوله تعالى: ( {فَعَلِمَ} الخ)