(بأن خلقهن) الخ متعلق بيمسكن لبيان وجه الإمساك برحمته وسببه من خلقهن على هيئة من إحاطة الريش وخفته بحيث يصعد في الهواء ويجري فيه فلا وجه لما قيل من أن ذكر الرحمن دون غيره للإشارة إلى علة الإمساك بعد خلقهن على أشكال مخصوصة هيأتهن للجري في الهواء وهي رحمته إذ لولاها لسقطن وهلكن لأنه دعوى بلا دليل، وقوله: بكل شيء تقديمه للفاصلة أو للحصر ردّا على من زعم أنه لا يعلم الجزئيات، والبصر دقة في العلم يقال له: بصر في كذا أي حذف كما قاله الإمام. قوله:(عديل لقوله: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ} الخ) جعل أم متصلة، وقال أبو حيان كغيره من المعربين إنها منقطعة بمعنى بل لأن بعدها اسم استفهام وهو من لكنهم لم يبينوا وجه منع وقوع الاستفهام بعدها من الاتصال فإن كانا استفهامين فما المانع منه إذا قصد التأكيد، واعلم أنّ مساق الآية إمّا لإنكار أن يكون للمخاطبين ناصر ورازق سوى الرحمن وأمّا لإنكار كون الأصنام تنصرهم وترزقهم وعلى هذا اقتصر المصنف وعلى الأوّل الاستفهام الإنكار ويقدر بعده يقال وعلى الثاني للتحقير ولا يحتاج إلى تقدير القول لأنّ المشار إليه مشاهد بخلافه على الأوّل فإنه لا يصح بدون تقدير كما قيل وفيه نظر فإنّ التقدير ليس لهذا فتأمّل. قوله:(على معنى أو لم تنظروا الخ) والصنائع القبض والبسط والإمساك وما شاكله مما يدل على كمال القدرة ولا حاجة إلى جعل الإمساك بمنزلة الصنائع، وقوله:(فلم تعلموا) الخ
إشارة إلى أنّ قوله: ألم بروا للاستدلال على قدرته على الخسف والحصب، وقوله: أم لكم جند ففيه التفات كما يشير إليه كلام المصنف ونكتته المبالغة في التهديد ٠ قوله: (إلا أنه أخرج مخرج الاستفهام الخ) إشارة إلى ما قدمناه من أنّ أم المتصلة استفهامية فلا وجه لا يراد من الاستفهامية بعدها لأنّ كونها موصولة كما قيل: خلاف الظاهر ووجهه بأنه عدل عن مقتضى الظاهر لنكتة وهو أنهم لاعتقادهم نصر آلهتهم لهم أتى باسم الاستفهام بعدها تهكماً بهم كان النصرة مقررة وأنما الكلام في تعيين الناصر لهم، وقوله: فهو كقوله الخ لم يجعله على التقدير والفرض كما في الكشاف لتكلفه ولذا اختار هذا الوجه. قوله:(ومن مبتدأ وهذا خبره) وهي عنده استفهامية لا موصولة وهذا مذهب سيبوبه وفيه الأخبار عن المعرفة بالنكرة وهو جائز عنده إذا كان المبتدأ اسم استفهام أو أفعل تفضيل كما بين في محله، وغيره يجعل هذا مبتدأ ومن خبره وجوّز في من أن تكون موصولة مبتدأ أيضاً وهذا مبتدأ ثان والذي خبره والجملة صلة بتقدير القول أي أم الذي يقال في حقه هذا الخ فأم متصلة أو منقطعة والمعنى أمن له هذه الصفات العظيمة ينصركم وينجيكم من الخسف والحصب إن أصابكم أم الذي يقال فيه هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الله، وقوله: محمول على لفظه وهو الإفراد ولو روعي المعنى قيل: ينصرونكم. قوله: الا معتمد لهم) أي غير تغرير الشياطين، وهو في حكم العدم بيان لمعنى الحصر فيه، وقوله: أم من يشار إليه ويقال: الخ يشير إلى أنّ من هنا موصولة وأنّ هذا الذي مبتدأ وخبر وهو صلة بتقدير القول، وأنما قدر القول لاستهجان أن يقال الذي هذا الذي هو جند لكم ومن مبتدأ خبرها مقدر أي رازق لكم وجعل الذي خبراً عن الذي سمج جدا وقد صرّح في من السابقة بأنها استفهامية فذكر في كل منهما وجهاً للإشارة إلى صحة كل منهما كما جعل أم متصلة، ثثم ومنقطة هنا وأمّا دخول الاستفهام على الاستفهام فدفعه أنّ أم هنا بمعنى بل بدون استفهام في قوله أمّا ذا كنتم تعملون، وقد مرّ أنه لا مانع من اجتماع استفهامين فمن قال: إنه يلزم المصنف حكاية المفرد بالقول، وإنه يجوز إذا أريد بالمحكي لفظه أو كان من قال بمعنى تكلم فينصب المفرد فقد غفل عما أراده المصنف ومعنى يقال في شأنه هذا أنه يشار إليه بهذا تحقيراً له فتأمّل. قوله تعالى:( {أَفَمَن يَمْشِي} الخ) حال الهمزة معلوم فلا يفيد تقدمها الاستفهام عن السبب كما توهم ومن موصولة مبتدأ ويمشي صلته ومكبا حال من الضمير
المستتر فيه وعلى وجهه ظرف لغو متعلق بمكبا أو مستقرّ حال، والأوّل أولى وأهدى بمعنى أرشد خبر من. قوله: (وهو من الغرائب الأنه على عكس المعروف في اللغة من تعدى لأفعال ولزوم ثلاثيه ككرم وأكرمت، وله نظائر في أحرف يسيرة كأنسلى ريش الطائر ونسلته وأنزفت البئر نزفتها، وأمرت الناقة درت ومرتها وأشتف