كفر من كفران النعمة فهو متعد بنفسه فيستعار لنوح النعمة بطريق الكناية، وينسب له الكفران تخيلا أو حقيقة، وقوله: على حذف الجاز على أنه من الكفر ضدّ الإيمان، وأصله كفر به فحذف الجار واستتر الضمير فيه، وعلى
قراءته مبنياً للفاعل فهو من الكفر أيضاً كما أشار إليه. قوله تعالى:( {وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا} ) أي أبقيناها بناء على أنها أبقيت على الجودفي زمانا مديداً أو أبقينا خبرها أو أبقينا السفن، وجنسها أو تركنا بمعنى جعلنا، وقوله: الفعلة، وهي إنجاء نوح، ومن معه وإغراق غيرهم، وقوله: على الأصل بذال معجمة بعدها تاء الافتعال، وقوله: بقلب التاء ذا لا أي معجمة، والقراءة الأولى بقلبها دالاً مهملة. قوله:(والنذر) بضمتين يحتمل أنه مصدر ويحتمل أنه جمع نذير بمعنى الإنذار بناء على نسخة المصدر بالتعريف كما مرّ في قوله: {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ}[سورة القمر، الآية: ٥] ولذا جعل النذير بمعنى الإنذار كما دلّ عليه قوله، وانذاري بعده لا بمعنى المنذر، ولا المنذر منه لأنّ الحمل على التأسيس أولى، ولو كان على نسخة المصدر كان النذير بمعنى المنذر منه كما قيل، والعطف لتغاير العنوان، ومثله من قصور الإذعان فتدبر. قوله:(أو هيأناه) التهيئة رفع الموانع، وإحضار الدواعي وقوله: من يسر ناقته هو الوجه الثاني، ورحل بتشديد الحاء شذ الرحل على ظهر الناقة أو البعير والادكار كالاتعاظ لفظا، ومعنى، ويجوز تشديد كافه، وقوله: متعظ إشارة إلى ترجيح الأوّل لأنه الأنسب ولذا لم يقل أو حافظ، وتال كما قاله الإمام. قوله:(كذبت عاد الخ (لم يعطف هذا وما بعده إشارة إلى أنّ كل قصة مستقلة في القصد، والاتعاظ، وانذاري، وفي نسخة وانذار بدون ياء وقد تقدم شرحه، وعلى الوجه الأوّل العذاب، والإنذار لعاد وعلى ما بعده العذاب لهم، والإنذار لمن محداهم، ولم يذكره أوّلا مع احتماله لأنه يفهم مما هنا جريانه فيهما فلا غبار عليه، وقد مرّ ما في الصرصر في فصلت، وغيرها فتذكره. قوله: (استمرّ شؤمه أو استمرّ عليهم حتى أهلكهم) الأوّل على كون مستمرّ صفة نحس والثاني على أنه صفة يوم، وكلاهما على قراءة الإضافة التي قرأتها العامّة لا أنّ الثاني على قراءة التوصيف كما توهم، وقوله: استمرّ شؤمه أي يستمرّ عليهم إلى الأبد فإنّ الناس يتشاءمون بآخر أربعاء في كل شهر، ويقولون لها: أربعاء لا تدور قال الشاعر:
لقاؤك للمبكرفأل سوء ووجهك أربعاء لا تدور
إلا أنّ تشاؤمهم بالأربعاء التي لا تدور لا يستلزم شآمته في نفسه إلا أن ينبني على زعمهم، وهو غير منالسب للمقام (واعلم) أنه روي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما كما
في الجامع الصغير (آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمرّ (وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه من قال: إنّ يوم النحس يوم الأربعاء، وأمثاله ففد أخطأ وخالف القرآن فإنّ في الآية الأخرى:{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ}[سورة فصلت، الآية: ٦ ا] وهي ثمانية متتابعة فلو كانت نحسات في نفسها كانت جميع الأيام كذلك وهذا لم يقله أحد، وأنما المراد أنها كانت نحسات عليهم اهـ فليتأمل وقوله: أو استمرّ عليهم أي زمان نحو ستة فاليوم بمعنى مطلق الزمان لأنه الذي يتصوّر استمراره سبع ليال وثمانية أيام فالاستمرار بحسب الزمان، وقوله: حتى أهلكهم فيه تجوّز في إسناد الإهلاك إليه. قوله: (أو على جميعهم الخ) فالاستمرار الأوّل بحسب الزمان، واستمرار هذا بحسب الأشخاص والأفراد وقوله: أو اشتد مرارته فمستمز بمعنى شديد المرارة وهو مجاز عن بشاعته وشدة هو له إذ لا طعم له وهو على هذا من المرارة في الطعم كما مرّ، وقوله: وكان يوم الأربعاء آخر الشهر أي شهر شوّال أي كان ذلك اليوم الذي أرسل فيه الريح يوم الأربعاء لا أنّ إرسال الريح كان فيه فيوم اسم لا ظرف حتى يقال: أي ابتداؤه كان يوم الأربعاء كما قيل، ولا يأباه قوله، واستمرّ عليهم كما توهم فاسم كان ضمير اليوم لا ضمير الإرسال فتأمّل. قوله:) فنزعتهم الريح الخ) ضمير منها للشعاب والحفر لا للثلاثة لتكلفه وموتى حال من ضمير المفعول، وقوله: منقلع تفسير منقعر لأنه بمعنى أخرج من القعر، وتوله: وقيل الخ الفرق بينه وبين الأوّل أنه على هذا أشبهوا جثثا بدون رؤوس، وفي الأوّل لم ينظر له، والتذكير والتأنيث روعي في كل مكان للفاصلة. قوله:) كرره للتهويل (وللتنبيه على فرط عتوّهم، وقوله: لما يحيق بهم في الآخرة فكان فيه