للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يومئذ به تعالى بحسب نفس الأمر، والظاهر لا أنه موقف مقام للزب لأنه منزه تعالى عن مثله فالإضافة اختصاصية لا لأدنى ملابسة كما توهم. قوله: (أو قيامه على أحواله الخ (هذا معنى ثان المقام فيه مصدر ميمي بمعنى القيام أي من خاف قيام ربه، وقيامه بمعنى مراقبته له، وكونه مهيمنا عليه حافظاً لأحواله كما في قوله

تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [سورة الرعد، الآية: ٣٣] . قوله:) أو مقام الخائف عند ربه الخ (أي المقام لمن خاف، واضافته للرب لأنه عنده فهو كقول العرب ناقة رقود الحلب أي رقود عند الحلب فذهب الكوفيون إلى أنه بمعنى عند وزادوا الإضافة العندية، والجمهور على أنها لامية كما صرّح به شزاح التسهيل، وليس من الإضافة لأدنى ملابسة أيضا، وقوله: بأحد المعنيين أراد به معنيي المقام، وهو كونه اسم مكان أو مصدرا ولا فرق بينه، وبين الأوّل إذا كان أسم مكان إلا في تخصيص المكان بالخائف، وتغاير الإضافة على رأي الكوفيين وأما على الثاني فهو ظاهر لأنّ القيام على ظاهره لا بمعنى الحفظ، والإضافة غير تلك الإضافة، وقوله: تفخيما وتهويلا لأنّ العندية، والمكانية محال في حقه تعالى فالمراد بها ذلك فما قيل: المراد أنه باحد المعنيين المذكورين، وهو موقفه الذي يقف فيه للحساب، ويحتمل أن يريد بأحد المعنيين أيهما كان لكن لا تخلو صحة المعنى الثاني عن تكلف كلام ناشئ من قلة التدبر. قوله: (أو ربه) أي التقدير خات ربه، ومقام مقحم، وليس المراد أنه زائد حقيقة بل زيادته بالنظر إلى أصل المعنى المراد، وأنه يصح بدونه لأنه غير زائد بل هو ذكر لأنّ الكلام كناية عن خوف الرب، واثبات خوفه له بطريق برهانيئ بليغ لأنّ من حصل له الخوف من مكان أحد يهابه، وإن لم يكن فيه فخوفه منه بالطريق الأولى، وهذا كما يقول المترسلون: المقام العالي، والمجلس السامي، وكما في الشعر المذكور، واليه أشار المصنف بقوله: للمبالغة. قوله: (كقوله الخ) هو من قصيدة للشماخ مدح بها عرابة بن أوس الخزرجي أولها:

إلا نومي طوى لي وصل أروى ظنون آن مطرح الظنون

وماء قد وردت لوصل أروى عليه الطيركالورق اللجين

ذعرت به القطا ونفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين

والقصيدة في ديوانه مشهورة، ومعنى ما ذكر أنه يصف تبكيره للقاء محبوبته فقوله: وماء

البيت يعني به أنه ورده، وهو خال من الناس قبل كل أحد، واللجين بفتح اللام الذي خبط حتى تلجن أي تلزح، وقوله: ذعرت به القطا الخ. خصهما لأن القطا أنكى الطيور، والذئب أنكى السباع، والشاهد في قوله: مقام الذئب فإذا لم يكن للذئب فيه مقام لزم أن لا يكون ذئب، وقوله: كالرجل اللعين أي المطرود الذي خلفه من يطلبه فإنه لا ينام ويرد الميا. قليلا، وتفسيره بما يتخذ في المزارع على هيئة رجل لتخويف الوحوس، والطيور وطردها وإن ذهب إليه كثير ممن شرحه لكن الأوّل أظهر، وأبلغ وضمير به وعنه للماء في البيت الذي قبله. قوله:

(جنة الخ) بيان لوجه اختيار التثنية دون الإفراد والجمع، وقوله: بعد مبنيّ على الضم أي بعد هذه الآية، وقوله: ذواتا تثنية ذات بمعنى صاحبة فإنه إذا ثنى فيه لغتان ذاتا على لفظه، وهو الأقي! كما يثنى مذكره ذوا والأخرى ذواتا بردّه إلى أصله فإنّ التثنية تردّ الأشياء إلى أصولها، وليس تثنية الجمع كما يتوهم، وتفصيله في باب التثنية من شرح التسهيل، وهو صفة جنتان أو خبر مبتدأ مقدر أي هما، وقوله: جمع فن ومعناه النوع، ولذا استعمل في العرف بمعنى العلم. قوله: (وهي الغصنة) بكسر الغين المعجمة، وفتح الصاد المهملة جمع غصن كقرط وقرطة فضمير هي للأفنان إذا كانت جمع فن أو للفنن، وتأنيثه لتأنيث خبره، والأفنان ما دق، ولان من الأغصان كما قاله ابن الجوزي، وتفسيره بالأغصان كما في القاموس تسمح على عادة أهل اللغة في التعريف بالأعم، وفرع الشجرة ما قام على الساق من القضب الغليظة، وأطرافها هي أفنانها فمن قال إنه الغصنة تأنيث غصن بالضم فقد تعسف مع ما فيه من الركاكة الغنية عن البيان. قوله: (وتخصيصها) أي الأفنان مع أنها ذوات قضب، وأوراق وثمار إلى غير ذلك مما في الأشجار لأنّ في ذكرها ذكراً للأوراق، والثمار والظلال المقصودة بالذات على طريق أخصر، وأبلغ لأنه كناية كما في شروح الكشاف. قوله: (حيث شأؤوا في الأعالي

<<  <  ج: ص:  >  >>