للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المراد بكونه أوّل من أنفق من الرجال فلا يرد خديجة رضي الله عنها أو هو أوّل مطلقاً لاختصاصه بمجموع ما ذكر بعده، وهو الأظهر، وكونها نزلت في أبي بكر رضي الله عنه ذكره الواحدفي في أسباب النزول عن الكلبي، وأيده بحديث آخر أسنده عن ابن عمر قال بينا النبيّ صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر عليه عباءة قد خلها بخلال على صدره إذ نزل عليه جبريل عليه الصلاة والسلام فاقرأه من الله السلام فقال: محمد ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها على صدره بخلال قال: يا جبريل أنفق ماله قبل الفتح عليّ قال: فأقرئه من الله السلام، وقل له: يقول لك ربك أراض عني في فقرك هذا أم ساخط فالتفت إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال: " يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك من الله السلام، ويقول لك ربك: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط " فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: أعلى ربي أغضب أنا عن ربي راض أنا عن ربي وأض قيل: والأظهر ما في الكشاف من أنّ المراد بهم السابقون الأوّلون من المهاجرين، والأنصار الذين قال فيهم النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم، ولا نصيفه " وأيد بأنه المناسب لقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ} لكن الصديق يدخل فيهم دخولاً أوّلياً، وأمّا الاختصاص به فلا يوافقه والذي نقله الطيبي عن الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أصحابي فلو أق أحدا أنفق مثل أحد ذهباً الخ " وفي الكشف أنه على هذا لا يختص بالسابقين الأوّلين وردّ بأنّ خطاب لا تسبوا، وأحدكم يقتضي الحضور والوجود، ولا بد من مغايرة المخاطبين للنهي عن سبهم فهم السابقون الكاملون في الصحبة.

(قلت) إذا صح نزولها في الصدّيق فكل هذا مطروح على الطريق فإنه رضي الله عنه أنفق

قبل الفتح، وقبل الهجرة جميع ماله، وبذل نفسه معه كما أشار إليه المصنف رحمه الله، وبلغ في ذلك إلى ما لم يبلغه أحد من الصحابة، ولذا قال مجتي: " لبس أحد أمق علئ بصحبتة من أ. ممط بكر " وخصوص السبب لا يدل على تخصيص الحكم فلذا قال أولئك ليشمل غيره ممن

اتصف بذلك، وكونه أكمل أفراده يكفي لنزولها فيه، والخطاب في قوله: لا تسبوا ليس للحاضرين، ولا للموجودين في عصره صلى الله عليه وسلم بل لكل من يصلح للخطاب كما في قوله: {وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ} [سورة الأنعام، الآية: ٢٧] الآية والمقام، لا يتحمل أكثر من هذا، وسيأتي فيه كلام في قوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [سورة الليل، الآية: ١٧] . قوله: (من ذا الذي الخ أليس الاستفهام على حقيقته بل هو للحث عليه، والمعنى أن من ينفق ماله فيما يرضى الله رجاء لما عند. من الفضل، والثواب رابح في عاقبته مصيب فيما قصده، وقوله: فإنه كمن يقرضه الخ تعليل لما قبله مع الإشارة إلى أنّ القرض مجاز عن حسن إنفاقه مخلصماً في أفضل جهات الإنفاق، وذلك إمّا بالتجوّز في الفعل فيكون استعارة تبعية تصريحية أو في مجموع الجملة فيكون استعارة تمثيلية، كما مرّ في سورة البقرة، ولكونها أبلغ اختارها في الكشف، وأما كون كلام الزمخشريّ هنا غير نص فيها فأمر سهل، والباء في قوله: بالإخلاص للملابسة، والمصاحبة وتحرّى معطوف عليه. قوله: (يعطي أجره أضعافاً اله كما مرّ في البقرة وقوله: أضعافا إما منصوب بيضاعفه، أو حال من أجره، وأما كونه مفعولاً ثانيا ليعطي فركيك لأنه يقتضي أنّ الأجر نفسه معطى، والتجوّز غير مقصود فيه وما بعده لا يأباه كما توهم. قوله: (وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف الخ) إشارة إلى أنّ الأجر كما زاد كمه زاد كيفه، وجملة له أجر كريم حالية لا معطوفة على قوله: فيضاعفه، ولو عطف فالمغايرة ثابتة بين الضعف،. والأجر نفسه كما في الكشف، وكريم بمعنى محمود مرضيّ كما مرّ، وقوله: كريم في نفسه يعني ليس أجر هنا مغايرا لما مرّ بل معناه أنه هو في نفسه كريم فجعل من باب التجريد كقوله: أو يموت كريم فتدبر. قوله:) على جواب الاستفهام باعتبار المعنى الخ) إشارة إلى ما قاله أبو عليّ الفارسيّ أنّ السؤال لم يقع عن القرض، وأنما وقع عن فاعله وأنما ينصب في جواب الفعل المستفهم عنه لكن من قرأبه حمله على المعنى قيل وهو ممنوع لأنه ينصب بعد الفاء في جواب الاستفهام بالأسماء، وإن لم يتقدم فعل نحو: أين بيتك فأزورك ومن يدعوني فأستجيب له، وهذا ناشئ من عدم الوقوف على مرادهم، والمسألة مبسوطة في شرح التسهيل فإنه نقل فيه من غير خلاف أنه يشترط فيه أن لا يتضمن وقوع الفعل احترازا من نحو لم ضربت زيدا فيجازيك لأنّ الضرب قد وقع فلا يمكن سبق مصدر مستقبل منه قالوا، ومن أمثلة ما لا يتضمن

<<  <  ج: ص:  >  >>