السابقة وهو إشارة لوجه الشبه بينهما، وقوله: وأصله القطع أيضا فيه تسمح أي أصله المأخوذ منه السبت بمعنى القطع وقد علمت ما فيه وتردد ابن الأنباري في ورود السبت بمعنى القطع والمسبوت من طال نومه كما مرّ. قوله:(غطاء يستتر بظلمته الخ (خص مزيد الاختفاء، وهو لباس أي كاللباس لإحاطة ظلمته لكل أحد لأنه في مقام الامتنان وهو نعمة أقوى من حقه كما قال:
وكم لظلام الليل عندي من يد تخبرأن المانوية تكذب
وبهذا يظهر حسن ذكره بعد النوم مع الإشارة إلى حكمة جعل النوم ليلا لأنّ النائم معطل الحواس فكان محتاجا لساتر عما يضره فهو أحوج ما يكون للدثار، وضرب خيام الأستار فانظر حسن هذا الاتساق. قوله:) وقت معاس) يعني أنه مصدر ميمي بمعنى المعيشة وهي الحياة، وقع هنا ظرفا كما يقال: آتيك خفوق النجم وطلوع الفجر لأنه لم يثبت مجيئه في اللغة اسم زمان إذ لو ثبت لم يحتج لتقدير مضاف فيه هذا ما ظهر من سياقه، وقيل: إنّ معاشا في كلام المصنف رحمه الله تعالى متعين للمصدرية، وأما في النظم فمحتمل لكونه مصدرا واسم زمان وتفسيره محتمل لهما وفيه نظر، ولما فسر السبات بالقطع عن الحركة أو بالموت فسر المعاس بما فيه الحركة أو بالحياة إشارة إلى ما بين قوله: وجعلنا النهار معاشا وقوله، وجعلنا نومكم سباتا فن المطابقة المعنوية كما بين قوله: وجعلنا الليل لباسا، وجعلنا النهار معاشا أيضا فالحياة في الوجه الأوّل على الحقيقة لأنّ المراد بالمعاش ما يعاس به فيكون وقته وقت الحياة الأولى، وفي الثاني الانبعاث من النوم فسمي حياة كما سمي النوم موتا مجازا، وقوله: أو حياة بالجر معطوف على قوله: معاش وتبعثون بمعنى تنتبهون، ولا يخفى تناسب القرائن وأنه ليس في بعضها زيادة استطرادية. قوله تعالى:( {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} ) عدل عن خلقنا هنا لأنه أريد تشبيهها بالقباب المبنية فلا يتوهم أنّ البناء ما يختص بأسفل البيت مع أنه غير مسلم. قوله:) من وهجت النار إذا أ! اءت (والمعنى سراجاً مشرقا منيرا مضيثا وجعل هنا متعد لواحد
ويجوز أن يتعدى لاثنين لكنه مخالف للظاهر للتنكير فيهما، وإن قيل السراج وهي لانحصارها في فرد كالمعرفة، وقوله: بالغاً في الحرارة أي متناهيا، وهو من صيغة المبالغة فيه. قوله: (شارفت أن يعصرها الرياح الما كانت المعصرات السحاب وهي معصورة لا عاصرة ومعصرة، والقراءة فيه باسم الفاعل فسروه على وجوه تبينه من غير تكلف منها أنّ الهمزة فيه للحينونة كما يقال: أجذاذاً حان وقت جذاذه أي جاء وقته، وهو المراد بالمشارفة هنا والأفعال يكون لهذا المعنى كثيرا كاحصد إذا حان وقت حصاده، أو الهمزة لصيرورة الفاعل ذا المأخذ كأعسر وأيسر، وقال الدينوري: لأنها مكنت الرياح من اعتصارها وانزال مطرها كآكل النخل إذا أمكن من ذلك ورد بأن الصواب إنه من العصر أو العصرة، وهي الملجأ قال:
فارس يستعيب غيرمعاب ولقدكان عصرة المنجود
قوله: (أو الرياح) فهو صفة الرياح والهمزة والأفعال بحاله أيضاً إذا كان من العصر، وقوله: أعصرت الجارية كان الطبيعة حان أن تعصر دم حيضها فإن كان من الإعصار وهي الريح الشديدة التي ترفع الغبار كالأعمدة فبناء أفعل التفضيل على هذا للنسبة، ونسبة الإنزال للمعصرات من باب بنو فلان قتلوا قتيلاً، ويجوز اعتبار التجريد ونقل الإمام عن المازني أن المعصرات السحائب ذوات الأعاصير فإنها لا بد أن تمطر مع الأعاصير، وهو الأظهر كما قيل ولا يخفى ما فيه فإنّ الإعصار ريح فكيف ينسب لنفسه فهو لا يصح بدون التجريد والمراد بكونه من ذلك الباب نسبة ما للبعض للكل لتعدده وكثرته ومن هذا علم وجه ترجيح قول المازنيّ فتدبر، وأما جعل المعصرات السموات كما روي عن الحسن، وقتادة ففيه تكلف وهو مبنيّ على أنّ المطر ينزل من السماء للسحاب فلذا تركه المصنف رحمه الله تعالى، والكلام عليه في الكشاف وشروحه. قوله:(وإنما جعلت مبدأ للإ. لزال الخ) إشارة إلى أنّ من هنا للابتداء، وقيل: إنها للسببية، وقوله: تدرّ بالدال المهملة أفعال من الدر وهو اللبن والأخلاف جمع خلف بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام، وهو ضرع الناقة وقوله: قرئ بالمعصرات أي بباء السببية، والآلية وفتح الصاد كما في بعض