للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكون المراد التكثير فإنّ الخسوء لا يقع بالمرتين فقط والجوابية تقتضي الملازمة ولا يلزم ذلك من المرتين غالباً ولذا نفاه بعضهم فلا يرد عليه أنه قد يقع لبعض الأفراد لا سيما بعد دقة النظر على ما يقتضيه سياق فارجع البصر وهل. قوله: (بعيدا عن إصابة المطلوب) قال في الصحاح خسأت الكلب خسأ طردته وخسأ الكلب بنفسه يتعدى ولا يتعدى، وانخسأ الكلب أيضاً وخسأ بصره خسا وخسوأ أي سدر اهـ، ولو فسر بالسدر، وهو تحير النظر كان مكرراً مع قوله: وهو حسير لأنّ ما-لهما واحد فلذا لم ينظر إليه المصنف مع أنه أقرب ومن غفل عنه اعترض عليه بما ذكر مع أنّ فيما اختاروه مبالغة، وبلاغة ظاهرة فلذا أخذوه من خسأ الكلب المتعدي على أنه استعارة كما أشار إليه بقوله: كأنه الخ والصغار بالفتح الذل فهو استعارة لذل الخيبة فافهم. قوله: (أقرب السموات إلى الآرض) إشارة إلى أنّ الدنيا هنا صفة من دنا بمعنى قرب وقوله: بكواكب مضيئة فالاستعارة في الجمع ابتداء أو في المفرد، ثم جمع وكل منهما صحيح فلا وجه لتعيين أحدهما لما في الاقتصار من القصور وكأنّ من اقتصر على الأوّل نظر إلى أنّ الرتبة بالمجموع واختلاف مراكزها مبين في علم الهيئة، وأهل الشريعة لا يلتفتون لمثله نلذا حملوه على ظاهره، ومن خالفهم أوّله بما ذكر. قوله: " ذ التزيين بإطهارها عليها) خص التزيين بها لأنها إنما ترى عليها ولا يرى جرم ما فوقها فلا حاجة إلى القول بأنه على مقتضى إفهامهم لعدم التمايز بينهما فإنها ترى عليه كجواهر متلألئة على بساط الفلك الأزرق الأقرب، وقوله: والتنكير أي في مصابيع أي مصابيح ليست كمصابيحكم التي تعرفونها، ولم يجعله

للتنويع لأنّ هذا أنسب بالمقام، واعلم أنّ قوله: إضحاءة السرج فيها الظاهر أن ضمير فيها راجع للمصابيح كما صرّح به في بعض الحواشي بناء على أنّ المصباح مقرّ السراج لا السراج نفسه كما في الصحاح إذ لو أريد ذلك لم يحتج إلى قوله فيها وحينئذ فالمصابيح مجاز عما حل فيها، وهو السراج والسرج مجاز عن الكواكب ففيه تجوّز على تجوّز ولا حاجة إليه مع تصريح أهل اللغة بأنّ المصباح السراج أيضاً، واعادة ضمير فيها على الليل بعيد جدا ولو رجع ضمير فيها للسماء استغنى عن هذا التكلف والظاهر أنه المراد فتدبر. قوله: (بانقضاض الشهب المسببة عنها الخ) هذا بناء على ما قرّره الحكماء من أنّ الكواكب نفسها غير منقضة، وإنما المنقض شعل نارية تحدث من أجزاء متصاعدة لكرة النار لكنها بواسطة تسخين الكواكب للأرض فالتجوّز في إسناد الجعل إليها، أو في لفظها وهو مجاز بوسايط ولا مانع من جعل المنقض نفسه من جنس الكواكب وإن خالف اعتقاد الحكماء، وأهل الهيئة ولكن في القصوص الإلهية ما فيه رجوم الشياطين. قوله: (وقيل الخ) مرضه لأنه خلاف الظاهر المأثور والرجم يكون بمعنى الظن مجازاً معروفا، وقوله: المنجمون المراد به من يعتقد تأثير النجوم ويجزم بما ينسبه لها من الأحكام لأنه المحرم وأما غيره فليس بمحرم، وقوله: جمع رجم وقيل: إنه مصدر هنا بمعنى الرجم أيضا، وقوله: سمي به الخ فصار له حكم الأسماء الجامدة ولذا جمع وإن كان الأصل في المصادر أنها لا تجمع. قوله: (من الث! ياطين وغيرهم الخ) إشارة إلى أنه تعميم بعد التخصيص لدفع إيهام اختصاص العذاب بهم ولا تكرار فيه كما توهم نعم لو حمل على غير الشياطين ليخلو من شبهة التكرار، ويوافق قراءة النصب معنى كان حسناً أيضا. قوله: (صوتاً كصوت الحمير) فهو استعارة تصريحية وقوله: لها إمّا على ظاهره والمراد لها نفسها أو لأهلها بتقدير المضاف، أو التجوّز في النسبة وتشبيه أصواتهم أو صوتها بصوت الحمير في قباحته وكونه صوتاً منكرا ولا مكنية فيه بأنّ تشبه هي أو هم بالحمير فإنه لا حسن له هنا لأنه إنما يشبه به في الجهل، والبلادة وليس هذا محله كما توهم وفي الكشاف سمعوا لها شهيقا إمّا لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها أو من أنفسهم كقوله: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} [سورة هود، الآية: ٠٦ ا] وأمّا للنار تشبيهاً لحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق واعترض بأنه قد مرّ في قوله: {اخْسَؤُوا فِيهَا} [سورة المؤمنون، الآية: ١٠٨] أن أهلها بعدما وقع منهم المتاركة ستة آلاف سنة يقال لهم: اخسؤوا فيها، ثم لا يكن لهم إلا زفير وشهيق فهما إنما يكونان لهم بعد القرار في

النار وبعد ما قيل لهم اخسؤوا فيها فلا يتسنى كون الشهيق هنا لأهلها، وردّ بأن ما ذكر ثمة إنما يدل على انحصار حالهم بعد ذلك في الزفير والشهيق لا على عدم وقوعهما منهم قبل، وأما كونه غير ثابت السند فلا يدفع الاعتراض

<<  <  ج: ص:  >  >>