للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانا لمسنا السماء من كلام الجن، أو مما صدقوه على القراءتين، لا من الموحى إليه فتخلل ما تخلل بينهما، وليس اعتراضاً غير جائز، إلا أن يؤول بما يجري مجرا. لكونه يؤكد ما حدث عنهم من تماديهم في الكفر، ولا يخفى ما فيه من التكلف. قوله: (ساد مسد مفعولي ظنوا) وإن مخففة من الثقيلة، ويجوز تقدير المفعول الثاني محذوفا، واعمل الثاني دمان خالف المختار، لأن ظنوا هو المقصود هنا، فجعل المعمول له أحسن، وأما كما ظننتم فمذكور بالتبعية، ومن لم يتنبه له قال إنه على خلاف المختار. قوله:) واللمس مستعار من المس للطلب (ظاهر كلامه ترادف اللمس: المس وقد مرّ تفصيله في الأنعام، وللطلب

متعلق بمستعار، والظاهر أنّ الاستعارة هنا لغوية، لأنه مجاز مرسل لاستعماله في لازم معناه، وجعل حرسا اسم جمع كرصد، لأنه على وزن يغلب في المفردات كبصر وبطر، ولذا نسب إليه فقيل: حرسي وذهب بعض النحاة إلى أنه جمع، والصحيح الأوّل ولذا وصفه بالمفرد، فقيل: حرسا شديدا، ولو روعي معناه جمع، إلا أن يكون نظر الظاهر وزن فعيل، فإنه قد يستوي فيه الواحد وغيره، وملئت حال إن كان وجد بمعنى صادف، ومفعول ثان إن كان من أفعال القلوب، وقوله: المتولد من النار بناء على أنه غير كوكب على ما قرره الحكماء، وفد مر تفصيله. قوله: (وإنا كنا نقعد الخ) قيل: إنّ الرجم حدث بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم، وانه إحدى آياته، والصحيح أنه كان قبله كما ورد في الأحاديث، وقد وقع ذكره في أشعار الجاهلية، لكنه كثر بعد البعث وزاد زيادة ظاهرة للإنس والجن، ومنع الاستراق رأسا، وعن معمر قلت للزهري أكان يرمي بالنجوم في الجاهلية، قال: نعم، قلت: أرأيت قوله: وانا كنا نقعد، فقال: غلظت وشدد أمرها بعد البعثة، وفي قوله: ملئت، دليل على أنّ الحادث الكثرة، وكذا قوله: مقاعد كما فصله الزمخشريّ، وقوله: وللسمع الخ، فيه لف ونشر للتفسيرين، ويصح جعل كل لكل. قوله تعالى: ( {فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ} ) في شرح التسهيل الآن معناه هنا القرب مجازاً فيصح مع الماضمي والمستقبل، وقوله: شهابا راصدا يعني أنه على الإفراط صفة لشهاباً، ويجوز كونه مفعولاً له، وقوله: ولأجله تفسير لقوله له، أو هو إشارة لذلك، وإذا كان مفرداً صفة لشهاب فهو ظاهر، وأما إذا كان كحرساً فوصف المفرد بالجمع مع اشتراط النحاة التطابق في الإفراد وغيره، لأنّ الشهاب لشدة منعه، واحراقه جعل كأنه شهب فوصف بالجمع، كما وصف المعي، وهو واحد الأمعاء بجياع في قوله:

كأنّ قتودرحلي حين ضمت حوالب غرزا ومعي جياعا

كما قال الزمخشري وغيره إنه جعل المعي لفرط جوعه بمنزلة أمعاء جائعة، فجمع النعت

مع توحيد المنعوت، وهذا وإن كان بعيدا من جهة العربية فهو أقرب بحسب متانة المعنى من تقدير ذوي شهاب، كما قيل في الآية والبيت. قوله تعالى: ( {وَأَنَّا لَا نَدْرِي} الخ الا يخفى ما

فيه من الأدب حيث لم يصرح بنسبة الشر إلى الله كما صرح به في الخير، وإن كان فاعل الكل هو الله، وقوله: في الانتصاف إنه من عقائد الجن الجامع بين الأدب وحسن الاعتقاد، مراده به التعريض بالزمخشريّ، والا فجعله من عقائد الجن لا وجه له كما لا يخفى. قوله: (المؤمنون) فسر الصالحين بالأتقياء الأبرار، ومن دونهم بالفسقة، وهو المراد بقوله: المقتصدون، وإن كان المقتصد المعتدل، وإن أمكن جعل دون بمعنى غير، وغير الصالحين شاملا للكفرة، لئلا يتكرر مع قوله: منا المسلمون ومنا القاسطون، وإن قيل إنّ التقسيم الثاني للناجي وغيره، وهذا للتقي وغير.، وهو مغاير له بالاعتبار، وحذف الموصوف بدون صفته، لأنه يطرد حذفه إذا كان بعض اسم مجرور بمن تقدم عليه، والصفة ظرف أو جملة، كما صرّح به النحاة، وفسر الطرائق بالمدّاهب، كما يقال طريقته كذا لمعتقده، وما هو حاله ولم يجعله منصوباً على الظرفية بتقدير في لأنه اسم خاص لموضع يستطرق فيه، فلا يقال للبيت والمسجد طريق على الإطلاق، وأنما يقال جعلت المسجد طريقا فلا ينتصب مثله على الظرفية إلا في الضرورة عند سيبويه هذا، وقال بعض النحويين هو ظرف لأنّ كل موضع يستطرق طريق كما في شرح الكتاب. قوله: (وهم المقتصدون) الذي في النسخ هم بضمير الجمع، وفي بعضها هو على أنه ضمير الموصوف، ولا وجه له رواية ودراية، وما قدره قبل طرائق ليصح الحمل لأنه ليس محل المبالغة، وقوله: أو كانت طرائقنا

<<  <  ج: ص:  >  >>